حين تلجأ السعودية للقوه وتشن حربها على اليمن وتدعم المجموعات المسلحة في الصراع على سوريا وتتجاهل احتلال إسرائيل للقدس والأقصى هنا لا بد من التساؤل عن أولويات السعودية لتحقيق وتحصين أمنها وهي تتجاهل إسرائيل ورغبتها في التوسع وتطلعها لخيبر السعودية ،
إذا كانت السعودية تؤمن أن القوه هي الأساس لتحقيق الأهداف فهل استجداء السلام من إسرائيل يمكن أن يتحقق ، وهنا تستوقفنا تصريحات الأمير تركي الفيصل الذي سبق وان شغل منصب مدير الاستخبارات لبلاده حين أشار في تصريحاته لصحيفة هارتس الاسرائيليهإلى أن مبادرة بلاده هي السبيل للخروج من الطريق المسدود لـ"عملية السلام" بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية، على أن تشمل المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت 2002 انسحاب العدو الإسرائيلي إلى حدود عام 1967، وإنشاء دولة فلسطينية، وإيجاد «حل متفق عليه» للاجئين الفلسطينيين، وتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" ودول المنطقة كافة.وقال الفيصل إن الماضي شهد على أن العرب هم من كانوا يقولون "لا"، أما اليوم فإسرائيل هي التي ترفض (التطبيع)، معرباً عن اعتقاده بأن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ليس زعيماً بعيد النظر، وهو لن يطلق تحركاً سياسياً دراماتيكيا، «لذلك يجب أن تنطلق المبادرة من مصدر آخر، من الرأي العام في إسرائيل... وأتمنى أن يقرأ الإسرائيليون ما أقوله هنا».
ويعتقد تركي الفيصل بأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ملتزمان بالحل التفاوضي، معيداً إلى الأذهان أن حركة "حماس" أيضاً قد تعهدت بقبول كل ما توافق عليه منظمة التحرير، ومضيفاً أن «هذا هو موقفهم العلني، ويمكن اختباره».
أما في ما يتعلق بإيران، فأشار الفيصل إلى أن العلاقات بين المملكة والجمهورية الإسلامية تحسّنت في عهدي الرئيسين الإيرانيين السابقين، هاشمي رافسنجاني ومحمد خاتمي، إلا أنها تراجعت في عهد محمود أحمدي نجاد، وأن «ذلك يعود أساساً إلى رغبته في بسط النفوذ الإيراني على الشرق الأوسط بأسره، من سوريا والعراق، حتى البحرين واليمن». ويضيف الفيصل أن الرئيس حسن روحاني "وإن كان صدر عنه بعض الكلام الجميل، إلا أنه لم يغيّر الاتجاه حتى الآن... وهناك شك في تصريحات روحاني حول رغبته في تحسين العلاقات معنا».
رفض تركي الفيصل ما يحكى عن أن السعودية تنشر في العالم الإسلامي التطرف الأصولي، مشيراً إلى أن المملكة تقف منذ الهجوم على مركز التجارة العالمي عام 2001 على رأس "الكفاح ضد الإرهاب"، وأن المملكة «اتخذت إجراءات صارمة، شملت منع تحويل أموال وتصدير خطاب تحريض أو السماح بانتقال الأشخاص إلى مناطق حساسة».
وتشير الصحيفة إلى أن تركي الفيصل، الابن الثامن للملك فيصل بن عبد العزيز، يتولى مهمة الإلحاح على قادة الصهاينة كي يصنعوا السلام، وهو في سبيل ذلك التقى في السنوات الماضية، علناً، شخصيات صهيونية مختلفة، منها الوزيران مئير شطريت ودان مريد ور، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق اللواء عاموس يدلين، وأخيرا وزير المالية السابق يائير لابيد.
اللقاء والحوار الذي أجراه الصحفي الإسرائيلي حيمي شاليف في واشنطن بحسب الصحيفة الاسرائيليه ما كان ليتم لولا موافقة السلطات السعودية . ولفت الصحفي الإسرائيلي حيمي شاليف إلى أنّ الفيصل استقبله في الفندق الفخم “باكرا” في منهاتن. ولفتت الصحيفة ان الحوار مع تركي الفيصل كان لمناسبة “مبادرة كلينتون العالمية في أفريقيا والشرق الأوسط”، والتي يشارك فيها الفيصل، ليتشعب الحوار في اتجاهات أخرى، أبرزها تحسين صورة المملكة لدى الرأي العام الإسرائيليّ، والحديث عمّا أسماه الأمير السعوديّ بعدو المُشترك لبلاده ولإسرائيل، إلا وهو الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة. وخلال حديثه لفت الأمير السعوديّ إلى أنّ الرئيس الأمريكيّ باراك أوباما استهل ولايته الأولى بمنتهى الحزم للدفع بما أسماها عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكنّه تراجع سريعًا، الأمر الذي أصاب العالم العربي بخيبة أمل كبيرة، على حدّ تعبيره.
