عندما نقف امام صمود الاسرى والاسيرات ، نقف وقفة شموخ واعتزاز ، فكيف لا وهم يكتبون بصمودهم وتضحياتهم ارادة سوف تنتصر على السجان ، نعم يقف عدنان خضر شامخا مضربا عن الطعام ، بينما يقف القائد الوطني الكبير احمد سعدات مهددا بانه في حال استمرار منع زيارته سيعلن الاضراب عن الطعام ، ونحن هنا نسجل لكل الاسرى الذين خاضوا ويخوضون معركة الامعاء الخاوية ان ارادتكم وصمودكم ستنتصر على السجان والاحتلال الصهيوني ، ومن خلالكم ستنتصر ارادة الشعب الفلسطيني .
لقد عمدت دولة الاحتلال الاسرائيلية ومنذ الأيام الأولى للاحتلال ان تجعل من السجون أداة لقمع الشعب الفلسطيني وإسكات صوته المنادي بالحرية وتكبيل حركته في سبيل الحرية و الاستقلال وجعلت من السجون عقاباً جماعياً للشعب الفلسطيني واليوم يقبع في سجون الاحتلال الصهيوني أكثر من ستة الاف اسير وأسيرة محكومين بشتى الأحكام التعسفية وأقسى وأبشع أشكال التعذيب والتنكيل بهدف إحداث هزيمة نفسية لهؤلاء المناضلين وكسر إرادتهم ، بينهم العشرات من الأطفال الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة عشر.
من هنا نرى أن دولة الاحتلال لاتسجن هذا العدد من الاسرى وحسب بل انها في حقيقة الأمر تسجن الشعب الفلسطيني وتمنهخ من أبسط حقوقه في الغذاء والدواء وان ما يحدث في الضفة والقدس وغزة وصمة عار في جبين العرب وجبين الانسانية، فالاحتلال الاسرائيلي حول فلسطين الى سجن كبير ، ورغم كل ذلك فان شعبنا الفلسطيني عصي على الترويض والهزيمة والانكسار.
ان اضراب الاسير عدنان خضر ومواقف القائد الوطني الامين العام للجبهة الشعبيه احمد سعدات ورفاقه الاسرى والاسيرات الذين يقبعون في سجون الاحتلال ، يواجهون رسالة الى جلاوزة إسرائيل الذين لم ولن يستوعبوا الدرس الفلسطييني ،هذا الدرس الذي يؤكد كل يوم بأن شعبنا الفلسطيني عصي على الترويض وعصي على الهزيمة والانكسار بل أكثر من ذلك فإن المناضلين الفلسطينيين أسرى الحرية والاستقلال حولوا سجون الاحتلال وبالرغم من كل قساوة ظروفها إلى مدارس وجامعات خرجت الآلاف من الثوريين، وهذا ليس محض كلام بل واقع فعلي ، وخاصة اننا نرى اسرى الحرية المفرج عنهم خرجوا من السجون وكأنهم تخرجوا من أرقى المعاهد الثورية وما أدل على ذلك هو تفاعلهم اليومي مع قضايا شعبهم كافة.
ونحن نؤكد بأن أسرى الحرية التي ننادي بحريتهم وحريتنا ، نقول لهم ان الشهيد القائد الاسير الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية الذي اغتيل في سجون الاحتلال الامريكي في العراق ، قال كل ما نقدمه لايساوي قطرة دم تسال من طفل فلسطيني
نعم من هنا نقف الى جانب الحركة الاسيرة ونقف الى عدنان خضر واحمد سعدات ومروان البروغوثي وفؤاد الشوبكي وكل الاسرى والاسيرات ، ونحن نعلم ان الاضراب عن الطعام ، يحتاج لكل مكامن الصبر والعزيمة كي ينتصر على عسف جلاده.
وفي ظل هذه الظروف يسجل عدنان خضر واخوانه الاسرى واخواته الاسيرات الذين مايزالون في غياهب السجون ملحمة الصمود التي تأتي ضمن ما سجله مناضلون فلسطينيون على امتداد مسار الكفاح الوطني الفلسطيني ، ومع ذلك ، فان ما سجله الاسير المحرر محمد التاج الذي قارع الاحتلال وتحدى قراراتها التعسفية رغم مرضه الا تأكيدا على مسيرة إعادة الاعتبار لقضية الأسرى بمضمونيها السياسي والإنساني الاجتماعي .
