ثمة حقيقة لا يمكن القفز عليها فلسطينيا واقليميا ودوليا بان الفلسطينيين اهدروا من الوقت ما اهدروه طوال اكثر من عقد ونصف لبناء الذات هذا الوقت الذي تفرغوا فيه لصراعات داخلية ومعارك داخلية وعداوات بشخصنة واقصاءات وتفرد في صناعة القرار السياسي ان وجد...ومع تلك الظواهر غابت المؤسسة وتلاشت كقلادة في رقبة الفرد وهو رئيس السلطة والمنظمة.. في اوائل الستينات استقلت سنغافورا بماهية مجتمع جاهل خلفه الاستعمار والاحتلال، في ذاك الوقت ناشد رئيس سنغافورا شعبه قائلا ساتفرغ لبناء المؤسسات وانتم تفرغوا لبناء الاجيال مركزا على التعليم والثقافة في خطين متوازيين ونجحت سنغافورة بشعبها ورئيسها في قفزات نوعية.... وكثيرا من تجار الشعوب التي بدأت في اوروبا بعصر التنوير والمعرفة وهي حركات سياسية بدات فيبريطانيا وفرنسا في القرن الثامن عشر وهي حركات سياسية ثقافية اقتصادية وابراز المهمة التربوية للفكر والتي ما قبلها عصر في القرن الرابع عشر النهضة وعلى اثرهما ظهرت الدولة الوطنية بشروطها الثلاث الارض والشعب والسيادة وتحت سيطرة القانون...وكم كان للصين التي استقلت في اواخر الستينات وثورته الثقافية التي انجزت المؤسسات وقوة الارشاد الحزبية في تطور الصين. اما اذا ما اخذنا الثورات العالمية على سبيل المثال الثورة الفيتنامية التي انجزت بالمعلم هوشي منه وترتيب قوى الثورة والاجيال ثقافيا ما بعد الاستعمار الفرنسي ولمواجهة الاستعمار الامريكي ، فكان الاهتمام بطلبة وتلاميذ المدارس ما دون العاشرة من العمر.
كثر الحديث عن وجوب اغلاق ملف اوسلو عجره ببجره وانهاء التنسيق الامني بل اغلاق المرحلة الانتقالية ومدتها خمس سنوات اي بعدها تنفيذ القرار 242و338 واعادة لانتشار القوات الاسرائيلية في الضفة وغزة بما يحقق مصلحة الامن الاسرائيلية.
في هذا المقال لا نريد ان ندخل في بنود اتفاق اوسلو او المرحلة الانتقالية ولكنني اشرت لموجز عن ماهية الفترة الانتقالية بجمل محددة سياسيا وامنيا وجغرافيا.
من شهور عدة طرح الاخ الوزير السابق والمناضل والمفكر حسن عصفور خيار اعلان الدولة بعد حصول الفلسطينيين على دولة مراقب منذ ثلاث سنوات للخروج من الجمود وازمة التعنت الاسرائيلي، وفي مبادرته منذ ايام اعلن القائد الوطني والفتحاوي محمد دحلان وجوب انهاء المرحلة الانتقالية واعلان الدولة في الجمعية العامة وهي اهم ما طرحته مبادرته مع تجديد للمؤسسة الفلسطينية سواء في المنظمة او السلطة ، ربما خيارات من الاهمية التعاطيمعها وطنيا ردا على مغامرات يطلقعا الرئيس الفلسطيني كل فترة واخرى واخرها انعقاد المجلس الوطني بمن حضر واعلان استقالات جماعية في اللجنة التنفيذية سلوك مناور غير جاد يسعى لضرب قنابل اختبارية امام القوى الوطنية والاسلامية من ناحية ومن ناحية اخرى رسائل لدول الاقليم والمجتمع الدولي عن اهمال لحق به من جانبهم، ووصف القيادي في حماس احمد يوسف وقوى وطنية اخرى بان مبادرة دحلان جيدة ويجب التعاطي معها.
المهم جيد ان نطرح فكرة اعلان الدولة من جانب واحد..... ولكن قبل ان نضع هذا الخيار كمهجية عمل سياسية ودبلوماسية طرحها في الاطار القيادي لمنظمة التحرير او المجلس المركزي او داخل المكاتب السياسية للفصائل ومركزية فتح..... يجب ان نضع الاسئلة الاتية
1- ما هو موقف السيد عباس من هذا الطرح وهل له من القوة ان يطرح ذلك في نهاية الشهر على الجمعية العامة وع اعتبار مكالمة كيري له اخيرا بان لا يتخذ اي قرار يصيب اسرائيل في هذه المرحلة وعدم مضيه في التلويح بالاستقالة.
2- سبق للمجلس المركزي في اجتماعه الاخير ان اتخذ عدة توصيات وقرارات ملزمة للسلطة وعلى راسها وقف التنسيق الامني وتقديم جرائم العدو للجنائية الدولية ، وهنا هل التزم الرئيس وخارجيته بتلك النصوص.
3-هل المجتمع الفلسطيني جاهز مؤسساتيا لمثل هذا الاعلان..؟؟ وحضرنا مجتمعنا الفلسطيني بمؤسسات مهنية ؟؟
4-في حال اعلنا الدولة هل اتخذت بدائل لردات الفعل الاسرائيلية في جانب التنسيق الامني كحركة القيادة وافراد الشعب والاقتصاد والتجارة على المستوى الداخلي والاقليمي.
5-في حال ما اعلنت اسرائيل ضم الضفة وسبق ان هدد قادة الاحتلال بهذا الخيار ... هل هناك برنامج فلسطيني قادر على التعاطي ومواجهة هذا الخيار وما هو دور الاجهزة في الضفة وموقفها وتبعيتها
6- في حال اعلان الدولة في نهاية هذا الشهر وانا لا اعتقد ان السيد عباس سيقوم بذلك هل جهزنا نظاما نقديا ورواتب بديلة تمنحها الدول المانحة..؟؟
7- هل الشعب الفلسطيني اعد ثقافيا وتربويا لهذا الاعلان ام ما زال تقتسمه الفصائلية والشرذمة..؟؟
اعتقد ان الفكرة بناءة ولكن عواقبها كبيرة وضخمة والفكرة رائعة في حين كان لدينا وحدة وطنية وقيادة جماعية بعيدة عن المحاصصة وفي حال ان تدارك عباس والمحيطين به اخطاؤهم التي ارتكبت بحق فتح وكوادرها وابتعدوا عن سياسة المناطقية والاقصاء فربما وحدة فتح قد تفتح خيارات في التعامل مع الاحتلال وهي خيارات ناجحة ان اقدم علبى ضم الضفة واتخاذ عقوبات بحق شعبنا وقيادته.
وفي التهاية هل الفلسطينيين جاهزون لاعلان الدولة ام سندخل في منحدر اخر........ بل ربما الخيار هو الانتفاضة الشعبية التي تكون نتائجها اعلان الدولة وتحرير الضفة ورفع الحصار عن غزة
سميح خلف