عـيد الأضحى وفلسطين الجرح العميق

بقلم: عباس الجمعة

بالرغم من الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني على ارض فلسطين وفي اماكن اللجوء والشتات الا ان لعيد الاضحى المبارك طعم خاص، فالصغار فرحون بثيابهم والعابهم،والكبار بإتمام زيارة الاصدقاء والاقاراب والجيران ، وانتظار حجاج بيت الله الحرام .
عيد الأضحى زائر يطل في السنة مرة واحدة، وواجب استقباله فرض على الناس الخروج من صعوبات الحياة إيذانا باستقبال ايامه ، مبتهجين بحلول العيد في وقت تمر فيه الاوضاع الفلسطينية بمرحلة دقيقية وخطيرة نتيجة الهجمة العدوانية الصهيونية التي تطال الشجر والحجر والبشر والمقدسات الاسلامية والمسيحية، اضافة الى ما يجري في مخيمات اللجوء والشتات في سوريا ولبنان من ظروف دقيقة نتيجة قوى الظلام والتكفير ، هذه القوى لا تعرف سوى القتل وتهجير الشعب الفلسطيني من مخيماته خدمة لاجندات خارجية هدفها شطب حق العودة ، هذه القوى هكذا تفهم الاسلام ، ولكن الاسلام الذي نفهمه دين محبة وخير وتسامح ، وصولا الى ما تتعرض المنطقة وشعوبها من هجمة امبريالية صهيونية رجعية ارهابية تكفيرية هدفها تدمير مقدرات المنطقة ونهب خيراتها وتقسيمها الى كانتونات طائفية ومذهبية واثنية وابعاد الشعوب العربية عن البوصلة الحقيقية فلسطين
وامام كل ذلك نرى الهجمة على المسجد الاقصى و إستباحة له من قبل قطعان المستوطنين الصهاينة المدججين بالسلاح وبأدوات القمع الذين يستخدمونها بشكل بربري في الاعتداء على المرابطين والمصلين المسالمين العزل من الشيوخ والنساء والرجال ، حيث ان هذه الاقتحامات تأتي في مخطط مدروس تنفذه دولة الكيان بكل أجهزتها الأمنية ومؤسساتها المدنية ومرجعيتها الدينية مستغلة بذلك الانشغال العربي والاقليمي والدولي بصراعات المنطقة في دولها خاصة دول الطوق المجاورة ، وهو ما يشجع حكومة الاحتلال على المضي قدما في تنفيذ مخططات التهويد لأن الاهتمام العربي والإسلامي والدولي حتى هذه اللحظة لم يرق الى مستوى الموقف المطلوب لكونه لا يتعدى عن إصدار بيانات شجب واستنكار مقتضبة تصدر غالبا عن المنظمات الاقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ولجنة القدس ومجلس التعاون الخليجي و مفوضية الاتحاد الأوروبي وبعض وزارات الخارجية والأوقاف وهي ردود لا تتناسب مع خطورة وحجم المخطط التهويدي الذي يجري تطبيقه بتقسيم الأقصى زمنيا ومكانيا وذلك تمهيدا في النهاية لإقامة جبل الهيكل المزعوم ، ولذلك فنحن على ابواب عيد الاضحى نقول آن الآوان لصياغة موقف وطني رسمي وموقف عربي واسلامي لحماية الأقصى من خطر التقسيم لأن القدس وما فيها من مقدسات هي لب الصراع و جوهره العقائدي و هي أمانة في اعناق الامة الاسلامية بأسرها مما يجب ان يخرج الصراع من دائرته الوطنية الفلسطينية الى الدائرة الاوسع عربيا و اسلاميا فلا معني ان يستمر موقف الصمت والتخاذل والاستمرار في ممارسة هذا الموقف اللفظي من دول العالم العربي والإسلامي ، والوضع الفلسطيني أيضاً يعيش حالة من التردي وضعف وانقسام اعجز من تضع خطة او استراتيجية تمكن من إنقاذ الأقصى،والمشهد الفلسطيني في حالة إرتباك رغم ما نراه من مواجهات وصمود لشعبنا في القدس والأقصى ، لهذا لا بد من إتخاذ موقف فلسطيني بدعم المقاومة الشعبية والعمل على وحدة الموقف الفلسطيني وانتظار خطاب الرئيس محمود عباس امام الجمعية العامة للامم المتحدة.
فصلاة العيد في المسجد الأقصى وزيارة قبور الشهداء وشراء الصغار لألعاب العيد كل هذا يجعل المقدسيين يشعرون بالقلق ، ولو لبضعة ايام، رغم الضغوط الحياتية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، لاتمام فرحة بإتمام شعائر العيد التي لا تخلو منها التمنيات بالحرية والاستقلال وازالة الاحتلال ، تمنيات اعتاد الفلسطيني التضرع بها الى الله علها تخفف عنه عبء الحياة وتعطيه املا في غد افضل.
من هنا يتطلع الشعب الفلسطيني في عيد الاضحى وهو يفتخر باسراه الابطال واسيراته المناضلات الذين يصنعون فجر الحرية وهم يستقبلون العيد بأشكال وصور متعددة ونظرتهم للعيد تنطلق من بعدين؛ الأول العقائدي والديني وهذا يجعل الأسير يستشعر مكانة العيد ويتعامل معه من هذا المنطلق خاصة انه مناسبة إسلامية ذات دلالة في الشريعة،ولكن في غمرة فرحتنا باستقبال العيد علينا وعلى الجميع أن يتذكر بأن هناك في سجون الاحتلال لا يزال أكثر من سبعة آلاف أسير ، بينهم أطفال ونساء وشيوخ ومرضى ومعاقين .. بينهم وزراء سابقين ونواب وقيادات سياسية، وبينهم من الاسرى المضربين عن الطعام ، وهؤلاء جميعا هم بحاجة دوما لفعلنا وجهودنا ومساندتنا ، ففرحتنا منقوصة لطالما بقى أسير واحد في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
على كل حال جاء العيد هذه المرة على الشعب الفلسطيني مثقلاً بالجراح، ففلسطين الجريحة تعاني من الاحتلال والاستيطان والانقسام، ومخيمات اللجوء والشتات في سوريا ولبنان ترسم خارطة حق العودة وتصَنَع العيد بمسيرات وزيارات الى مدافن الشهداء في المخيمات، وتوجه من خلالها على النصب التذكاري في مقبرة الشهداء التحية لشهداء الثورة الفلسطينية المعاصرة، وفي مقدمتهم القادة العمالقة الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات وأبو العباس وطلعت يعقوب وخليل الوزير، وسعد صايل وفتحي الشقاقي والشيخ احمد ياسين وزهير محسن وابو عدنان قيس وجهاد جبريل وكل الشهداء من فلسطينيين وعرب واممين استشهدوا على الطريق الى فلسطين.
ختاما: كلّ التحية و التقدير للشعب الفلسطيني المرابط على ثرى ارض فلسطين ومقدساتها الاسلامية والمسيحية وفي اماكن اللجوء والشتات والمنافي ، و كل التحية لأرواح الشهداء ، و للمعتقلين والاسرى البواسل ، و للجرحى الصابرين على الجراح، وكل التحية للشعوب العربية وقواها التقدمية والقومية وقوى المقاومة على امتداد المنطقة ، وتحية للشعبين الشقيقين الفلسطيني واللبناني ، ونقول ان علينا الاستمرار في طريق النضال والإبداع والتميز فالشعب الفلسطيني العظيم سيبقى شعلة منيرة تضئ سماء فلسطين.

بقلم/ عباس الجمعة
كاتب سياسي