مفهوم المنفعة العامة يتنافى مع إعلان شركة سند للاستيلاء على ملكية أراضي وادي الشعير

بقلم: علي ابوحبله

إن موضوع الاستملاك المعلن عنه من قبل شركة سند لاستملاك ما يقارب ألفين دونما من أراضي منطقة وادي الشعير وتشمل أراضي في عنبتا وبزاريا ورامين وبرقه وعدد من القرى المحيطة الأخرى وان الاستملاك الذي أعلنت عنه شركة سند مستندة في ذلك إلى نص القانون رقم 3 لسنة 2011 المعدل وهو قانون الاستملاك رقم (2 ) لسنة 1953 إذ بحسب نص التعديل على المنشئ أن ينشر إعلانا في صحيفتين يوميتين على الأقل يعلن فيه عزمه على التقدم إلى مجلس الوزراء بعد مرور خمسة عشر يوما من تاريخ نشر الإعلان بطلب إصدار قرار باستملاك العقار الموصوف بالإعلان وان المشروع الذي سيجري الاستملاك من اجله هو للمنفعة ألعامه ، وهنا تستوقفنا تعريف المنفعة ألعامه ، وهو هدف تسعى إليه الدولة أياً كان توجهها السياسي، وأيـاً كانـت الإيديولوجيـة الاقتصادية التي تتبناها. وقد لا نبالغ إذ قلنا إن تحقيق المنفعة العامة هو أحد المبررات الرئيسة لقيام الدولة، وإليه يرجع أصل نشأتها. كما أن رعاية المنفعة العامة هـو منـاط الإبقـاء علـى الدولـة، واستمرارها في أداء وظيفتها. فضلاً عن أن تدخل الدولة، وممارسـتها لـسلطاتها العامـة -حتـى الاستثنائي منها- لا يكون إلاّ باسم المنفعة العامة، بل إن مقدار هذا التـدخل يتحـدد بمـدى تحقـق المنفعة العامة من وراء تصرفها. وترتبط فكرة المنفعة العامة بشكلٍ وثيق بحريات الأفراد، فهي المبرر للمساس بهذه الحريـات، ولـذا كان من الضروري - لضمان احترام هذه الحريات- تحديد ما تشمله عبارة "المنفعة العامة". كما ترتبط فكرة المنفعة العامة بالسياسة الاجتماعية للدولة، وتدخلها في مجالات الإسكان، والصحة، والبيئة، والتعليم، والنقل... حيث زاد اعتماد الناس على المرافق العامة التي تقيمها الدولة. كمـا أن طبيعة إجراء نزع الملكية جعلت الأمر لا يتعلق فقط بمنفعة عامة توجب إقامة المـشروع، ومنفعـة خاصة بالمالك يضحى بها في سبيل ذلك، وإنما هناك العديد من المنافع التي تؤخذ بالحسبان، والعديد من العوامل التي يتعلّق بها المشروع الذي لأجله نزعت الملكيـة الخاصـة،، ومـن هـذه العوامـل والمنافع: أ- سير الإدارة: إِذْ تحتاج الإدارة لمساحات من الأراضي لتنفيذ مشروعاتها، وعند وجود ضرورة تستدعي اللجوء إلى إجراءٍ عاجل، أو إلى الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر بما يضر بضمانات الأفراد. كما تحرص الإدارة باستمرار على الحصول على العقارات اللازمة لتنفيذ مـشروعاتها بأقـل تكلفـة ممكنة. ب- مصالح ذوي الشأن: وهم من تتأثر مصالحهم بالمشروع، ومنهم: 1- المالك: إِذْ يترتب على الإجراء زوال الملكية. 2- أصحاب الحقوق على العقار: إِذْ يتحرر العقار من الحقوق الواردة عليـه جميعهـا (الانتفـاع، الإيجار، الارتفاق...)، وينتقل لأصحاب الشأن الحق بالتعويض. مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية – المجلد 29- العدد الثاني-2013 نجم الأحمد 11 3- المستفيد من المشروع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. فضلاً عن الشركات الخاصة أو العامـة التي يعهد إليها بتنفيذ المشروعات... ج- المنافع العامة المختلفة: قد تؤثر إقامة المشروع في بعض المنافع العامة الحيوية مثل: 1- الحفاظ على رقعة الأرض الزراعية وكفاءة إنتاجيتها: فمعظـم مـشروعات الطـرق، والـري، والصرف الصحي... يلزم لتنفيذها الاستيلاء على مـساحات مـن الأراضـي المزروعـة، أو الاستيلاء على كميات من الأتربة، مما يؤثر في خصوبة الأرض الزراعية. 2- الحفاظ على البيئة: فالعديد من مشروعات المنفعة العامة يترتـب عليهـا تقليـل المـساحات الخضراء، أو يتخلّف عنها ما يخلّ بالبيئة الإنسانية، كالدخان، أو إلقاء المخلفـات فـي ميـاه الأنهار، أو البحيرات... 