خلال الفترة 27-30 آب وبدعوة من لجنة العفو التابعة لوزارة العدل البرازيلية والنيابة الاتحادية لحقوق المواطنة ومؤسسة جوتوليو فارغس، التقى فلسطينيون و"اسرائيليون" على مدار الايام الاربعة بحوارات كما نشرت وسائل الاعلام البرازيلية والصهيونية بالبرازيل، حيث شارك من الجانب الفلسطيني الشيخ بركات فوزي حسن، محمد عامر عودة عبد الهادي، عزيز حيدر، والطلبة عصام المصري، بشار فراش، ايمان عطاري، ومن الجانب "الاسرائيلي" الحاخام دافيد شلومو ستاف، دان ميريدور وزير سابق، نيتزان هورويتس نائب سابق بالكينيست والطلبة ايتامر بن اسرائيل، شين روفيني، رينا ليبسكي، كان النشاط تحت عنوان (لقاءات وحوارات بين الفلسطينين و"الاسرائيلين").
لغة الحوار او التطبيع او نشر ثقافة السلام التي تظهر بين لحظة واخرى بالبرازيل، هي احدى قرارات حزب العمال البرازيلي، المخترق من قبل قيادات صهيونية، وابرز هذه القيادات التي تروج لهذه السياسة اليوم تارسو جينرو حاكم ولاية الريو غراندي دوسول السابق ووزير العدل بعهد لويس ايناسيو لولا دا سيلفا والاخر وزير الدفاع البرازيلي الحالي جاكيز فاكنير، فهذه اللقاء ليس هو الاول ولن يكون الاخير، فسبقه بسنوات لقاءات متعددة كان المبادر لها حزب العمال البرازيلي من خلال حكوماته الفيدرالية او الولايات، وهذه القرارات لم تؤخذ لو لم تجد موفقة مبدئية من قبل اطراف فلسطينية بالبرازيل لها علاقات مع هذا التوجه على الساحة الفلسطينية وبتشجيع من السفارة الفلسطينية بالبرازيل.
من هذه اللقاءات التي جرت بالماضي كان لقاء عام 2006 الذي جمع وفدا فلسطينيا ضم بين صفوفه بعض الافراد المحسوبين على اليسار الفلسطيني بقيادة فريد صوان على هامش مؤتمر المساواة ومناهضة العنصرية مع قيادة الكونفدرالية "الاسرائيلية" بالبرازيل حول البيان الختامي للمؤتمر بالفقرة التي تخص الحقوق الفلسطينية.
والنشاط الاخر الذي نظمته ولاية الريو غراندي دو سول بدعوة من حاكمها تارسو جينرو وشارك به مخرجين سينمائيين فلسطينيون و"اسرائيلييون" بمدينة بورتو اليغري خلال شهر تشرين الثاني من عام 2013.
بالاضافة الى لقاءات وحوارات بين قيادة الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية واطراف اخرى محسوبة على هذا النهج، وقيادة الفيدرالية "الاسرائيلية" بولاية الريو غراندي دو سول، وسبق كل ذلك العمل على تشكيل مؤسسات فلسطينية صهيونية بالبرازيل بين مجموعات فلسطينية محسوبة على حركة فتح قادها بتلك الفترة فريد صوان وامير مراد السكرتير العام لاتحاد المؤسسات الفلسطينية الحالي من الجانب الفلسطيني وميشيل هاردون من الجانب الصهيوني واسمها مؤسسة "سلام، شلوم، باز".
فهذه اللقاء والحوارات ونشر مفهوم ثقافة السلام ما كانت لتحصل لو لا يكن هناك من يشجعها ويدعمها ويدعو الى تثبيتها كنهج، فإذا تم تفحص الافراد والعناصر التي تشارك بهذه اللقاءات والحوارات ستجدها بمجملها افرادا محسوية على طرف فلسطيني، فمن هو محمد عودة؟ تقول وسائل الاعلام البرازيلية التي نشرت الخبر انه ينتمي الى حركة فتح، فهل حركة فتح بالوطن وانصارها بالبرازيل والسفير الفلسطيني لا يعرفون عن هذا النشاط واللقاء؟
اما لماذا محمد عودة والوفد المرافق حاولوا اخفاء حقيقة تواجدهم بالبرازيل؟ عندما التقوا مع ابناء الجالية العربية بالمسجد بساوبولو، وانهم جاءوا للمشاركة بمؤتمر ديني، اي مؤتمر هذا وكيف يدعون ذلك من داخل مسجد بالبرازيل؟ اليس هذا نفاقا؟
ان هذا الاسلوب الذي يتم التعامل به في البرازيل تحت مسمى نشر ثقافة السلام والحوار والسماع الى وجهات نظر طرفي الصراع والتوسط بين الفلسطينين و"الاسرائيليين" كلها تصب بسياسة التطبيع المرفوضة والمدانة من قطاعات واسعة من شعبنا الفلسطيني، والتي تضر بمجملها بحملة المقاطعة التي تتسع رقعتها بالبرازيل، وتسيء الى النضال الفسطيني برمته، وتشكل عائقا امام تعزيز حملة التضامن البرازيلية مع نضال شعبنا العادل.
الشعب الفلسطيني يبحث عن حقوقه والنضال من اجل تحصيلها، عمليات التطبيع والحوار لا تعيد لشعبنا الفلسطيني اي منها، وانما تقوم بتهميشها، فالجانب "الاسرائيلي" او الصهيوني مهما كان موقعه فهو لا يعترف بحقوق الشعب الفلسطيني السياسية والوطنية، واطروحاته مزيفة ومزورة للحقائق والواقع، ويحمل الجانب الفلسطيني دائما مسؤولية العنف، ويعمل لجره الى حوارات لا تعيد لشعبنا ايا من حقوقه، ويكتفي بالحديث عن حقوقا مدنية ودينية فقط دون ذكر الحقوق السياسية والوطنية، وهذا يفرض علينا دائما الانتباه والتصدي الى كل هذه المحاولات المشبوه، والتاكيد على الحقوق الفلسطينية والشرعية وتطوير حملات التضامن العالمية مع نضال الشعب الفلسطيني العادل، وتعزيز حملات المقاطعة وفضح وتعرية كل من يحاول الدخول بدائرة التطبيع والحوار وثقافة السلام ما دامت فلسطين محتلة.
جادالله صفا – البرازيل
05 ايلول 2015