الرئيس عباس واكثر من ازمة

بقلم: سميح خلف

ثمة عدة ازمات تواجه الرئيس عباس على المستوى الداخلي والخارجي وهي بمثابة تحديات قائمة امام المشروع الوطني ككل ، وفي هذه المناخات العاصفة التي قد تعصف بما تبقى لدى الفلسطينيين من اسس البناء الداخلي وهياكله واطره ومؤسساته ان لم يقدم الرئيس معالجات سريعة واساليب حثيثة بمشاركة الكل الفلسطيني للخروج من ازمة مرحلة ومراحل سابقة.
اولا : على المستوى الداخلي هناك ازمتين لدى الرئيس عباس وتعني اعادة النظر في ترتيب البيت الفلسطيني:
ا- الازمة الداخلية لفتح وازمة برنامجها ، لا اريد هنا ان اتحدث عن فتح وتاريخها وعظمة انطلاقتها التي بالتأكيد يجب ان يحافظ عليها ولانها حركة الجماهير بل بالتعريف النسبي وليس المطلق بانها تمثل غالبية الشعب التي ينصهر من خلالها نشاط ورؤية المستقلين ايضا.
ازمات فتح وليست ازمة واحدة قديمة جديدة ومتجددة تمس الحالة التنظيمية والسياسية والقيادية والسلوكية والثقافية والاعلامية كلها مكونات تمس جوهر مهمة فتح في كل مرحلة ومدى انسجام تلك العناصر مع المرحلة ، ومنهم من يصنف ان ازمة فتح تلخص كل تلك العناصر بازمة قيادة وكادر.
الرئيس عباس بحكم موقعه ومسؤلياته وعمقه التاريخي في حركة فتح قد يكون هو المسؤول الاول عن جميع الظواهر السلبية التي تعاني منها حركة فتح وهنا لا اقلل من مسئولية اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة وقيادات الاقاليم التي قد يكون مغلوب عىلى امرها لاعتبارات متعددة اما من حيث المصالح او طريقة الاختيار للموقع او الخلفية الثقافية ومقدار تناسبها وانسجامها مع ادبيات فتح وبرنامجها.
استفحلت ازمات فتح من مسببين اثنين التان افرتان الظواهر الاهر ، ازمة مشروع اوسلو وانعكاساته على البنية الداخلية في فتح من حيث الكيف والكم والعطاء وازمة التفرد في القرار الحركي والناتج عن ضعف اطار المركزية ومجلسها الثوري مما افرز ظاهرة النرجسيات القيادية ومحاولة التخلص من المعارضين او المنتقدين لهيمنة الفرد او نهجه، ويستحضرني هنا طريق شائك تاريخيا بالتخلص من المنتقدين او المعارضين وبدون الالتزام بالنظام وفي جميع المراحل، واشتد هذا الاستئصال بالتحضير لمرحلة اوسلو وصولا الى توقيفعا وما بعد توقيعها.
ازمة فتح الراهنة وهي تراكمات لمسلكيات وسلوك يجب التخلص منه وعلى الرئيس عباس ان يعمل فورا وبدون حسابات جهوية اوحسابات سياسية تطبق على الكادر الحركي المنتقد وما دام ملتزما ومنضبطا لبرنامجهاوادبياتها واطرها ، وهي اصلاح وجمع الحركيين الذي تم اقصاؤهم عبر محطات ومنعطفات وبطرق التزييف والادعاء والكذب ولصالح بعض القوى في حركة فتح.
تعاني حركة فتح في حاضرها انقسام حاد نتيجة عدة اجراءات وقرارات اتخذها الرئيس لمسببات في داخله وليست لها علاقة بالاطار الفتحاوي فربما لتكريس نهج لمرحلة اعتقد انها فشلت بكل فروعها وعناصرها وتحت مبررات نظرية المؤامرة لسلوك تبريري للاقصاء وكان ضحية هذه الاجراءات والقرارات فصل عضو اللجنة المركزية المنتخب محمد دحلان واخوة وقادة اخرين طالت من البنية القاعدية والاطارات القيادية ما طالته ومن ورائها قاعدة عريضة من ابناء فتح في غزة ولبنان والضفة.
خطورة هذا الاجراء يجب تداركه من الرئيس عباس سعيا لوحدة حركة فتح والتي ما زالت تجسد طليعة المشروع الوطني بل تمس عمق الامن القومي والاقليمي للفلسطينيين ودول الجوار ، المرحلة تحتاج لوحدة فتح والتزام الجميع ببرنامج يعيد الشرعيات لمؤسساتها القيادية والتشريعية.
