رحل المايسترو ولم نسمع بعد ذلك إلا ضجيج من فرقة العمل الوطني وعزف العازفون النوتة كل على حدة في ورطة لا مثيل لها من الفوضى وعدم التناغم ، رغم صوت البوق المزعج أحيانا للآذان فهو بمثابة الإنذار ولكن لا احد يتسطيع ان يعلو ويأخذ مكان المايسترو ويلوح بمؤشره او عصاه ليقوم بتنسيق الآداء وليبهر الجمهور إلا في حالة واحدة فقط ، اذا عزفت الفرقة النوتة سويا وبتناغم يبهر الجمهور ولذلك تاهت المفاهيم واللغة ولم نستطيع ان نعزف سنفونية اللحن الخالد __ ثورة حتى النصر __ ولم تخرج هذه السنفونية للجمهور المتشوق لهذا اللحن الغائب الحاضر .
رحل المايسترو بكل ما لديه من ذكاء وفطنة وقدرة على الجمع لا الطرح وبكل مساوئ هذا المفهوم ، تدحرجنا ، تآكلنا ، تثاوبنا ، من سياسة المد والجزر وبقيت هذه السياسة حالنا وواقعنا وذهبنا نستعرض وذهبنا نصنع مشاهد استعراضية ، لنبهر الجمهور ، فاصطنعنا مشهد هدم الأكشاك على بحر غزة بواقعها وصورتها المؤلمة ومن يلهثون على العيش من ورائها فاصبحت هي المشكلة وأم المشاكل ، فهي سبب الفوضى وهي ايواء للمتسللين ، للذاهبين والآتين ، وهي مشكلة امنية تؤرق الجيران ، وكان الحل الفورى بالإزالة ، ونسينا الجدار والأسمنت ونسينا القصور ونسينا المتسولين على الصندوق القومي والمستنفعين والمستفيدين والمفيدين ، إلى ان نخر السوس عظامنا ، وأخذ القسط الأكبر من النخاع ، ونحن نحلم ونحلم ونحلم ونحلم بحلم الشهداء وبمثاليته ويصطدم هذا الحلم بحقيقة أن للمايسرو عصاة موسى ، التي ابطل سحرها رجال القوم .
ستقولون طرحك سلفي ، يأخذنا إلى مرحلة سابقة ونحن في عالم الدمقرطة .
قد تقولون تجاوزنا ، تقدمنا نحو الديمقراطية ، ديمقراطية الإحتلال وفرضية امريكا ولهونا في قصة المتغير الدولي والإقليمي وفرضاياته علنا نقنع انفسنا ونقنع الجمهور ، ونسينا اننا اصحاب اللحن __ فدائي فدائي يا أرض الجدود __ وكذلك نسينا معركة بلاط الشهداء في جنين ونسينا حصار المايسترو وقضيته مع الجمهور ومع القوم ولهونا بالنسب الأنتخابية لأننا مجتمع عصري !!!!! واصبحت ديمقراطية غابة البنادق نسيا منسيا في ردهات التاريخ .
لم نصرخ على موتانا وشهدائنا الا حين احتياجنا لهم ولشفافيتهم واخلاصهم وجلسنا ننتظر الفرج علّ تضحيات شهدائنا تبرر للجمهور سوء آدائنا ، وتضع حلا لإستنكافه ، علّ الجمهور يغفر لنا ..!
إننا قصرنا تهاونا وتناسينا إننا اخطأنا في أكثر من محطة ، لم نخطئ سياسيا فالآخرون يسرقون برامجنا وتصورنا واستنتاجاتنا وتحليلاتنا ويضعوا انفسهم في موقع الأبطال والحريصين على طموحاتنا وآمالنا ، ولكن أخطأنا مسلكيا وسمحنا للآخرين ان يتسللوا ويسرقوا أمجادنا وإعتمدنا على إننا إخوة وآباء وأحفاد الشهداء ، ونسينا أننا في طريق الألف ميل ..... لا توجد محطة إنتظار أو تسلية لعاشقين على جانب الطريق ..... هل للندم فرصة من النجاح .. لا ...لا....لا .... فالندم مضيعة ... وسلوك استسلامي يدعو الى ردات فعل غير محسوبة ، ولكن يجب ان نعود إلى عشق روح الشهيد والأرض وأن يستل الشهداء والمناضلون سيوفهم ليسحقوا المشوشين واللاهثين لتحقيق الإمتيازات الفردية والعودة للشارع والأسرة والرضيع والفقير والمناضل والنصير وان تكف اطر فتح عن اكل ابنائها وعزف سنفونية العمل الإجتماعي المناضل ، لنعود الى عظمة حركة فتح حينئذ يخرج السارقون للأرواحنا وامجادنا ولتكون فتح هي الاجماع والمستقبل والطموح .
بقلم/ سميح خلف