عندما تعرض مخيم نهر البارد عام 2007 لما تعرض له بسبب تواجد عناصر ما سمي في حينه "فتح الاسلام"، والذي كان أحد الأذرع المنتشرة في العديد من البلدان لتنظيم القاعدة، حذرنا مما يجري هناك، وانه سوف يقود الى دمار المخيم وتهجير قاطنيه.
تم في حينه تدمير شبه كامل للمخيم، الذي كان يأوي قرابة 30 الف لاجيء، وجاء ذلك التدمير بالشكل الذي تم فيه، لأن الدولة اللبنانية، أرادت تحقيق أكثر من هدف، كان من بينها، عدم السماح بتواجد اي من التنظيمات المتطرفة على اراضيها، كما وأرادت ان تجعل من المخيم عبرة لمن يعتبر، وخاصة ان المخيمات في لبنان بعامة "من وجهة نظر كثير من الساسة اللبنانيين" كانت دوما بمثابة المشكلة التي يجب التخلص منها، حتى وان كان ذلك بتدميرها.
بعد ثمانية اعوام من تدمير نهر البارد، ما زالت اجزاء كبيرة منه بدون اعمار، هذه الايام، تنتقل ذات التجربة، إلى مخيم آخر، هو في الحقيقة اكثر اهمية من نهر البارد، ويمثل عاصمة للجوء الفلسطيني، كما كان حال اليرموك الذي اصبح اطلالا بعد ما تعرض له من تدمير واسع.
مخيم عين الحلوة، الواقع قرب مدينة صيدا في جنوب لبنان ، يضم قرابة المائة الف لاجيء، يعيشون حياة بائسة بسبب القوانين الجائرة وغير العادلة المفروضة عليهم، يتعرض إلى "مؤامرة" لا تستهدفه فقط، وانما التواجد الفلسطيني برمته في لبنان، وفي الشتات بعامة.
ما يجري هناك لا يمكن فصله عما جرى في سوريا ضد المخيمات وخاصة اليرموك، ولا يمكن عزله عما يجري من تقليصات بوكالة الغوث خاصة فيما يتعلق بالتعليم، والتهديد بوقف العام الدراسي، الامر الذي ربما تم استدراكه هذه السنة، إلا ان هذا لا يمنع من حدوثه في العام المقبل او العام الذي يليه.
التغلغل للجماعات المتطرفة مثل جند الاسلام والشباب المسلم، في مخيمات لبنان بعامة، لا يمكن فصله عما يجري في الاقطار المجاورة، والتي تشهد حروبا ممتدة منذ سنوات، تستهدف فيما تستهدف رأس سوريا وحزب الله واي بوادر لاي جماعات مقاومة قد تنشأ مستقبلا في لبنان او سواه من الدول المحيطة بالكيان الصهيوني.
الجماعات المتطرفة، التي ترغب بشدة السيطرة على المخيم، لا تفعل ذلك من أجل تحرير فلسطين ولا مقاومة الكيان، بقدر ما تريد ايجاد موطأ قدم لها لتكرار ما حدث في البلدان المجاورة، والسيطرة على لبنان، وفي احسن الاحوال تحويله الى ركام وكتلة من الدمار كما هو الحال في سوريا.
ان استهداف المخيم، وتكرار تجارب اليرموك ونهر البارد، ياتي من خلال عدم قدرة الفصائل الفلسطينية على منع سيطرة المجموعات التكفيرية على عدد من الاحياء في عين الحلوة، وفي حال استطاعت هذه الجماعات السيطرة الكاملة على المخيم، فان هذا يعني تدخل الجيش اللبناني فيما بعد، وبالتالي تكرار مأساة نهر البارد، وأخذ عين الحلوة الى ذات المصير.
من الواضح ان هنالك حالة "تصميم" من قبل الجماعات المتطرفة للسيطرة على المخيم، وتحويله لبؤرة ارهابية، ما قد يؤدي الى نتائج وخيمة ليس اقلها نزوح سكان المخيم الذي غادره بحسب الوكالات 70% من سكانه.
الكارثة والمؤامرة التي يبدو انها قادمة باتجاه مخيم عين الحلوة، "التي تخضع للعديد من الأجندات الاقليمية والدولية"، ما لم يتم اتخاذ موقف فصائلي فلسطيني موحد، بما في ذلك حركة فتح التي تبدو منقسمة على ذاتها في لبنان بشكل عام والمخيم بشكل خاص، ستقود الى موجة من الهجرة لفلسطينييي لبنان باتجاه منافي العالم، عدا عن انه ان لم يتم وضع حد لهذه الجماعات بشكل قاطع، فإن المخيم ذاهب الى دمار لن يقل بحال من الاحوال عما حصل في اليرموك ونهر البارد.
رشيد شاهين
29-8-2015