في غياب المسئولية تضيع الحضارات

بقلم: هاني زهير مصبح

نعم في غياب المسئولية تضيع الحضارات هذا هو موضوع مقالي اليوم الذي أعطية أهميه كبيرة جدا لأنه يتكلم عن إرث وتاريخ يضيع شيئا فشيئا بسلوك وأشياء ننتهجها ونعتقد أنها تندرج تحت مبدأ الرقي والازدهار والتقدم ولكن للأسف إنها قمة الجهل والانحدار.

الكل يتحمل مسئولية هذا الضياع ولا يعفي من ذلك أحد وجوهر الموضوع هو انتشار ظاهرة استخدام اللغات الأخرى في مواضع وأماكن حياتنا العامة كبديل للغة العربية ونظن بأن ذلك أمر حسن ومظهر يعطينا نظرة متميزة أمام الآخرين ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما ، فهل يعقل أن نقدم أي لغة بالعالم كبديل إلي لغتنا العربية وفي عقر دارنا ؟
فمثلا تجد سيارة خاصة بالصحافة موضوع علي زجاجها لوحة كتب عليها "press" بدل كلمة صحافة وهو في مجتمع عربي يتحدثون ويقرؤون اللغة العربية وتلك اللوحة يشاهدها الكثير من الناس ولكن لا أعتقد أن الجميع فهمها .
مثال آخر عندما نذهب إلي أي مطعم فنجد أن الزبائن لا يقولون أعطني "قائمة الطعام " بل يقول أعطني "menu" وعند الانتهاء يقول بدل كلمة "الحساب" يقول "Account" أو أذهب إلي " Casher" ويحدث ذلك في بلد عربي والمطعم جميع مكوناته وطاقم العمل عربي والجمهور من الزبائن عرب ونستخدم كلمات من لغات آخري .
وعندما نذهب إلي السوق ونلتقي بأصحاب المتاجر وتسألهم عن شيء تسمع كلمات ليست عربية أصبحت تندرج في شتي معاملاتهم بدلا من أن يقول "الجودة عالية" يقول "quality " وإن سألته عن المواصفات الخاصة بالسلعة يقول لك شوف ال"ticket"
وعندما نذهب لأي مكان ونرغب في إيقاف سيارة "الأجرة" ننادي عليها "Taxi" وعندما يطلب منك أحد شيئا وترغب في تلبيته بدلا من أن نقول "حسنا" نقول "ok" وحين ينتهي الاتصال بين الأصدقاء أو الأهل أو الأقارب يختم المكالمة بقول مع السلامة "bye" وكلمات كثيرة تزاحم لغتنا العربية وأصبحت أساسية مثل "hi" "hello" "Sauvage"
وحين تذهب إلي المطارات تجد طابع من الأجواء الغريبة تهيمن علي ذلك ولا يسودها لغتنا العربية رغم أنك في مطار لبلد عربي .
للأسف هذا لا يحدث عند أصحاب اللغات الأخرى في بلادهم لأن لديهم قوانين تحمي لغتهم التي من شأنها الحفاظ علي ثقافتهم وحضارتهم ومن يأتي إلي بلادهم يجد من يفهم عليه ويتعامل معه من مترجمين أو موظف لدية أكثر من لغة نظرا لطبيعة عملة بداخل المطارات والمطاعم والفنادق ولكن مع الحفاظ علي لغتهم بأن تبقي هي صاحبة السيادة الأولي والأخيرة ويستخدم لغات أخري في إطار عمله ومع من يتوجب عليه استخدامها من الوافدين اللذين لا يعرفون لغة بلادة فيكون بمثابة مترجم لبعض الوقت وتنتهي بعد تلبيه حاجات الزائر لديهم ولا يمارسها في البيت أو الشارع أو السوق أو أي مكان آخر .
إن أردت أن تقتل أي شعب في العالم وتدمر حضارته يمكنك تحقيق ذلك عن طريق قتل لغتهم .
كما حدث ذلك مع شعوب كثيرة وقعت تحت الاحتلال مثل الهند عندما احتلتها بريطانيا وكما حدث مع الجزائر والمغرب عندما احتلتها فرنسا وكما يحدث الآن في فلسطين وخاصة المدينة المقدسة عندما يقوم الاحتلال الإسرائيلي بطمس معالم المدينة وتغير أسماء شوارعها من أسماء عربية إلي أسماء آخري يهودية وباللغة العبرية.
اللغة شيء بداخلنا يجب أن نعتز بها وألا نغيرها أو نشوهها وان نحافظ علي جوهرها ومعانيها ويتحمل مسئولية ذلك كل إنسان ينتمي لتلك الأرض التي يعيش عليها وكذلك الجهات الرقابية المسئولة من مؤسسات ووزارات وجمعيات لتفرض قيود علي من يستخدم تلك اللوائح في المطاعم والشركات والمواني والمطارات ومختلف الأماكن من اجل أن تبقي لغتنا العربية هي الأجمل في بلادي ولتستمر حضارتي وثقافتي دون تغير أو إنذثار أو طمس للمعالم التاريخية مع مرور الزمن
بقلم الكاتب الفلسطيني/ هاني مصبح