سبعة وستين عاما من النكبة والجرح ما زال ينزف

بقلم: رمزي النجار

تمر السنين تلو السنين ويقف الشعب الفلسطيني في أيار من كل عام مع ذكرى أليمة لن ينساها طوال حياته ووجوده على هذه الأرض، ذكرى النكبة والتهجير الأول في العام 1948 واقتلاع واستئصال الشعب الفلسطيني من أراضه بالقوة وقيام دولة إسرائيل عليها، الذكرى السابعة والستين للاقتلاع والتشريد والإرهاب بحق شعب أعزل يحب السلام والعدل، سبعة وستين عاما من التشريد والعذاب والمعاناة والآلام تحملها الشعب الفلسطيني بكل ما تحملها معاني الحروف المبعثرة من المعاناة المستمرة لقصة النكبة، سبعة وستين عاما من التشريد والتشتيت في مختلف زوايا وأصقاع العالم، سبعة وستين عاما من الشجب والاستنكار والتنديد الدولي وما زال الشعب الفلسطيني هائم على وجهه، منكوبا بعد أن سلبت حقوقه وانتزع من أرضه لتوطين ولملة أناس جاءوا من مختلف أنحاء العالم ليسكنوا في أرض ليست أرضهم، سبعة وستين عاما والاحتلال يسابق الزمن لرسم الحدود في أرضنا وفق ما يريد وفرض الأمر الواقع على الأرض يغير حقائقها وشواهدها ويقوض إمكانية قيام دولة فلسطين، فالاحتلال الاسرائيلي يواصل عمليات الطرد والتهجير القسري التي تمارسها حكومات إسرائيل المتعاقبة بحق الشعب الفلسطيني، من خلال مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها وتهويد القدس، وكأنه لا يحق للفلسطيني إلا أن يعيش في الخيام!! والجرح كبير وعميق وما زال ينزف.

وبعد سبعة وستين عاما من الامتهان لحقوق الفلسطينيين، وبعد مرور كل هذه السنين على نكبة الفلسطينيين الكبرى من حق شعبنا أن يتساءل عن الحقوق التي نالها بعد الظلم التاريخي الذي لحق به ولم يسبق له مثيل في العالم، أين عشرات القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة التي تقضي بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء الطرد القسري وتدمير بيوتهم وقراهم، ولماذا ترفض دولة الاحتلال على الدوام تنفيذ القرارات الصادرة عن الشرعية الدولية دون ردعها والزامها واجبارها على تنفيذ القرارات الدولية، لماذا يقف المجتمع الدولي عاجزا أمام دولة الاحتلال المارقة التي تعتبر نفسها فوق القانون الدولي، فأي عالم هذا الذي يسوده كل شيء إلا العدل، سبعة وستين عاما والشعب الفلسطيني بانتظار العدالة الدولية وتنفيذ حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم وفق قرار الأمم المتحدة رقم 194.

تمر كل هذه السنين وشعبنا الفلسطيني ما زال يحمل متاعه وأحزانه وذكرياته ومفاتيح بيوته، وما زال بعض كبار السن من أجدادنا يحتفظون بوثائق ومفاتيح بيوتهم التي هجروا منها عنوة، وتستمر الرحلة الطويلة في درب الآلام والمعاناة والتضحيات لشعبنا وأهلنا في كافة مواقع اللجوء والشتات الذين يعانون الأمرين في مخيماتنا الفلسطينية في لبنان وسوريا وخاصة مخيم اليرموك الجريح والمحاصر من جماعات لا تريد الخير للقضية الفلسطينية بإعادة تهجير أهلنا في مخيم اليرموك خدمة للاحتلال والتساوق مع مخططاته، والأدهى من ذلك نكبتنا الداخلية في حالة الانقسام الداخلي الفلسطيني التي تراود مكانها، وقيادات شعبنا ما زالت غير قادرة علي رأب الصدع في الساحة الفلسطينية بين أبناء الوطن الواحد.

ورغم انصرام كل هذه السنوات بما حملته من ذكريات مريرة وأليمة في ذاكرة الفلسطيني الذي تكالبت عليه أغلب القوى لتحويله إلى لاجئ حتى في أرضه، إلا انه لا يزال يحمل هويته ووطنه في قلبه يصمد ويقاوم من أجل حقوقه، فلسطين تعيش اليوم في قلوب ما يقارب من عشرة مليون فلسطيني يعيشون في الوطن والخارج، وستبقى كذلك حتى يسترجع الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة المكفولة دوليا، ويبقى حق العودة حق ثابت لا يملك أي كان حق التنازل عنه أو التفريط به ، بما يشكله من بعد وطني وقيمي وحق فردي وجماعي للاجئين، لأنه يشكل جوهر الصراع وجوهر القضية الفلسطينية، فهذه الأرض مدموغة بالهوية الفلسطينية، ويستحق شعبنا أن ينعم بالحرية والاستقلال بعد هذه العقود الطويلة من العذاب والحرمان والمعاناة.

بقلم/ رمزي النجار