مين اختار... واليمين زي اليسار..؟!!

بقلم: توفيق الحاج

يخيرونني بين امرين بل خازوقين احلاهما موت ... كما لو انهم يخيرونني بين موت بقهر او موت بنحر..!!

في شبابي احببت اليسار بل عشقت فيه انتصاره للفقراء والغلابا والعمال الكادحين... ورضعت منه عظمة فؤاد نصار..و روح مقاومة جيفارا وغسان ... ونبل الحكيم وشجاعة وديع حداد وبسالة محمد الاسود ..وسلاطة لسان احمد فؤاد نجم وسخرية السعدني والماغوط...!!

لقد فخرت بيساريتي علنا فخري بنقاءنهج علي بن ابي طالب امام دهاء بني اميه... وفخري بمواقف الجوع لابي ذر الغفاري امام اغراء اموال الغنائم والفتوح... !!

وفي شيخوختي ... انظر حولي و استذكر قول الشاعر المقهور:

ما اكثر الاخوان حين تعدهم ...ولكنهم في النائبات قليل..!!

انظر حولي.. فلا اجد الا يسارا محنطا متشرذما ..يثيرغباؤه الغيظ و الشفقة...و يلهث دائما خلف الحدث..!!

قد يعجبك رونقه البلاستيكي اللامع ك(خيار الحمامات) ..لكنه بلا طعم ولا روح ولا رائحة ...!!

تنظيمات يسارية على سن ورمح.. تلفعت بالشعارات الجميلة واستحلبت الماضي..دون ان تفعل شيئا للحاضر الا بيانات خشبية ومنشورات همايونية لا يكاد يقرؤها احد.. تذهب في النهاية لباعة الفلافل والترمس..!!

رايات حمراء.. اصابها الوهن والعفن في الراس .. فكانت غصة في النفس..يتبعها التنهد والتحسر ...وساق الله على ايام ثورة ثورة حتى النصر ..!!

دكاكين..وسوبرماركتات سياسية لا نراها الا في المهرجانات والاعتصامات لاخذ صورة حلوة...

اعرف قائدا يساريا مغرم بالصور وله مصوره الخاص الذي يرافقه حتى لالتقاط صورة فريدة في الحمام ...!!

تراه خطيبا ثوريا مفوها نذر عمره للقضية واثرى منها اضعاف اضعاف ما تعطي المهية.. يكا د المسكين ينفجر وهو يزبد ويتوعد الى درجة تخشى عليه من طق او فتق .. يقوم بتحريركامل البلاد في دقائق وسط تصفيق ع الحامي والبارد... والفكر سارح وشارد ... وما ان يعاجلوه بالمشروب والاغاني يرفعوا اليه التبريكات والتهاني حتى ينسى ماقال في ثواني ..!

في اليسار ..ترى الرفاق لا يحبون الرفاق الا من رحمهم ربهم بل ويحاربون بعضهم بعضا اكثر مما يحاربون بنت الكلب اسرائيل..!! وعند الضرورة يخونون بعضهم ..ويلعنون.. !!

منذ نهاية السبعينات حيت اعتلت الاسطورة واصابها الزهايمر وانت تسمع في اليسار طحنا ولا ترى طحينا ....

قد لاتعجب صراحتي عصعوصا يساريا نزقا.. مبرمج على شعارات مستهلكة..وقد يتهمني بالتخاذل وا لانبطاح والرجعية ... لكني وان فعل اعذره واشفق عليه لانه لم يرمن اليسار الحقيقي ما رايت ولم يعش زهوة اليسار الذي عشت..وهو مع كل الاحترام كبغل الساقية الذي يدور مغمى العينين.. لكي يصب الماء في جدول القائد اليساري الكبير !!

اما بالنسة لليمين وما ادراك ما اليمين ..فهو في الحال اسوأ...وفي الخطاب اكذب.. وفي الفعل العن .يتاجر بالدين من اجل الدنيا عينك عينك... ويدعي ماليس فيه...فلا تقوى ولا صلاح ولا غراب بين ...

اليمين المبين ..لافرق بينه وبين اليسار في العرض والمرض... ولكن اليسار اقل جشعا وانانية ... والقضية عنده اعلاميا هي لله هي لله.... وعمليا هي ليست لله وانما للحكم ..!!.

اليمين بدأ داعية مجلببا فقيرا... وانتهى سيافا متكرشا واميرا... يحلم بالامارة ولو على حظيرة ..!!

اليمين يبيع دينه ودنياه لمن يدفع ...ولايرى عيبا في ذلك بل هو واجب شرعا طالما في الامر خذ وهات من اجل المصلحة..!!

اليمين يتنفس كذبا ويصدقه ويريد من الاخرين ان يصدقوه دون عقولهم..فهو الاذكى والاعقل

انظروا الى مافعل اليمين في البلاد من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي... وكاننا انتقلنا من دلف الى مزراب او كأنا استجرنا من الرمضاء بالنار...!!

اليمين كفر وقسم وخون و قتل واغتال وتأمر ...في سبيل شرق اوسخ جديد .. ولكنه فشل بامتياز في تحقيق مايريد..!!

في النهاية ارفض ان اخير بين عاجز وشرير... ولا ارضى الا بخيار واحد فيه روح انتمائي لفلسطينيتي ..لوطنيتي..لعروبتي..لاسلامي البسيط.... وما عدا ذلك ..فهو غث مقيت..!!

* * *

اللهم ارني بنورك ماهو حق... وانطقني بقدرتك كل صدق...

بقلم/ توفيق الحاج