3- التأثير في منافع عامة قائمة: قد يتطلب إقامة طريق جديد على سبيل المثال هـدم جـزء مـن مدرسة، أو مستشفى... وبمعنى آخر فإن المنفعة العامة التي أوجبت بـالأمس نـزع الملكيـة لإقامة المدرسة أو المستشفى قد يصبح من الضروري التضحية بها اليوم، وباسم المنفعة العامة أيضاً، لإقامة طريق جديد. إن تعدد المنافع، وتشابكها، ووجود ما قد يتعارض منها مع المنفعة العامة المبررة لنزع الملكية، والتعليم... وغيرهما من المنافع التـي أطلـق عليها الدستور اسم "المقومات الأساسية للمجتمع". ب- وقد تنص القوانين العادية على أنواعٍ من المنافع العامة، ومن ذلك إنشاء المشرع لمرفق مـن المرافق العامة الجديدة، وتحديد غرض له من أغراض النفع العام. وفي الحالات المنصوص عليها تشريعياً تكون الإدارة مقيدة بغرض النفع العام الذي حدده المشرع. ج- عندما لا يعطي النص مفهوماً محدداً لما يحقق المنفعة العامة فإن يد الإدارة تكون طليقة، وتكون تصرفاتها في إطار المنفعة العامة التي تحدد هي بعض عناصرها، وتلتزم بها. وبحسب التعديل استنادا لما ورد لا يوجد تحديد للنص يعطي مفهوم للمصلحة ألعامه مما يعطي الاداره الممثلة في الحكومة تقدير أهمية المشروع من عدمه لتقدير المصلحة ألعامه للمشروع ، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار لمشروع شركة سند للاسمنت هو مشروع يحقق مصالح لشركات خاصة وأفراد من ناحية الربح ، ومن ناحية المصلحة ألعامه فان للدولة نظره في إقامة مشاريع ذات أهميه تدعم الاقتصاد الوطني وتنشئ اقتصاد وطني فلسطيني مستقل يحقق مردود للدولة وللمجتمع وللأفراد ، إن مشروع الاسمنت مشروع حيوي وهام ولكن ليس على حساب الأفراد وحساب ألسله الغذائية لفلسطين المحدودة الأرض جغرافيا ، إعلان شركة سند للاستيلاء على ما يقارب ألفين دونم هو تعدي على الأمن الغذائي الفلسطيني في تلك المنطقة لأننا في فلسطين نفتقد لسلة الغذاء الفلسطيني حيث أن الأرض تذهب للبناء وان هناك تقصير من قبل الحكومة بضرورة تحديد المناطق الزراعية والمناطق الخضراء ومناطق السكن وتحديد أماكن لإقامة مشاريع ذات جدوى اقتصاديه تعود بالنفع العام ضمن مفهوم تحقيق المنفعة ألعامه للمشاريع ذات النفع العام ، إن المنطقة المنوي الشروع فيها لإقامة مصنع للاسمنت من قبل شركة سند هي منطقة تكاثر سكاني إذا ما أخذنا بعين الاعتبار لمحدودية الأرض وان التوسع العمراني لمحافظة طولكرم هو للشرق لمحدودية مساحة الأرض غربا ، وان محافظة طولكرم تفتقد للأراضي الزراعية في ظل التمدد العمراني وان منطقة وادي الشعير أراضيها تعتبر أراضي زراعيه وان أهالي المنطقة مهتمون بتربية الأغنام والثروة الحيوانية وهي احد أهم مكونات الاقتصاد الوطني الفلسطيني ، إن إنشاء مصنع للاسمنت في تلك المنطقة سيقضي على أي مكون للاقتصاد الزراعي والحيواني والبيئة ويشكل ضرر جسيم يلحق بالمنطقة ولا ننسى الامتداد الاستيطاني الذي يحيط بالمنطقة من جهة الجنوب الشرقي مما يعطي مجالا لهذا التمدد على حساب النمو والتكاثر السكاني الفلسطيني في المنطقة لصالح مصنع الاسمنت ، إن وجود مجمع لتحليه المياه في منطقة بيت ليد بإمكانه إحياء تلك الأراضي المنوي استملاكها لصالح مصنع الاسمنت وان إحياء هذه الأراضي وإعدادها للزراعة تشكل مردود وطني ودعم للاقتصاد الفلسطيني وتستفيد شريحة اكبر من الافاده من مصنع الاسمنت ، إن الحكومة أمام مسؤولياتها في تقدير الاهميه من عدمها لمشروع شركة سند لاقامة مصنع الاسمنت لان الحكومة هي التي تقرر المنفعة ألعامه وهي التي تعطي رأيها للاستملاك من عدمه ولإقامة المشروع من عدمه لأنها في النهاية هي صاحبة القرار في تقرير المنفعة ألعامه ، وان مفهوم المنفعة ألعامه يتنافى في سياق ما ذكر لانشاء مصنع للاسمنت في منطقة وادي الشعير وللخروج من المأزق لا بد للحكومة من تشكيل لجنه من ذوي الاختصاص وأهالي الأراضي المصادرة والمنطقة وبمشاركة هيئات الحكم المحلي لدراسة كافة المعطيات للتقرير في النهاية أين تكمن المصلحة للمنفعة ألعامه في إقامة مصنع الاسمنت أو الحفاظ على الأراضي الزراعية واستغلال المياه المحلاة في بيت ليد لإحياء الأرض وزراعتها والحفاظ على سلة الغذاء الفلسطينية.

بقلم/ علي ابوحبله