تحلّ اليوم الاثنين 9 مارس ذكرى وفاة الشيخ محمد الغزالى أحد أهم كبار المجددين في الفكر الإسلامي، وهو اليوم نفسه الذي رحل فيه رائد اليقظة الإسلامية جمال الدين الأفغاني.
الشيخ الغزالي كان مهموما بتقدم أمته ،ظلّ الى آخر رمق يشد أزرها، ويجمع قوتها ، لكيلا تتخلف عن ركب التقدم العالمي، ويا للمفارقة، فقد فاجأته أزمة قلبية – كما تناقلت وكالات الأنباء- توفي على إثرها وهو يلقي محاضرة في الرياض بعنوان "الاسلام والغرب"!
ذكرى رحيل الشيخ الغزالي تثير أسئلة كثيرة عن التجديد في الفكر الإسلامي الذى صرنا نسمع جعجعة عنه ، ولا نرى طحنا، ولماذا اختفى المجددون الحقيقيون؟ وماذا قيل عن هذا الإمام الفذ الذي افتقدته الأمة الإسلامية وهي تخوض حربا ضروسا ضد أعدائها في الداخل والخارج ؟
البداية من أحد أهم المقربين من الشيخ الراحل وهو الشيخ د. يوسف القرضاوي الذي نشر في موقعه على "تويتر" منذ قليل مقالا قديما له بعنوان "وأخيرا هوى النجم"، نعى فيه العلاّمة الغزالي ، وجاء في مقال القرضاوي:
"وأخيرا هوى النجم الساطع، واندك الجبل الأشم وطوى العلم المنشور، وغابت الشمس المشرقة، وترجل الفارس المعلم، ومات الشيخ الغزالي في 9 مارس 1996″. وأضاف القرضاوي: "أخيرا فقدت الامة الاسلامية علم الأعلام، وشيخ الاسلام ، وإمام البيان، ورجل القرآن.. مات الشيخ الغزالي وهو في قلب المعركة لم يلق السلاح، ولم يطو الشراع، بل ظلّ يصارع الأمواج ويواجه العواصف التي هبت من يمين وشمال على سفينة الاسلام".
واختتم القرضاوي رثاءه للشيخ الغزالي بقوله: " شيخنا الحبيب.. لا نجد كلمات في روعة بيانك، نودعك بها، كل ما نقوله لك: "إن العين لتدمع، وظغن القلب ليحزن، ولا نقول الا ما يرضي ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون".
محمد عمارة: قلب نوراني عشت سناه
أما المفكر د. محمد عمارة أحد المقربين من الشيخ الغزالي، فقد قال لصحيفة "رأي اليوم" اللندنية إن الشيخ الغزالي لم يكن مجرد عالم مجتهد ومجدد ، ولا مجرد داعية حامل لهموم أمته ، وإنما كان قلبا نورانيا عاش في سناه عارفوه الذين اقتربوا منه .
وأضاف د. عمارة أن الشيخ الغزالي كان له تعريف مميز للإسلام بأنه قلب تقي وعقل ذكي"، ولذلك كان من الذين عملوا على انقاذ الثقافة الاسلامية من الفصاد النكد بين العقل والقلب.
واختتم د. عمارة مؤكدا أن الشيخ الغزالي كان واعيا بضرورة اصلاح الداخل الاسلامي والذات الاسلامية ، لزيادة المناعة ضد الزحف الغربي على المسلمين، مذكرا بمقولة الشيخ الغزالي: "الجهد الأول المطلوب هو تحريك قافلة الاسلام، التي توقفت في وقت تقدم فيه حتى عبيد البقر، وسوف تتلاشى هذه التحديات كلها يوم يعتنق المسلمون الاسلام ، ويدخلون فيه أفواجا حكاما وشعوبا".
طارق البشري: أعظم مجددي الاسلام في العصر الحديث
أما المستشار طارق البشري نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، فقد وصف الشيخ الغزالي بأنه "أعظم مجددي الفكر الاسلامي في العصر الحديث، ومن بعده الشيخ يوسف القرضاوي".
وأخيرا فإن ذكرى رحيل الشيخ محمد الغزالي تعيد طرح تساؤلات كثيرة عن التجديد الحق في الفكر الاسلامي، ومن يحمل لواءه؟ ون يعيد الأمة العربية والاسلامية الى سابق مجدها وعزها وقوتها؟ أم أن هذه أمنية أصبحت عزيزة المنال في ظل ما تشهد البلاد الاسلامية من انقسام وتشرذم وانهزام؟ّ