(1) قنبلة الرئيس
اثار خطاب الرئيس في قاعة المنتظم الدولي في اجتماعه السنوي جدلا جديدا بين الفلسطينيين ليس فقط بين المؤيدين والمعارضين سياسيا بل بين المؤيدين لمنهج الرئيس ذاته. فالخلاف اساسا ليس على مضمون الخطاب أو التراكيب اللغوية له او في تقديم او تأخير الفقرات؛ فالقارئ لمنهج الرئيس يدرك انه لن يخرج عن الخط الذي رسمه خلال السنوات الاربع الاخيرة القائم على التحرك السياسي والقانوني في المجال الدولي، بل في "البروباغندا" التي سبقت الخطاب والتي رفعت سقف التوقعات من الخطاب شعبيا دون الاخذ بالحسبان ردود الفعل بعد الخطاب الذي جاء تقليديا لم يخرج عن ما سبقه في العام الماضي في مضامينه.
فالخطاب الذي القاه الرئيس محمود عباس أخذ بعين الاعتبار تراكم الفعل الفلسطيني السياسي والقانوني، وابقى الباب مواربا أو الخيارات مفتوحة لمستقبل العملية السياسية وخاصة العلاقة مع الحكومة الاسرائيلية، وهو تعبير عن حنكة سياسية يتمتع بها الرئيس. لكن هذا الخطاب يحتاج وهو يحتاج لبلورة خطة وطنية نضالية تحدد مسارات الفعل المستقبلي، وقراءة معمقة للخطوات القادمة بالشراكة مع القوى الفلسطينية كافة.
(2) قنبلة رئيس الحكومة "المنظمات الاهلية"
اعلان رئيس الحكومة عن أن 38% من مجمل مؤسسات المجتمع المدني (1082 من اجمالي المنظمات الاهلية البالغة 2882) قد يكون كلاما عاما في اطار الصراع الأزلي مابين السلطة والمنظمات الاهلية "منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في العام 1994 حتى اليوم وهو سيستمر" وذلك لطبيعة ذات العلاقة. لكن الحديث عن إن خمسمائة مؤسسة من هذه المؤسسات غير فاعلة على الإطلاق سوى أنها تتلقى الدعم المالي والأموال باسم الشعب الفلسطيني يحتاج الى تدقيق عميق ليس في كلام رئيس الحكومة فقط بل في هذه المؤسسات والمسؤولين فيها وعليها وجهات التمويل لها.
وحتى لا يبقى الكلام عاما ويتم خلط الحابل بالنابل اقترح على رئيس الحكومة؛ أولا: محاسبة الجهات الرقابية التي لم تقم بعملها خاصة وزارات ومؤسسات الاختصاص. وثانيا: اعلان اسماء المنظمات التي تلقت دعما وهي غير فاعلة كما جاء على لسان رئيس الوزراء وإحالة رؤساء مجالس ادارة تلك المؤسسات ومدرائها الى القضاء. وثالثا: الاعلان بالأسم للمنظمات الاهلية التي اقترفت مخالفات ادارية ومالية وإحالتها الى الجهات القضائية لأخذ المقتضى القانوني بحقها. ورابعا: اخطار المؤسسات غير الفاعلة وفقا لأحكام قانون المنظمات الاهلية للعام 2000 بالإنذار المستحق، مع الاعلان عن هذا الاخطار وأسماء المؤسسات غير الفاعلة. وخامسا: وهو الاقتراح الذي يريح جميع المواطنين، الاعلان عن رواتب وامتيازات المدراء العامين والمدراء في المؤسسات الاهلية بكشف سنوي حتى لا يبقى هذا الموضوع عرضة للإشاعات والقيل والقال. هذا الامر كذلك ينطبق على كبار الموظفين العامين كالرئيس ورئيس الوزراء والوزراء ورؤساء المؤسسات العامة والقضاة والنواب والمستشارين سواء الموظفين حسب قانون الخدمة المدنية أو المتعاقدين معهم وفق قانون العمل؛ فجميع الاموال المنفقة هي من المال العام سواء للعاملين في القطاع العام أو الأهلي. كما ينسحب هذا الأمر على رؤوساء ومدراء الشركات المساهمة العامة.
(3) القيادة المُسنة بمعايير الاحصاء الفلسطيني
أعلن الجهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني، بمناسبة اليوم العالمي للمسنين، أن نسبة كبار السن 60 سنة فأكثر قد بلغت 4.5% من مجمل السكان منتصف العام 2015، وان معدلات البقاء على قيد الحياة 72 عاماً للذكور و75 عاماً للإناث. هذا المؤشر يثير مدى تمثيلية القيادة الفلسطينية "ينسحب هذا الامر على أعضاء اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير والأمناء العامين لأغلب الفصائل الفلسطينية" للفئات العمرية في الشعب الفلسطيني ؛ فجميع اعضاء اللجنة التنفيذية هم من المسنين (فوق سن الستين سنة) أي انهم يمثلون فقط 4.5% من السكان فيما اغلبية الشعب الفلسطيني غير ممثلين في هذه القيادة. كما أن متوسط أعمار أعضاء اللجنة التنفيذية فوق معدلات البقاء على قيد الحياة؛ حيث يبلغ متوسط اعمار اعضاء اللجنة التنفيذية 74 سنة فيما معدل البقاء على قيد الحياة للذكور في فلسطين هو 72 سنة، وفقا للجهاز المركزي للاحصاء.
الامر الذي يطرح بقوة تشبيب القيادة السياسية للشعب الفلسطيني، أي قيادة شابة يتحرك أعضائها بخفة لا عواجيز، وقادرين على الحركة بسرعة قدرتهم على التفكير، ويتحملون ضغط الوقت لا يحتاجون الى قيلولة الظهيرة. وقيادة تنظر الى المستقبل لا اسيرة الحفاظ على ارثها الشخصي بل قيادة تبني مستقبل أجيالها، كما كان ذلك لأعضاء القيادة الحالية في بداية حياتهم السياسية، وهذا لا يعني التخلي عن تراث الآباء المؤسسين أو الانتقاص من حكمة المسنين وحصافتهم.
جهاد حرب
Jehad Harb
Researcher in governance & policy issues