المشروع الأمريكي للمنطقة،مشروع الفوضى الخلاقة،مشروع تقسيم المقسم والتجزئة والتفتيت،وإعادة تركيب الجغرافيا العربية خدمة لهذه المشاريع،يبدو ان وتائره تسير بشكل سريع،وسيصبح التقسيم فعلي وقائم،إذا لم تتكاتف وتتوحد كل القوى،قوى المقاومة من طهران وحتى فلسطين،جيوش وقوى مقاومة شعبية وشعوب،حيث التحالف القائم بين القوى الإستعمارية وفي مقدمتها أمريكا وفرنسا ومشيخات النفط والخليج العربي وجماعة التتريك و"اسرائيل"،يعبر عن أهدافه الخبيثة الآن بشكل جلي وواضح،فنائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" تحدث علناً عن تقسيم العراق الى ثلاث دويلات(سنية،شيعية وكردية" وساق الحج والذرائع لذلك،وهذا المشروع سيطال سوريا والأردن ومصر ولبنان وليبيا واليمن،والسعودية المتورطة فيه لن تكون بمنأى عنه.
ساحة الإشتباك بين مشروع المقاومة،مشروع حماية الأمة والدفاع عن وجودها وكرامتها وعزتها،وبين المشروع المعادي ممتدة من صنعاء وحتى فلسطين.هذه المعركة تزج فيها القوى المعادية بكل ثقلها وإمكانياتها وطاقاتها،مستعينة بالقوى التكفيرية التذبيحية الداعشية بتشكيلاتها المختلفة "داعش" و"نصرة" قاعدة" "جيش الفتح "و"السلفية الجهادية" وغيرها من المنتوجات والمسميات واليافطات والعناوين لنفس المصنع،تتبدل وتتغير فقط للمهمة ولجهة التسويق والهدف منها.
حلقات الإشتباك مترابطة ولا يمكن فصلها،والتصعيد الجاري حالياً والدفع ب"داعش" لاحتلال الرمادي في العراق وتدمر في سوريا،لها علاقة بهذا المشروع،مشروع التقسيم والتجزئة،وكذلك هذا مرتبط بشكل وثيق وقوي بإقتراب موعد التوقيع على الإتفاق النهائي بين طهران وواشنطن على البرنامج النووي الإيراني في نهاية شهر حزيران القادم،حيث أن التصعيد السعودي تجاه اليمن و"الحوثيين" على وجه التحديد،ورفضها لأية حلول سياسية يكون الحوثيين جزء أساسي منها،وتزويد "الدواعش" و"النصرة" بأسلحة حديثة جداً وضخ أضخم احتياط بشري تكفيري شيشاني وتركماني وعربي وعجمي وأجنبي عبر تركيا الى سوريا وإحتلالهم لادلب والشاغور وتدمر،بالتزامن مع احتلال"الدواعش" للرمادي في العراق،وخلق حالة من التواصل بين باديتي الشام والعراق،والسيطرة على الحدود العراقية السورية،في ظل صمت وتواطؤ أمريكي-اوروبي غربي،يثبت بأن ما يجري هو بدعم ومشاركة امريكية.
السعودية وتركيا و"إسرائيل" تريد إجهاض الاتفاق النووي الإيراني بكل طرق،وتعتقد بأن تعديل ميزان القوى العسكري على الأرض وإحداث اختراقات جدية في الساحتين السورية والعراقية،سيضعف ايران،ويحد من قدراتها على دعم حلفائها في العراق وسوريا واليمن،ويجبرها على تقديم تنازلات جدية في إطار التوقيع على الاتفاق مع أمريكا،لأن توقيع الإتفاق يعني تحرر الإقتصاد الإيراني من الضغوطات ومضاعفة انتاجها البترولي بشكل كبير والإفراج عن اموالها المحتجزة،وهذا سيمكن ايران من أن تفرض نفسها كقوة إقليمية مقررة في شؤون المنطقة،وبما يعزز من دورها وحضورها ودور وحضور حلفائها.
غزوة وفتوحات "داعش" للرمادي وتدمر مرتبطة بهذا الإتفاق،ولذلك ردت ايران بشكل قوي على التصريحات الإمريكية،بأن توقيع الإتفاق مع ايران يشمل استجواب علمائها وتفتيش منشأتها العسكرية،حيث قالت قيادتها السياسية والعسكرية بأنها لن تسمح بأي شكل بتفتيش منشأتها واستجواب علمائها حتى لو أجهض الإتفاق.