وتابع الأمير الفيصل قائلاً للصحيفة العبريّة إنّه لا أحد يظن أنّ واشنطن ستدفع تل أبيب إلى تبنّي مبادرة السلام العربيّة والتوصل إلى حل الدولتين، الأمر الذي يعني، بحسبه، أنّه لا يوجد سوى إسرائيل نفسها كي تكون هي المبادرة إلى ذلك،
وهنا تستوقفنا ملخص ما وصل إليه الفيصل في حواره مع الصحيفة الاسرائيليه قوله إنّه إذا لم يُحرز أيّ تقدّم في المسار الإسرائيليّ-الفلسطينيّ، فإنّ الرياض لن تتعاون مع تل أبيب في أيّ قضية من القضايا. يُشار إلى أنّ الصحيفة العبريّة نشرت فيديو المقابلة مع الأمير السعوديّ، والتي أُجريت باللغة الإنجليزيّة، على موقعها الالكترونيّ، مع ترجمةٍ إلى اللغة العبريّة، بهدف إيصال صوت الفيصل إلى الجمهور الإسرائيليّ، كما طلب.
حقيقة وجوهر توجه مسئولين في المملكة العربية السعودية لإجراء حوارات ومقابلات مع صحف إسرائيليه ووسائل إعلام إسرائيليه وعقد اجتماعات مع مسئولين إسرائيليين لرسم خطوط عريضة لحقيقة وجوهر التغيرات في المنطقة تجدها إسرائيل ضمن عملية ترسيخ وجودها في المنطقة وتنظر إليه على انه تطبيع مجاني مع إسرائيل وهو أمر مستجد في التوجهات السعودية لجهة فتح حوارات مع إسرائيل وإشراكها في التحالفات الاقليميه ضمن إستراتجية المملكة العربية السعودية لمواجهة إيران .
إن إسرائيل دولة احتلال وخطرها في المفهوم الاستراتيجي أكثر من إيران لان لإسرائيل أهداف استراتجيه للتوسع والهيمنة والسيطرة على مقدرات المنطقة وهي ما زالت تحتل كامل فلسطين والقدس والأقصى وان مخططها ألتهويدي للقدس يشكل خطر كبير على المنطقة وامن ألامه العربية الاسلاميه .
إسرائيل رفضت التعاطي مع المبادرة العربية للسلام منذ أن تم إقرارها في مؤتمر قمة بيروت 2002 وهي لا ترى في مبادرة السلام العربية سوى شق واحد من بنودها وهو الاعتراف بيهودية ألدوله والتطبيع مع إسرائيل وما عداها من بنود لا تتطلع إليه إسرائيل لأنها ترفض الاعتراف بحل الدولتين وهي مستمرة بمشروعها الاستيطاني والتهويدي .
إن مطالبة مسئولين سعوديين السلام من إسرائيل واستجداء ألمطالبه بالسلام لن يثمر في شيء لان إسرائيل بالأساس ترفض مبدأ الأرض مقابل السلام وهي تتنكر أصلا لجميع قرارات الأمم المتحدة وترفض أساسا قراري مجلس الأمن 242 و338 وترفض الإقرار بالحقوق الوطنية الفلسطينية وقضية اللاجئين الفلسطينيين
إن الاستمرار في محاولات تسويق مبادرة السلام العربية لإسرائيل واستجداء السلام من إسرائيل هو دليل ضعف الدول العربية في فرض السلام ومتطلباته مع إسرائيل وفق ما صرح به الأمير تركي الفيصل في حواره مع الصحيفة الاسرائيليه هارتس مع أن السعودية التي تمكنت من تشكيل تحالف عربي في حربها على اليمن ومشاركتها في الصراع على سوريا تملك من أوراق القوه ما يمكنها من فرض السلام على إسرائيل وليس استجداء السلام
المفروض في المملكة العربية السعودية أن تسحب مبادرتها للسلام التي ترفضها إسرائيل وان يتم تغيير التعامل مع إسرائيل إلا بمنطق القوه خاصة وان السعودية وغيرها من الدول العربية تملك من أوراق الضغط على إسرائيل وأمريكا ما يمكنها من فرض شروط السلام لا الاستسلام
نأمل أن يتوقف التطبيع المجاني مع إسرائيل وان تتوقف الحوارات ومشاركة إسرائيل لتكون شريك في التحالفات الاقليميه لان توجهات وتطلعات إسرائيل هي الخطر الذي يتهدد السعودية وامن المنطقة وان إسرائيل ما زالت تنظر لاستعادة خيبر ومناطق من السعودية بحجة أن هذه المناطق جزء من تاريخ ألدوله اليهودية
لقد آن الأوان لتغير جذري في المواقف العربية من إسرائيل ومن مبادرة السلام العربية التي رفضت إسرائيل التعاطي معها وان يجير التحالف السعودي لتحرير القدس وفلسطين بدلا من شن الحروب على اليمن والصراع على سوريا التي تضعف من الموقف العربي وتبدد القوه العربية لصالح إسرائيل وتمكنها من الهيمنة والسيطرة على مقدرات ألامه العربية وهنا مكمن الخطر الذي يتهدد امن السعودية والخليج ومنظومة الأمن القومي العربي.
بقلم/ علي ابوحبله