عام على العدوان الإسرائيلي الثالث على قطاع غزة.. ماذا بعد؟

بقلم: نعيم إبراهيم

يراد للشعب الفلسطيني أن يباد عن بكرة أبيه تحت وطأة الإرهاب الصهيوني المتواصل منذ عام 1948 وفق سياسة مبرمجة عسكرياً وسياسياً وثقافياً وديمغرافياً ومجتمعياً. ويتعمد الاحتلال شن اعتداءات وارتكاب مجازر تفضي إلى قتل وتشريد مزيد من الفلسطينيين وتدمير كل ما له ارتباط بالأرض والإنسان في فلسطين التاريخية.

حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني تجري على مرأى ومسمع المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة التي يسيطر عليها صمت مطبق إزاء ممارسات إسرائيل العدوانية، في وقت تبقى فيه القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية حبيسة الأدراج.

من فصول حرب الإبادة المستمرة في فلسطين، العدوان الإسرائيلي الثالث على قطاع غزة الذي صادفت ذكراه الأولى قبل عدة أيام، حيث لا يزال الغزيون المحاصرون يعانون من جحيمه حتى الآن، على حين بقيت وعود المجتمع الدولي بإعادة الإعمار وإدخال المواد الأساسية للسكان حبراً على ورق.

ويشن الاحتلال الإسرائيلي من حين إلى آخر حروباً على القطاع منذ انسحابه منه عام 2005. وشن خلال هذه الفترة ثلاث حروب، كان أولها عام 2008 والحرب الثانية عام 2012 والثالثة عام 2014.

وحاصر هذا الاحتلال قطاع غزة قبل بدء الحرب الأولى عليها ما تسبب بوضع اقتصادي وإنساني سيئ هناك. وفرض الحصار البري والبحري والجوي فعلياً عام 2006 ويستمر حتى يومنا هذا رغم الدعوات الدولية لفك الحصار.

العدوان العسكري الإسرائيلي الثالث على قطاع غزة، بدأ عند الساعة الواحدة من فجر يوم 8 يوليو/تموز 2014، باستهداف منزل المواطن الفلسطيني محمد العبادلة في بلدة القرارة جنوبي قطاع غزة. أعلن الاحتلال على أثره انطلاق حملة عسكرية باسم «الجرف الصامد».

جاء العدوان في الظاهر وكأنه رد فعل على قصف متبادل مع المقاومة الفلسطينية في غزة إثر تفجر الأوضاع في الضفة الغربية بعد خطف مستوطنين الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير في القدس المحتلة يوم 2 يوليو/تموز 2014 وتعذيبه وحرقه.

لكن إعادة اعتقال قوات الاحتلال لعشرات من محرري صفقة «شاليط»، ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني من حركة حماس، كشف أن قرار إسرائيل العدوان على قطاع غزة للمرة الثالثة يهدف إلى تدمير قدرات فصائل المقاومة الفلسطينية وبنية القطاع التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم لتحريضهم ضد تلك الفصائل، خاصة بعد اندلاع احتجاجات في القدس والأراضي المحتلة وأراضي عام 1948، بعد دهس مستوطن إسرائيلي عاملين فلسطينيين قرب حيفا داخل الأراضي المحتلة عام 1948.

آلاف الفلسطينيين كانوا ضحايا العدوان الإسرائيلي الثالث على القطاع بينهم، حسب إحصاءات مؤسسات حقوقية، 556 طفلاً و293 سيدة ارتقوا شهداء وأصيب 2647 طفلاً و1442 سيدة، كما تم تدمير 8377 منزلاً تدميراً كلياً و31974 دمرت جزئياً ما أدى إلى تهجير أكثر من 60 ألف فلسطيني داخل وطنهم، كما تعرضت عدة مدارس ومؤسسات تابعة لوكالة الغوث أو مؤسسات دولية أخرى إلى القصف والتدمير، وقتل 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف و16 صحفياً. ودمر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجداً بالكامل و109 مساجد جزئياً، وكنيسة واحدة جزئياً، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مئة ألف فلسطيني منازلهم، وأصبحوا بلا مأوى.

وحتى هذه الساعة لا يزال الدمار والتهجير والمعاناة الإنسانية والخراب، يعم أرجاء غزة، ولا يزال الحصار يضيق الخناق أيضاً ويمنع وصول أبسط المساعدات الإنسانية. ومع ذلك تصر سلطات الاحتلال الإسرائيلي على رفضها التحقيق الدولي في هذه الحرب وكل التقارير الدولية التي حاولت سبر غورها وتداعياتها الكارثية على الفلسطينيين.

في هذه الذكرى الأليمة كتب موشيه آرنس في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية بتاريخ 8/7/2015 أن الوقت حان لإعادة النظر في النظرية التي تقول إنه يمكن ردع «الإرهابيين»، وإنه ليس هناك سبب يلزم بدخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة وأن يفكك التنظيمات «الإرهابية» وينزع سلاحها. هذه النظرية فشلت ثلاث مرات. يجب أن يكون واضحاً للجميع أن ردع «المخربين» هو حلم يقظة. الطريق الوحيد لوقف «الإرهاب» هو القضاء على قدرة «المخربين» على تنفيذ العمليات «الإرهابية». يُفضل الدخول إلى غزة، من أجل تحقيق هذا الهدف وإعفاء السكان الإسرائيليين من تهديد الصواريخ، في إشارة إلى الحرب الرابعة المتوقعة على غزة في أي لحظة تحت حجج وذرائع واهية خبرها الفلسطينيون والسواد الأعظم من المجتمع الدولي.

في هذه الذكرى الكارثة ندق ناقوس الخطر ونحذر من أي عدوان إسرائيلي جديد على الشعب الفلسطيني لن تحمد عقباه كما في كل مرة وإن ردع العدوان لا يكون بمحاباة العدو الإسرائيلي والسكوت على جرائمه وإرهابه بحق شعب يريد الخلاص من الاحتلال والعيش بكرامة وبسلام أسوة بباقي شعوب العالم.

 بقلم/ نعيم إبراهيم