ليس فقط عصير العنب يزداد جودة كلما زاد عمر، فبذوره أيضا بوسعها أن تنطوي على قيمة بحثية مهمة وبمساعدتها يحاول باحثون فحص جودة العنب الذي زرع في فلسطين في العهد البيزنطي. جاء ذلك بعد اكتشاف بذور عنب متفحمة عمرها 1500 عام في تنقيبات أثرية في نطاق المدينة البيزنطية "حالوتسا" التي سبقت مدينة بئر السبع المجاورة بقرون من ناحية مركزيتها في صحراء النقب. وتتم عمليات التنقيب عن الآثار البيزنطية في النقب بالتعاون بين جامعة حيفا وبين سلطة الآثار المصرية.
وتم اكتشاف بذور العنب المتفحمة داخل مجمع للقمامة في مدينة حالوسا التي دمرت مع مرور السنوات بسبب سرقة حجارتها. ويوضح البروفيسور جاي بار- اوز، أحد الباحثين المشاركين في المشروع أن التغيير في النظام الغذائي أو حتى الفخار يمكن أن ينطوي على تغيير في الثقافة أو العرق لدى سكان حالوتسا. كما يشير إلى إمكانية تحليل بقايا الحيوانات الميتة مثل الفئران، وخلال ذلك يمكن معرفة ما إذا ضرب المدينة مرض الطاعون". وينوه الباحثون إلى أهمية اكتشاف البذور التاريخية لأنه من الممكن أن تلقي الضوء على المزيد من المعلومات حول النبيذ من النقب الذي تميز بجودته وغلاء سعره وكان يسمى أيضا بـ "نبيذ غزة"، على اسم الميناء الذي كان يشحن منه لبقية الإمبراطورية البيزنطية، كما جاء في تقرير لصحيفة "القدس العربي" اللندنية
ويرجح الباحثون أن جودة نبيذ النقب تعود لنمو كرمة العنب في مناخ صحراوي وكان يزرع على الاغلب مع استخدام قليل للمياه. ويؤكد بار عوز أن "انتاج النبيذ يمكن أن يتأثر كثيرا بتغيير المناخ ولذلك يعول أهمية كبيرة على اكتشاف البذور المذكورة التي سيعاد زرعها والوقوف على جودة العنب والنبيذ الصحراويين .
ويقول بار عوز إنه سيتم إعادة تشكيل هذه البذور من خلال إعادة بناء مادة الحامض النووي DNA. ويوضح أن هناك ثلاثة تفسيرات رئيسية لسقوط المجتمع البيزنطي في النقب خلال القرن السابع ميلادي وهي: " تغير المناخ، والفتح الاسلامي، ومرض الطاعون" حيث ساهمت جميعها في سقوط هذه المدينة البيزنطية. بيد أنه يحرص على التنبيه إلى أنه لا يملك أدلة مادية قاطعة على ذلك وأن ما يقوله ينم عن تقديراته الشخصية وهي بالمناسبة تتناقض مع دراسة إسرائيلية صدرت في كانون الثاني/ يناير الماضي تؤكد أن المسلمين لم يمسوا بالحضارة البيزنطية.