لقد خاضت الحركة الفلسطينية الأسيرة نضالات مريرة من أجل أنسنة ظروف الاعتقال وفي مقدمة أشكال نضالها الإضرابات الجماعية والفردية عن الطعام مترافقة مع حملات تضامن فلسطينية واسعة على الصعيدين السياسي والشعبي ونجحت الحالة الفلسطينية في عدد من المحطات في استقطاب دعم وتضامن دوليين على المستوى الحقوقي والقانوني .
لقد كان من شأن الانتساب إلى هذه المؤسسات والهيئات أن تكون قضية الأسرى برسم المجتمع الدولي وقوانينه عند الانضمام إلى اتفاقية جنيف الرابعة، التي تضع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين ضمن تعريف أسرى الحرب وما يؤدي إليه ذلك من انطباق مواد ومحددات الاتفاقية على أوضاع الأسرى الفلسطينيين، ويعني بالتالي من حق فلسطين الطلب من اللجان الحقوقية والقانونية ان تأخذ دورها تحت مظلة الأمم المتحدة من اجل الاضطلاع عن كثب على الأوضاع التي يعيشها الاسرى والمعتقلون الفلسطينيون والاستماع إلى مطالبهم وتظلماتهم.
لهذا نرى ان الزخم السياسي والشعبي في قضية الاسرى ممكن ان يعطي أفاق جديدة تتقطع مع الانجازات التي حققتها الحركة الفلسطينية الأسيرة على امتداد السنوات الماضية.
وامام كل ما يجري من اوضاع خطيرة في المنطقة هدفها ابعاد الشعوب العربية عن بوصلتها فلسطين حيث ان هناك انظمة عربيه لم تعد القضية المركزية من اولوياتها بل انتقلت للتنسيق والتعاون مع "اسرائيل"، والتي لم تعد ترى في اسرائيل العدو المركزي والأول للأمة العربية ، وهناك دول عربيه منشغلة بهمومها الذاتية وما تتعرض له من عدوان وتدمير وحالة عدم إستقرار ، بينما الشعب الفلسطيني يدفع فاتورة كل ذلك ، مما يتطلب من الشعوب العربية وقواها الديمقراطية والتقدمية، الى التحرك، اليوم، باتجاه دعم الشعب الفلسطيني ونضاله ومقاومته الشعبية بكافة اشكالها ، والعمل على وحدة القوى في بوتقة مقاومة عربية شاملة للمشاريع العدوانية الامبريالية، الجديدة والقديمة المتجددة، وكذلك للمشاريع الارهابية الرديفة التي تسعى، هي الأخرى، لتفتيت العالم العربي الى دويلات طائفية ومذهبية واثنية تبرر وجود الكيان الاسرائيلي ومطامحه التوسعية ودوره كقاعدة متقدمة للامبريالية ولارهاب الدولة في العالم العربي.
ما زال الشعب الفلسطيني بختزن من الطاقات والامكانيات التي تخدم مشواره النضالي، وهذه الطاقات تعبر عن انسانيته واخلاقه وحبه لوطنه بعيدة عن الفئوية والحزبية ، وهو يتطلع الى قوى حركة التحرر ولتقدم في العالم الى التضامن مع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وضد سياسات الاستيطان والتهجير، وذلك عبر كل أشكال التحرك، ودعم الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال .
صمود عدنان خضر وما يسجله مع اخوانه الاسرى على امتداد مسار الكفاح الوطني الفلسطيني يمتاز بأنه يقارع سلطات الاحتلال ويتحدى قراراتها التعسفية بمطالب محددة ، لتختتم المعركة بنزول الاحتلال عند مطالبه وتراجعها عن قراراتها وإجراءاتها.
ختاما : نحن على ثقة بأن وقوف جميع الأحرار الذين يؤمنون بأن قضة فلسطين وقضية الاسرى والاسيرات تشكل بوصلتهم لابد أن تصبح قضيتهم جميعاً أحزابا و حكومات ومنظمات مجتمع مدني فهؤلاء الأسرى الأبطال مقاومون من أجل حرية أوطانهم و مقاومتهم مشروعة وفق الشرائع السماوية و الوضعية و المواثيق الدولية مما يستدعي رفع الصوت حتى اطلاق سراحهم لان حريتهم هي حرية فلسطين ، وان مقاومة الشعب الفلسطيني ستستمر ، مقاومة متعددة الأشكال و الأساليب مستندة إلى وحدة وطنية حقيقية طال غيابها لابد أن تتحقق و بدعم عربي شعبي و رسمي حتى تتحرر فلسطين ويرتفع علمها فوق عاصمتها الابدية القدس .
بقلم / عباس الجمعه
كاتب سياسي