المشروع الذي يتهدد دول المنطقة وشعوب المنطقة ومجتمعات المنطقة وجيوش المنطقة هو هذا المشروع التكفيري والتذبيحي المتوحش الذي نشهده الآن.
نحن الآن امام خطر وجدي حقيقي،مشروع يوازي في خطورته المشروع الصهيوني،نحن امام مشروع قائم ويتحرك ويمشي على الأرض،يقتل،يدمر،يسفك دماء يفجر دور عبادة،ينهب ويدمر تراث وحضارات عريقة،يهجر طوائف واقليات،مشروع الداعشية،مشروع المعاداة للبشرية والإنسانية والحضارة،هذا المشروع ممتد من جبال طورا بورا في افغانستان وفي الشيشان وباكستان والعراق وسوريا وليبيا ومصر اليمن وحتى شمال افريقيا ونيجيريا،جماعة بوكو حرام بايعت خليفة داعش،وداعش عبرت عن وجودها في السعودية بتفجير جامع القطيف،يعني جماعة لها فكر ومنهج واتباع وبيئة حاضنة.
نحن الان امام معركة وجود نكون او لا نكون،وامام خطر لم تشهده المنطقة في السابق لا قديماً ولا حديثاً،عرفت المنقطة الإحتلالات بانواعها المختلفة،كان الإستعمار ياتي لكي يحتل الأرض،يسيطر على الثروات والمال والمياه والسلطة،وكذك الان على الغاز والبترول والأسواق والقرار السياسي،ولكن لم تكن لديهم مشكلة في ان يبقى السكان بمختلف مذاهبهم ومشاربهم الفكرية والدينية وطوائفهم في العيش في إطار المنطقة الجغرافية والدولة.
الآن نحن امام فكر لا مثيل له في التاريخ،ويشكل خطر ويستهدف الوجودات البشرية الأخرى،نحن نواجه عصابات مجرمة تمارس القتل من اجل القتل،لا علاقة لها بفكر ولا منهج ولا رؤية ولا فقه، نحن اليوم أمام مشروع، أمام جماعات، أمام خطر، هو لا يتحمل وجود الآخرين، هنا خطأ أن يصف أحد، وأن يقول هذا وضع سني في مقابل الشيعة، أو وضع سني في مقابل المسيحيين، أو وضع سني في مقابل بقية الطوائف والاتجاهات الدينية، أبداً. هذا وضع متوحش تكفيري في مواجهة كل شعوب هذه المنطقة.
الخيار الحقيقي والصحيح هو أن تعتمد الدول المستهدفة قيادة ومقاومة وشعوب (عراقيون ،سوريون،يمنيون وغيرهم) وكل شعوب المنطقة،كما قال سماحة السيد حسن نصرالله" على أنفسهم، أن يشحذوا هممهم، أن يثقوا بقدراتهم، أن يتعاونوا ويتكاتفوا ويعضدوا بعضهم بعضاً، وأن يبحثوا عن الأصدقاء الحقيقيين الصادقين ليقدموا لهم الدعم والمساندة، ،أن يعلموا أنهم بالوعي والإرادة قادرون على إلحاق الهزيمة بهذا المشروع التكفيري الظلامي المتوحش. هم ليسوا أقوى من إسرائيل، هم ليسوا اقوى من أميركا، وحركات المقاومة وشعوب المقاومة في هذه المنطقة ألحقت الهزيمة بإسرائيل والهزيمة بأميركا. الذي يلعب هنا هو التضليل، هو العبث، هو الفراغ، هو الحيرة. يجب أن نخرج من هذه المرحلة ونعلم أننا قادرون باعتمادنا على قدراتنا الوطنية، على شبابنا، وعلى جيوشنا، وأن يحلّوا خلافاتهم والملفات المتنازع عليها بينهم في كل هذه البلدان، لأن المعركة معركة وجود، هي معركة وجود العراق وشعب العراق، معركة وجود سوريا وشعب سوريا، معركة وجود لبنان وشعب لبنان".
بقلم/ راسم عبيدات