الكرة الان في ملعب الرئيس وخاصةانه يدرك تماما ليس انقاصا من حقه الفتحاوي والوطني بل وما عبر هو عنه بانه "" تعب "" ويريد ان يتفرغ في اخر عمره لحياته الخاصة" فاعتقد ان دحلان ومن معه قد لبوا كل ما تتطلبه الوساطة من التزام حركي ووطني بين عباس ودحلان في السابق ولم تنجح تلك الوساطات لامر في نفس الرئيس عباس ومراهنة على نجاح نهجه في تسوية مع الاسرائيليين وبنفس المكونات والنهج الخالي من المعارضة، ولكن الامور قد تغيرت فالاسرائيليين ماضين في تهويد الضفة وتفكيك اركان السلطة واضعاف محمود عباس وهذا ما عبر عنه قادة العدو بانه الرجل الضعيف الذي يقود حركة منقسمة .
الوساطة المصرية المتكررة والتي تعتبر وحدة حركة فتح من الامور الهامة للامن القومي المصري وهي تمس جوهر البرنامج المصري لدعم القضية الفلسطينية وهذا ما عبر عنه الرئيس السيسي وعلى ما اعتقد انه سيكرره للرئيس عباس في زيارته لمصر غدا ، ومن الاهمية ان يبدأ الرئيس عباس باخذ الخطوات الجادة والسريعة للتراجع عن قرارات اتخذها سابقا بحق قادة وكوادر ، وهنا قد يكون التراجع عن طريق احالة الملف للمجلس الثوري الذي يرفض قرارات صدرت خارج اطاره واطار المركزية او من خلال المؤتمر العام الحركي بصفة محمد دحلان عضوا في المؤتمر واخوة اخرين.
بالتاكيد ان ما اوضحه موقع اليوم السابع عن وساطة الرئيس السيسي بين عباس ودحلان ستاخذ منحى اكثر اهمية في هذه الظروف التي تشهد انتفاضة في الضفة وتعنت اسرائيلي وتهويد القدس وما تشهده سيناء منتطرف تجعل من الاهمية لهذا الملف الذي يرتكز على ركيزتين وحدة فتح والوحدة الوطنية بين القوى الوطنية والاسلامية .
لم يضع دحلان شروطا للمصالحة بل اكتفى مطالبا الرئيس بالتراجع عن اجراءات قد اتخذها في السابق والعمل حثيثا على الوحدة والوطنية وانهاء الانقسام، هذا ما طالب به دحلان مع التزامه بالعمل في اي موقع وطني تطلبه المرحلة .
اذا امام الرئيس عباس ولخطورة المرحلة عدة قرارات:
1- التراجع عن الاجراءات المتخذه سابقا بحق قيادات وكوادر
2- تشكيل لجنة تحضيرة للمؤتمر الحركي محايدة بل تعكس القرار التوحيدي والوحدوي للحركة
3- تحديد سقف زمني لانغقاد المؤتمر العام الحركي السابع.
ثانيا: ازمة الانقسام الداخلي ومعالجة هذا الانقسام على اسس وطنية وبرنامج سياسي على ضوء المتغير في الصراع مع الاحتلال وانتفاضة الاقصى والدعوة العاجلة الى اجتماع الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير والعمل ببرنامج القواسم الوطنية وعلى ضوء فشل حل الدولتين وضرورة البحث في خيارات اخرى لدى الشعب الفلسطيني.
ثالثا: ازمات ناتجة عن ازمات فتح والانقسام وصورة التحرك الفلسطيني الخارجي والاقليمي وما يتعلق ايضا بازمات اجتماعية وثقافية وبطالة وفقر ومركبات وعقد حياتية تواجه الشعب الفلسطيني".
قد تكون الازمات الثانية والثالثة تريد مقالات منفردة ولكن اعتقد ان حل تلك الازمات ياتي بحل ازمة فتح الداخلية وازمة الانقسام.
ومن هذا المقال نطالب الرئيس عباس التجاوب السريع لحاجيات المرحلة فتحاويا ووطنيا فالزمن يسير قدما ويجب ان نسير معه ومع متطلباته ولا لن يرحم التاريخوالشعب احد.
سميح خلف