حكومة الشراكة الوطنية!!!

بقلم: رامي الغف

من المهم جدا الإشارة إلى جملة من الأمور في إطار النظرة الكلية الإجمالية للمشهد السياسي العام في الوطن، وخاصة بعد تقديم الدكتور رامي الحمدالله استقالته من رئاسة مجلس الوزراء.
سياسيا:. ما زالت التجاذبات والتقاطعات والمماحكات والانقسام بين شقي الوطن، وما بين بعض القوى السياسية الفلسطينية هي المهيمنة على واقع الحراك السياسي حول قضايا مختلفة، تبدأ من الاتفاقيات السياسية المبرمة ومدى الالتزام والتقيد بها من قبل الشركاء السياسيين، مرورا بالوزارات التي ما زالت حتى الآن شاغرة، وحزمة كبيرة من القوانين والتشريعات المهمة على طاولة المجلس التشريعي التي لم تحسم لعدم انعقاده لسنوات وسنوات بسبب تباين وجهات النظر والرؤى والمواقف بين الكتل والحركات الوطنية إلى حد كبير، وكذلك مسألة ملف المصالحة وإنهاء الانقسام، وانتهاء بأحاديث هذا وذاك عن خيارات عديدة من بينها التجهيز لانتخابات المجالس الوطنية والتشريعية وتشكيل حكومة كفاءات وطنية.
اقتصاديا:. لا يبدو أن الأمور تسير نحو آفاق فيها مؤشرات للتفاؤل، بل ربما كان الأمر على العكس من ذلك تماما، ففي ظل وضع معقد كالذي عليه الاقتصاد الفلسطيني، ومع جدول مزدحم بالأهداف والمهام وما ينبغي عمله، لابد من تحديد الأولويات وتشخيصها بوضوح وقد نتفق على الأهداف ولكننا قد نختلف على الأولويات عندئذ لا يكون لاتفاقنا قيمة، ينبغي علينا أن نحدد الأهداف التي يتم الوصول إليها بالتوالي والأهداف التي علينا أن نسير نحوها بالتوازي، ولو جئنا نطالب من يتحدث عن اقتصادنا اليوم أن يحدد لنا الأولوية الأهم والأكثر إلحاحاً لوجدنا إجابات مختلفة بعدد المشاركين، هذا التباين قد يعكس تباين المنهجيات، أو اختلاف النظرات، وفي كلتا الحالتين لابد من توافق على الأسس والمعايير التي نعمل بموجبها، ضغط الحاجة وإلحاحها قد يدفع البعض لاختيار هدف ما وقصور النظرة، أو نقص التجربة قد يقود إلى اعتماد شعار ما، بوصفه طريقاً للخلاص والبعض يتحدث عن أعراض العلة وينسى العلة ذاتها.
خدماتيا:. لم يتحقق شيء يذكر وها نحن دخلنا في شهر رمضان وأخذت درجات الحرارة ترتفع يوما بعد آخر، ولم يتحسن واقع التيار الكهربائي ولو بمستوى قليل جدا وما زالت ملوحة مياه شربنا تزداد باضطراد بين الفينة والأخرى، وراحت الجهات المعنية هنا وهناك تبعد الكرة عن ملعبها لتلقيها في ملعب جهات أخرى لا علاقة مباشرة ورئيسية لها بذلك.
إذاً علينا جميعا مهام وطنية للخروج بالوضع العام في الوطن من عنق الزجاجة كما يقولون وكسر حالة الجمود والإسراع في تشكيل حكومة شراكة الوطنية الذي تنادي به الكثير من القوى السياسية الفلسطينية وعلى رأس تلك القوى التي اعتبرت مبدأ الشراكة الوطنية هو الحل للخروج من هذه الأزمة هو الشخصيات الوطنية الفلسطينية المستقلة وعلى لسان الدكتور ياسر الوادية رئيس تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة الذي دعا ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة واللقاءات المستمرة بينه وبين مختلف القيادات السياسية الفلسطينية إلى أن الخروج بصيغة توافقية لابد أن يكون عبر مبدأ الشراكة الوطنية لأنه سوف يعُطي كل ذي حق حقه. نحن لا ننكر بأن هناك دعوات من بعض قادة وزعماء وأعضاء الفصائل والقوى والأحزاب الوطنية، ولكن هذه الدعوات ليست بالمستوى الذي يكون معه الوصول الى صيغة توافقية تخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية وتلبي مطالب الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه وبجميع مكوناته، فقد سعت بعض القوى الى تعطيل هذا المشروع من خلال وضع العراقيل أمام الإسراع في حسم الكثير من المواضيع التي من شأنها وضع ثوابت حقيقية الغاية منها تكوين الحكومة بشكل سريع وقوي.
على كل حال فإن الصيغة التوافقية لابد لها ان تكون مطابقة لما يساهم في تقوية المشروع الوطني وبالتالي فأن الاتفاق ما بين الكتل السياسية على صيغة توافقية يمكن له ان يزيل العقبات ويطوي الوقت والجهد في الإسراع بتشكيل الحكومة التي من شأنها النهوض بالواقع الفلسطيني المتردي الى ما تصبوا إليه جميع تلك الكتل ووفق البرامج والأهداف الوطنية التي وضعتها تلك الكتل، إذا فلابد للجميع ان يعلم إن سياسة الحوار واحترام الرأي الآخر وعدم إقصاء وتهميش إي جانب له مردودة الايجابي في الخروج بصيغ توافقية تخدم مبدأ الشراكة الوطنية، والخلاصة إن ما دعا اليه د. ياسر الوادية إنما يعبر عن بعد ثابت وحقيقي لمجريات الأمور في المشهد السياسي الفلسطيني وهو خطوة جريئة لكل من ينشد المصلحة الوطنية التي ما أن تتحقق حتى يبدأ في الوطن عصر جديد من الثوابت التي من خلالها يمكن ان تنشأ حكومة وطنية قادرة على القيام بمهامها على أحسن وجه وهذا هو بطبيعة الحال ما ينادي به أحرار وشرفاء ومخلصون فلسطين.

بقلم / رامي الغف*

إعلامي وناشط سياسي