منذ فترة والرئيس ابو مازن يشغل كل المراقبين السياسيين والمحللين واصحاب الفكر السياسي والدوائر السياسية والاستراتيجية بالعالم وخاصة واشنطن واسرائيل لمحاولة معرفة ماذا يدور برأس الرجل وما سيقوله امام العالم بالجمعية العامة للأمم المتحدة بعدما انغلقت امامه كافة المسارات السياسية الداخلية والخارجية ؟ , لم يعد الرئيس ابو مازن يستطيع ان يقدم للشعب الفلسطيني اي شيء بسبب اسرائيل وتعنتها وتنفيذها لمخطط استيطاني خطير من شأنه ان يعيق اي حلول مستقبلية ومن شأنه ان يحول السلطة الفلسطينية الى مجرد ادارة حكم ذاتي محدود جدا , ابو مازن تأكد الان ان اوسلو لم يعد فيها اي حياة وقتلتها اسرائيل اكثر من مرة ومازالت مستمرة في قتلها وتريد السلطة ان تلتزم بكل شيء فيها وخاصة ما يلزمها وما يخدم امنها وحدودها فقط دون ان تقر اسرائيل بما جاء في الاتفاقية بالالتزام بالمفاوضات التي كان يجب ان تجري حول الوضع النهائي بعد عام من توقيع برتوكول الفترة الانتقالية وانتهت الفترة الانتقالية واصبحت بعد ذلك كل عمليات التفاوض مجرد مضيعة للوقت لان اسرائيل تريد هذا , وهنا اسقطت اسرائيل هذه الاتفاقية وإمكانية ان يحل الصراع على اساسها , .ينتظر الجميع ما سيفعله ويقوله السيد الرئيس في الايام القادمة امام العالم من على منبر الامم المتحدة وهل سيكون خطابه بالأمم المتحدة استعراضي ام خطاب القنبلة كما قال قبل يومين..؟
اعتقد ان ابو مازن لم يتخذ بعد قرارا نهائيا ما اذا كان سيقدم على حل السلطة كما يفكر البعض او لا ,لان هذا القرار لابد وان تتخذه اللجنة التنفيذية التي اعطت القرار بإقامة السلطة الفلسطينية وصوت المجلس الوطني على ذلك ولم يأتي قرار حل السلطة ضمن قرارات المجلس المركزي خلال اجتماعه في مارس الماضي لكن الرئيس قد يلوح بتحويل حكومة السلطة الى هيئة من هيئات منظمة التحرير , ولم يتمكن ابو مازن الحصول على ما يريد من المجلس الوطني واللجنة التنفيذية بسبب تأجيل اجتماع الوطني وتأجيل انتخابات تنفيذية جديدة وبالتالي امام ابو مازن قرارات المجلس المركزي وهي قرارات هامة وأولها تحديد العلاقة مع اسرائيل وفي ضوء ذلك سياتي وقف العمل بكل ما جاء في برتوكول اتفاقية اوسلو بشأن العلاقة الامنية والاقتصادية مع اسرائيل , قد يكون ابو مازن في رأسه شيئا اكبر من هذا كما افاد مقربون منه مازالوا يساندوا سياسته ولا ينظروا الى مصلحة خاصة ,هنا قد يعلن ابو مازن ان فلسطين دولة تحت الاحتلال استنادا لقرار الامم المتحدة الذي منح فلسطين دولة مراقب 2012, و بالتالي فإن منظمة التحرير هي من ستتولى رعاية الشئون السياسية لدولة فلسطين والمجابهة مع العالم ليساعد هذه الدولة على التخلص من الاحتلال وعندها فإن الحكومة الفلسطينية الحقيقية هي اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني هو البرلمان وكل القرارات المصيرية التي يمكن ان تصدر يجب ان تصدر عن اللجنة ويتم التصويت عليها من قبل المجلس الوطني , ويترتب على هذا ان يصبح دور المجلس التشريعي هو دور شكلي فقط لان صلاحياته اعطت بالكامل للبرلمان المنوي انتخابه من جديد وهو المجلس الوطني .
الرئيس لم يعد يمتلك اي مستوي من التفاؤل بأن ينجح في اقامة الدولة الفلسطينية دون عنف و حل سياسي للصراع عبر مبادي التفاوض والعدالة الدولية وهذا ما لا يؤمن به وما جعل كل الاوساط السياسية بالعالم تتساءل عن ما يدور برأس الرئيس على اثر ذلك وخاصة القنبلة التي قال بأنه سيفجرها بالأمم المتحدة ؟ اعتقد ان تلك الاوساط تعرف ان هذا سببا كافيا له ليترك العمل السياسي كليا ويستقيل من رئاسة السلطة الفلسطينية لكن قد لا يكون امام الامم المتحدة ولا حتى في هذا التوقيت وليس قبل ان يرتب البيت الفلسطيني بالشكل الذي يضمن للرجل الثاني الحفاظ على ثوابت الشعب الفلسطيني في اي حالة من حالات الصراع وتحت احلك المواقف و اشد الظروف , لا يستطيع الرئيس ابو مازن ان يعلن استقالته امام الامم المتحدة لأنها المكان الخطأ لقرار صحيح وهذا يستبعد ان يكون القنبلة التي يريد السيد الرئيس تفجيرها في الامم المتحدة وبالتالي بات علينا استبعاد كافة الاحتمالات الغير واقعية والغير قانونية وهنا نأتي لتأكيد ان الرئيس يستطيع ان يعلن امام الامم المتحدة بالفعل انتهاء الفترة الانتقالية وما يلحقها من اجراءات على الارض بالذات وقف كل التعاملات مع اسرائيل بالبروتوكولات الامنية والاقتصادية ويستطيع ايضا ان يعلن عن تحويل السلطة الفلسطينية لهيئة فلسطينية تكلفها منظمة التحرير الفلسطينية لإدارة مؤسسات الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال وتوجهها منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة دولة فلسطين التي هي اللجنة التنفيذية الجديدة .
بقلم/ د. هاني العقاد