قرارات المجلس المركزي استراتيجية أم تكتيك ؟

بقلم: عماد أبو الروس

يعتبر المجلس المركزي الفلسطيني هيئة منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني، والذي مازال مُحتكراً من قِبل ثلة تتفرد بالقرار الفلسطيني دون إشراك عام للفصائل الفلسطينية الأخرى، وأي كانت قراراته سواء سلبية أو ايجابية فهي لا تساوي أكثر من حبرٍ على الورق ، مادامت ناتجة بشكل مُتفرد دون مشاركة من الفصائل ككل.

بالأمس أقر المجلس المركزي قرارات هامة تعتبر محورية في طبيعة الصراع مع الاحتلال وطبيعة العلاقة بين الفلسطينيين أيضاً، أهمها وقف التنسيق الأمني، والتعاون المشترك مع الاحتلال الإسرائيلي الذي أفرزته اتفاقية أوسلو بهدف كبح ومحاربة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.

أتت هذه القرارات بعد احتجاز الاحتلال لأموال السلطة منذ أشهر، وبداية أزمة خانقة تعصف بمؤسساتها، غير أننا كنا نتمنى أن تأتي هذه القرارات وفق استراتيجية فلسطينية شاملة ، تُعبر عن إرادة الفلسطينيين، لا أن تكون لأسباب مُتعلقة بالاستفزازات الاسرائيلية المتتالية والتي أطبقت حبال العجز على رقاب السلطة.

كل هذه المعطيات تدفعنا لأن نتسائل :ألا تستحق دماء الشعب الفلسطيني التي سالت طوال السنوات الماضية ولا زالت ، تحركاً قوياً كالذهاب بشكل جدي نحو محكمة الجنايات الدولية ومقاضاة الاحتلال ومحاسبته قانونياً بدلاً من المماطلة والتسويف ؟!!!.

كذلك ، ألا تُعتبر المصالحة الفلسطينية استراتيجية يجب أن تُدركها منظمة التحرير الفلسطينية منذ سابق سنوات مضت أكهلت وأعيت القضية ،أم أن المصالحة باتت مرهونة بممارسات الاحتلال وغطرسته التي لا تتوقف؟!! ألم تدرك السلطة بعد مساوئ اتفاقية باريس الاقتصادية إلا بعد حجز أموالها مؤخراً؟؟!!

نحن لا ننقص هذه القرارات والتي نتمنى أن ترى النور ميدانياً وواقعياً لأنها قرارات مطلوبة، ولكن من يريد أن يقرر عليه أولاً أن يتجه نحو " مصالحة القرار " مع الفصائل الفلسطينية جمعاء ودون إستثناء، وفق رؤية واستراتيجية اجماع وطني فلسطيني كجسم يواجه الاحتلال بكافة أشكال المقاومة دون انتقاص أو تنصل لأي شكل.

الفلسطينيون بشكل عام في هذه المرحلة بحاجة لبلورة رؤية يجتمع حولها كافة أطياف الشعب الفلسطيني، هذه الرؤية يجب أن تكون نابعة من صدق النوايا ، فضلاً عن التفكير بشكل جدي بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني لمواجهة الاحتلال وسياساته المُذلة، وهذا الأمر لا يحتاج لأن يعقد المجلس المركزي أو مجالس المنظمة جلسات للتصويت عليه أو مناقشته، بل يحتاج للإعلان عن مصالحة وطنية شاملة وتشكيل مجلس وطني مؤقت من كافة الفصائل.

نحن اليوم بحاجة لقرارات توقف الهيمنة والتغول في الضفة الغربية على صعيد الإستيطان والاقتحامات والاعتقالات اليومية، والاعتداءات المستمرة في القدس، والتحكم بأموال المقاصة والضرائب، وملف الاعمار وكسر الحصار عن قطاع غزة، فنحن بحاجة لقرارات جريئة نحو المصالحة السياسية والمجتمعية الشاملة، وليست لقرارات مبنية على ردّات فعل.

ولكن _وكما يقولون_ أن تأتي متأخراً خير لك من ألا تأتي أبداً، فمثل هذه القرارات إن تم تطبيقها جدياً وفعلياً فإنها تعتبر تصحيح لمسار منحرف استمر سنوات طوال لم يجني منها الشعب الفلسطيني سوى صفر كبير، لكنها بحاجة أيضاً لأن تدخل في دوائر تقوي هيمنتها لا أن تضعفها ، ولا تتحول لتوصيات ترفع للجنة التنفيذية مما قد يعيق تطبيقها، وأولى الخطوات هو الدعوة لإنعقاد المجلس الوطني المؤقت بكافة الفصائل للتباحث بالقرارات وبلورتها وإخراجها لحيز التنفيذ والتطبيق الجدي بشكل مدروس.

فهل نحن فعلياً أمام تغير دراماتيكي في العلاقة بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، والعلاقات الداخلية الفلسطينية؟ وإن كانت كذلك فهل ستصمد أمام الضغوط الاسرائيلية والأمريكية؟ أم أنها قرارات مبنية على تقاطعات تكتيكية تهدف لتحسين شروط التفاوض في المرحلة المقبلة، والتأثير على سير الانتخابات الاسرائيلية والضغط على الاحتلال للإفراج عن أموال السلطة المحتجزة؟

بقلم/ عماد أبو الروس