الفشل الإسرائيلي، والنجاح الفلسطيني

بقلم: مازن صافي

أكثر ما تخشاه (إسرائيل) هو المقاطعة المدنية لها في الدول الأوروبية، وبدأت هذه المقاطعة في الظهور العلني بمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والجولان المحتل، وكذلك اتساع رقعة المقاطعة الأكاديمية لـ (إسرائيل)، بالإضافة لقيام برلمانات هذه الدول بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أو قد أجرت الكثير من التهيئة الدبلوماسية نحو ذلك، وتزامن ذلك مع التدهور الفعلي لمكانة (إسرائيل) عالمياً، وإرهاقها سياسياً، وأحدث هذا ردود فعل أظهرت معالم الضغط الإسرائيلي الإعلامي المتواصل لغرض التأثير على كثير من هذه الدول وغيرها، من خلال المنظمات الصهيونية لإخراج (إسرائيل) من عزلتها ووقف حملات مقاطعتها العالمية المتنامية، سياسياً وأكاديمياً واقتصادياً، والتخفيف من تزايد التعاطف الشعبي العالمي، و"الغربي" منه خصوصاً، مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، ومحاولة لمنع الصلاحيات التي أصبحت متاحة للفلسطينيين بعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين عضو مؤقت في الأمم المتحدة 2012م، ولكن كل ذلك جاء متأخرا، فلقد كان المجال مفتوحا، لمنظمة التحرير الفلسطينية للانضمام المباشر إلى عدد من مواثيق ومعاهدات وبروتوكولات هيئة الأمم المتحدة، أهمها بروتوكول محكمة الجنائية الدولية، فكان الالتحاق الفلسطيني القانوني والسلس للهيئات الدولية وأساسا للمحكمة الجنائية الدولية نافذ المفعول وفي انتظار البدء في تطبيقه في الأول من نيسان القادم، وقد تم وصف (إسرائيل) الوضع الجديد بأنه “تطوّر نوعي غير متوقّع”، وظهر عجز الإدارة الأمريكية أمام ذلك، وفشلت كل ضغوط وتهديدات وابتزازات حكومة الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية، وتحول الأمر إلى مأزق أمريكي في الأمم المتحدة، وحاصرت (إسرائيل) نفسها وأصبحت تبحث في كيفية منع قبول الطلب الفلسطيني في محكمة الجنائية الدولية، مما دللَّ على نجاح الخطوات الفلسطينية.

لقد فشل بنيامين نتنياهو في منع أعراض الصدمة السياسية وأصاب الهوس القرار الإسرائيلي، ولم تسعفه كل طلبات النجدة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي سقط أيضا في الرهان بالرغم من إعلانه المتبجح أن السلطة الفلسطينية ليست دولة ذات سيادة، وبالتالي فهي غير مؤهلة للانضمام لمحكمة الجنائية الدولية، قد جاء متأخرا جدا، ولا يمكن أي تأثير على أي من الدول لمنع ذلك، وهنا عبر الفلسطينيون الطريق الدولي لمحاكمة قادة الاحتلال على كل جرائمهم وتقييدهم للحريات واستمرار اعتقالهم للفلسطينيين.

نتيجة الفشل الإسرائيلي والأمريكي المزدوج، وتدهور مكانة (إسرائيل) في السّاحة الدوليّة، قامت (إسرائيل) بتصعيد واضح في سياستها المستمرة بالاستيطان ومصادرة الأراضي والتهويد وخنق القدس، والعدوان والتهديد بحرب جديدة، والتوعد للقيادات الفلسطينية واحتجازهم ومنع حركتهم، وتنفيذ سياسة القرصنة الإسرائيلية بتجميد تحويل عائدات السلطة الفلسطينية المالية المستحقة في مسلسل ونهج متدحرج يراد به تدمير المؤسسات الفلسطينية، وتهيئة الظروف لنشر الفوضى، للتخلص من السلطة الوطنية الفلسطينية، أو تحجيمها وتقليص المعونات والاستحقاقات المالية، وإعاقة تقدمها نحو انتزاع الحق في الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

بقلم/ د.مازن صافي