قصة حب بغزة تنتهي بـ"الفحص" ..!

لم تدم قصة حب جمعت شاب وفتاة في غزة بعد علاقة عاطفية استمرت لأكثر من عقدين ،منذ تفتحت عيونهما على الحياة في بيت عائلتهما المشترك كأبناء عم، كي يوضع لها حدا عند مشارف الخطوبة ويفسخها تماما "فحص!"
ما سبق ليس مقتبسًا من مشهد هوليود أو حتى مستمدًا من مسلسل عاطفي، بل هي تفاصيل حكاية يرويها الشاب "خليل.د"، مع ابنة عمه "رنا.د"، بدأت منذ صغرهما حين قرر أبويهما "بأن كل واحد منهما للآخر" من باب الدعابة والمزح وتقوية أواصر العائلة التي تفضل ابن العم عن الشاب الغريب.
كبر خليل صاحب الـ(23 عامًا) مع ابنة عمه رنا الـتي تصغره عاما واحدا سويًا تجمعهما ذات الطفولة بكل تفاصيلها يرتادان ذات المدرسة ويدرسان سويًا يتنافسان معًا حتى على ذات المعدل الدراسي، حتى الدراسة الجامعية جمعتهما سويًا.
يقول خليل ، إن "ابنة عمه سحرته بجمالها منذ صغرها، وبات معروفًا أنهما لبعض أشبه ما يكون بارتباط ينقصه عقد الزواج، حتى موائد الطعام التي اتقنت اعدادها منذ الصغر كانت المفضلة بالنسبة له حتى على مائدة أمه".
"
بات كل منهما يحلم بالآخر تربطهما أواصر علاقة عاطفية اشتدت مع مرور الزمن، لحد كان يصرخ على أي شخص يبكيها"، هنيهة من الوقت يصمت فيها خليل التي باغتت دموعه عيناه وهو يروي قصته، ويكمل " كنت استرق اللحظة التي اراها فيها واتحجج بأي شيء كي أشاهدها وأجالسها على مائدة طعام اصر على والدتي ان تدعوها الينا"، هكذا يقول.
ومع مرور الأيام وحين كبر سنهما وباتا على مشارف الزواج، جاءت اللحظة التي يحقق فيها الأبوين وعدهما لزواج خليل مع رنا، فقد اتفقا على كل شيء بخصوص المهر وموعد كتب الكتاب.
لم يصدق خليل هذه اللحظة، وجاء الوقت الذي يعبر فيه لابنة عمه عن مشاعره تجاهها، وهي تبادله بصمت مغلوف بالبكاء، من شدة فرحتها، وبدءا يرسمان مستقبل سيجمعهما بعد ايام قريبة حين يكتب الكتاب ويصبحان زوجين أمام الناس".
حتى بيتهما المستقبلي باتا يخططان لبناءه سويًا، يختاران مستلزماته بعناية، وترك خليل لمحبوبته أن تختار ما تشاء "فهي صاحبة ذوق رفيع"، وقد شارفا سويا على الانتهاء من بناء الشقة واختيار مستلزماتها، وفق قوله
بقي يومان للموعد المحدد لكتب الكتاب وتغير حال رنا إلى الدرجة التي أثارت الخوف في قلب خليل، "ترى ما بك، رنا هل ما تخبيئنه، ما سبب دموعك"، كانت تجيبه " لاشئ فهي علامات الفرح ومن حبي للحظة التي تجمعنى بك!".
بات كل منهما بانتظار صباح اليوم الذي سيبدآن فيه تجهيز اجراءات عقد القرآن في المحكمة، وفضلت رنا تأخيره ليوم واحد فقط قبل أن تتراجع تحت رجائه ، حيث كانت الصدمة التي فصلت العلاقة بينهما وللأبد وأحالت فرحهما المنشود إلى عزاء، بوصف خليل.
يستحضر خليل هذه التفاصيل المؤلمة مع دموع تستل عيونه غيلة، فيقول" ذهبنا سويًا إلى المستشفى لاجراء فحص "الثلاسيما" التي تشترط المحاكم اجراءه قبل عقد القران، وحصل ما لم يكن بالحسبان".
فتبيّن من خلال الفحوصات أن كلًا منهما حاملًا لهذا المرض، وهو الامر الذي يبطل عقد القرآن خشية أن ينجبا اطفالًا مصابين بالمرض!.
لم يصدقا في البداية هذه النتيجة وعادا الفحص مجددًا، وقبل أن تعلن النتيجة مرة أخرى هوت رنا على الأرض مغشي عليها، أما خليل فلم يعد يستحضر من تفاصيل المشهد سوى لحظة ايقاظه من الاطباء في أحد اسرة المستشفى.
وبتنهيدة يقول خليل " لم أصدق أن تكون هذه النهاية، فضلت الموت، ترى ماذا أفعل في هذا البيت الذي اختارت فيه رنا كل تفاصيله"، أمّا رنا فتحول فستانها التي فضلت استئجاره لحفل قرانها وباتت تفضل عليه الكفن ، فهي التزمت فراشها منذ سماعها النتيجة وأعيت الدموع عيناها، عدا عن حالة الحزن التي سادت اجواء المنزل.
خليل يصف المشهد بالقول " مراسم الفرح تحولت لاشبه بعزاء" اما مستقبله فكان يراهن على مغامرة تقضي بالهروب مع ابنة عمه للزواج في أي مكان اخر في العالم، لولا دفعه اهله ، فهي أقدار لا يمكن الهرب منها".
لحظات قليلة تلاقت فيها عيناهما نظرت صوبه ثم اغلقت عيناها وهي تصرخ، وأغمض الاخر عينه ليفتحها مجددا على سرير المرض، مشهد كاف ليسدل الستار عن قصة حب، نادرًا ما يتناقل مثلها الغزيون لأسباب مجتمعية، "اغمضنا عينينا فلا لغة تصف قهرنا".
ويعرف مرض الثلاسيما بإسم مرض فقر دم حوض البحر الأبيض المتوسط وهو مرض وراثي يؤثر على كريات الدم الحمراء وينتشر في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وقد يسبب الوفاة عند المصابين.

تقرير من /سامي مشتهى

 

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -