اقتلوا الإسرائيليين حيث ثقفتموهم
نعم إنها دعوة صريحةُ وواضحة، ومباشرةٌ ومقصودة، ولا غموض فيها والتواء، ولا سرية فيها ولا إخفاء لها، ولا خوف منها ولا إنكار لها، ولا تردد فيها ولا ندم عليها، ولا انتقاء منهم ولا اصطفاء بينهم، فهم جميعاً سواء لا فرق بينهم ولا خيار فيهم، إنها دعوةٌ مباحةٌ ومشروعةٌ لقتل الإسرائيليين أينما ثقفوا وحيثما وجدوا، وملاحقتهم أينما ذهبوا، ومطاردتهم أينما حلوا، والتضييق عليهم حيث نستطيع ونتمكن، فقد والله أوجعونا وآذونا، وألمونا وأحزنونا، وبالغوا في الإساءة إلينا، فلا تأخذنا بهم رحمة، ولا تقعدنا عنهم رأفة، ولا نقصر عن عملٍ نستطيعه، أو مقاومةٍ نقدر عليها، أو إيذاءٍ نقوى عليه، فإنهم والله يستحقون القتل، ولا يسـتأهلون الحياة، ولا يحق لهم البقاء بيننا والعيش معنا، فهم ليسوا كالبشر وإن بدو مثلهم، ولا ينتمون إلى الإنسانية وإن ادعو أنهم من سلالة الإنسان، وأنهم يتصفون بالإنسانية، ويتحلون بأخلاقها وقيمها.
إنها استجابةٌ لنداءِ أطفالنا، وصرخات فتياتنا، ودعوات أمهاتنا، وأماني رجالنا، وحسرات الراحلين ومنتهى آمال السابقين، إنها أمنية الأحياء ووصية الأموات والشهداء، إنها العهد والبيعة، والوصية والوعد، والعهد والميثاق، فلا نخيب رجاءهم، ولا نحسر نفوسهم، ولا نبكي عيونهم وندمي قلوبهم، ولا نتركهم لمصيرهم ونتخلى عنهم لقدرهم، ولا ندعهم وحيدين في مواجهة هذا العدو اللعين والخصم الماكر الرجيم، فإنه ينوي البطش بهم والقضاء عليهم، ويتطلع إلى طردهم وإخراجهم، وحبسهم وحصارهم، وتعذيبهم والتضييق عليهم.
أفلا ترون أنه يتعمد قتل كل عابرٍ ومار، وكل ماشٍ وراكب، وصغيرٍ وكبير، وامرأةٍ ورجل، وكل برئٍ ومتهم، وعاديٍ ومشتبه به، ويطلق النار على من يمشي مسبلاً يديه ومن يضعهما في جيبه، ومن يطوح بيديه ومن يحمل بهما حقيبةً أو أي شئٍ آخر، أو يدهسهم لمجرد الرغبة في الدهس، والحاجة إلى سفك الدم والقتل، وإن هم قتلوهم وغالباً ما يفعلون، فإنهم يتعاورون في إطلاق الأعيرة النارية القاتلة، فيطلقون النار على المقاومين والمواطنين عن قربٍ ومن كل مكانٍ، وهم يعلمون أن الكثير من الضحايا هم أطفالٌ لم تتجاوز أعمارهم السادسة عشر، ومنهم دون ذلك بكثير، وأغلبهم لا يشكل عليهم خطراً، ولا يحمل في يديه ما يجرح أو يؤذي، ومع ذلك فإن على الأرصفة وفي الشوارع عشرات الشهداء، الذين يعدمون في أماكنهم، ويتركون لساعاتٍ دون أن يقوَ أحدٌ على الاقتراب منهم ونقلهم، أو تقديم المساعدة لهم.
وإن كنا نؤمن بما قاله عبد الله بن الزبير وقد صلب بعد مقتله على باب الكعبة المشرفة، وهل يضير الشاة سلخها بعد ذبحها، فبدورنا لا يؤلمنا ما يصيب شهداءنا وما يلحق بهم، فهم مكرمون بالشهادة، ومقدرون بالمقاومة، ومكانتهم عالية بما قدموا وما عزموا على القيام به، ودرجتهم عند الله وبين الناس رفيعة، ولكن تسوؤنا أفعال العدو البشعة المهينة، التي تدل على نفوسٍ عفنةٍ مريضةٍ، وأحقادٍ قديمةٍ موروثة، فهذا يلقي على الشهيد شرائح من لحم الخنزير، وذاك يدوس بقدمه جسد الشهيدة، ويقف على كفها وهي على الأرض مسجاةٌ تنزف دماً، تئن أو تفارق الحياة، وآخرون يجرون الشهيد جراً ويسحلونه على الأرض، ويضعون بالقرب منه سكيناً أو قطعة حديدٍ حادةٍ أو مدببةٍ، ليبرروا فعلهم الخسيس وعملهم الدنيء الباطل.
مخطئٌ من كان قادراً على الانتقام من الإسرائيليين وتأخر، أو كان قادراً على الثأر منهم وقصر، فمن استطاع قتلهم فليفعل، ومن استطاع جرحهم وإصابتهم فليفعل، ومن لم يقوَ إلا على إيذائهم فلا يحزن، بل يعجل ولا يتأخر، ومن كان في يده حجراً فليقذفهم به، أو فليلقمه في أفواههم، ومن كان بيده سكينٌ أو خنجرٌ فليطعنهم به وليغرسه في صدورهم ولا يتردد، فهؤلاء مجرمون وقتلة، ومغتصبون ومردة، قتالهم واجب، وحربهم فرض، ومقاومتهم ميدان تنافسٍ ومضمار سباقٍ، وساحةٌ للنزال وإثبات للذات وضمان للمستقبل، وهنيئاً لمن كان له فضل السبق أو بعض السهم، أو القليل من العطاء أو الكثير من الجهاد والمقاومة، فهذا مقامٌ ينبغي فيه تقديم كل شئٍ لنصل إلى ما نريد، ونحقق ما تصبو إليه نفوسنا، فطوبى لمن بذل النفس أو الدم، ولمن أعطى الروح قبل الجسد، ولمن ضحى بالمال والولد، ولكل من ضحى بنفسه ثأراً وانتقاماً،
ومجرمٌ من ينبري للدفاع عنهم وحمايتهم، أو يبرر فعلهم ويتفهم دوافعهم، أو يوافق على جرائمهم ويصدق روايتهم، أو يساعدهم ويساندهم، أو يناصرهم ويواليهم، ويعمل عملهم ويكمل دورهم، ويحاصر مثلهم ويعاقب نيابةً عنهم، أو يقوم مقامهم في الحراسة والرقابة، وفي التضييق والملاحقة، أو يمتنع عن تقديم العون والمساعدة، والنصرة والمساندة، للفلسطينيين الذين هم في حاجةٍ إلى العلاج والرعاية والاستشفاء والدواء والغذاء, ولوازم الصمود وعوامل البقاء.
وخائنٌ للدين والوطن من يوشي بالمقاومين أو يحبط أعمالهم ويبطل عملياتهم، ويتعاون مع العدو عليهم، ويقبل بالتنسيق ضدهم، لاعتقالهم أو قتلهم، أو لإحباط عملياتهم وإفشال مقاومتهم وإخماد انتفاضهم والسيطرة عليهم، وتمكين العدو ومخابراته منهم، أفلا يرى الموشون المتعاونون، والمنسقون المغفلون، ما يفعله العدو بشعبنا، وما يرتكبه في حق أبنائنا وأطفالنا، فهو يقتل بلا هوادة، ويبطش بلا رحمة، ويمضي بلا توقف، ويؤذي شهداءنا متعمداً، ويسيئ إليهم قصداً.
نحن غاضبون وحزنى، ومكلومين وقد نبكي، ولكننا سنمضي على هذا الدرب، وسنكمل المشوار الذي بدأنا، والانتفاضة التي بها انطلقنا، وسنعمل في رقاب العدو سيوفنا ما استطعنا، وسنثخن فيهم ما تمكنا، وسنقتلهم أينما ثقفوا، وسنخرجهم بالقوة من حيث أخرجونا، وسنستعيد أرضنا ووطننا، وسنعمر بلادنا وسنسكن بيوتنا، ونعود إلى ديارنا وقرانا، فهذا وعد الله لنا، وعهده معه، ولن يخذلنا الله عهده، وسيوفينا وعده، فإن وعده الصدق وقوله الحق، وحكمه العدل.
بقلم/ د. مصطفى يوسف اللداوي