تقوم فلسفة العمل التعاوني على العمل ألتشاركي الجماعي بدلا من العمل الفردي الخاص، وتوحيد الموارد والجهود بدلا من تفتيتها وتوزعها. واعتبار مصلحة الفرد جزءا من مصلحة الجماعة، بدلا من أن تكون فوقها. وسيادة روح الجماعة بدلا من النزعة الفردية الذاتية في إدارة موارد المجتمع ومقدراته.
وتكمن فوائد العمل التعاوني في تجميع الموارد وتكاملها، وتوفير التكلفة نتيجة لتوحيد الطلب والشراء الجماعي للمواد الخام ووسائل الإنتاج بدلا من تشتتهما، وتحقيق كفاءة الأداء في توظيف الموارد البشرية من خلال رفع القدرة وتعميم المعرفة وضمان انتمائها للمشروع وحرصها على نجاحه وتطوره، وكذلك تضمن كفاءة الاستخدام الجماعي للموارد المادية بما يحقق أقصى مردود ممكن. وتقوم تعاونيات التسليف والإقراض بتمويل المشاريع لأعضائها، وأخيرا تتولى التعاونيات الإنتاجية ضمان التخزين و التسويق الجماعي لمنتجات أعضاء الجمعية التعاونية بأقل التكاليف وبأكبر قدر من الأرباح، التي يجري توزيعها بصورة عادلة والمساهمة منها في المسئولية المجتمعية.
وفي واقعنا الفلسطيني فإن من فوائد العمل التعاوني حماية الأرض وتدعيم صمود السكان عليها من خلال توفير أفضل الأشكال التنظيمية والاقتصادية لاستغلالها سواء عن طريق الزراعة أو الإسكان أو أي مجال خدمي. كما تساعد في محاربة البطالة والعوز والفقر، والانتقال من العمل الاغاثي الاجتماعي للفئات المهشمة إلى العمل المنظم وتساهم في تحقيق التنافسية في الإنتاج. فالتعاونيات تهدف لتوفير فرص العمل والدخل المجزي لأعضائها، من خلال مشاركتهم الجماعية في مشاريعها بكل فعالية وحرص.
الأهمية الاقتصادية للتعاونيات في فلسطين والعالم
وفقا لنتائج الدراسة الميدانية والتي اعتمدت على بيانات عينة من مئة جمعية، فقد بلغ عدد التعاونيات العاملة في الضفة الغربية حوالي 523 جمعية وهي تمثل 39% فقط من مجموع الجمعيات المسجلة. وقد كان توزيعها القطاعي كما يلي: 47% زراعية، 35% اسكان،13% خدمات،3% حرفية و2%استهلاكية، منها 57%في محافظة رام الله.
وبلغ أعضاء الهيئات العامة لتلك الجمعيات حوالي 46 ألفا أي حوالي 2% من سكان الضفة الغربية وحسب التقديرات فإن هذا يساوي حوالي 7% من القوى العاملة و15% من أصحاب المصالح الاقتصادية فيها. ووفقا للدراسات ألموثقه فإنه بإضافة أعضاء اسر هؤلاء ستصبح نسبتهم 10%من مجموع سكان الضفة وربما وفق التقديرات بنفس النسبة من القوى العاملة.
وتدير التعاونيات أصولا وموارد مالية تقدرها الدراسة بحوالي 137مليون دولار من غير ممتلكات الأعضاء وتستحوذ تعاونيات الإسكان على حوالي 68% منها، بينما تستحوذ التعاونيات الزراعية على 18%. وتشكل الحيازات التعاونية حوالي 23% من الحيازات الزراعية. وتقدر قيمة إنتاج الحيازات التابعة لأعضاء التعاونيات الزراعية ب233مليون دولار أي ما يشكل 28%من الإنتاج الزراعي. ويقدر عدد العاملين في تلك الحيازات ب 15218 عامل أو ما نسبته 23% من مجموع العمالة الزراعي.
وحسب الدراسة يقدر ما وفرته جمعيات الإسكان التعاونية بحوالي 50% من ثمن الشقق التي أنجزتها وهو ما يعادل 100 مليون دولار كما أنها وفرت حوالي 14الف فرصة عمل.
ومع ذلك يبقى دور الحركة التعاونية في فلسطين مقارنة مع المؤشرات الدولية خصوصا للدول الصناعية المتقدمة متواضعا. فعلى سبيل المثال فإنه وفقا للدراسات الدولية هناك حوالي 800 مليون تعاوني في العالم من 3 مليارات شخص أجريت دراسة عليهم عام 1994 ويشكل أعضاء الجمعيات التعاونية 40% من السكان في كندا و38% من السكان فرنسا و25% في ألمانيا والولايات المتحدة. وتبعا لذلك فإن مساهمة التعاونيات في الناتج القومي لتلك الدول يكون ضمن تلك النسب أو يزيد.
العوائق أمام الحركة التعاونية في فلسطين
-ضعف ثقافة التعاون في أوساط المجتمع وتدني الوعي حول فوائدها والإلمام بآليات تطبيقها الصحيحة، وانتشار ثقافة الأنا وانخفاض مستوى الاستعداد للتعاون والعمل التطوعي خصوصا في أوساط الشباب. وإذا أخذنا المشاركة في الورش التي تعقد كمقياس نجد أن معظم الحضور من الذكور كان متقدما بالسن وأما الشباب فشكلوا الأقلية، والخشية بروز فجوة عمرية في الحركة التعاونية تحول دون تعاقب الأجيال وتداول راية الحركة عبرها.
-تخلف البيئة القانونية والإدارية والسياساتية المساندة للعمل التعاوني، وضعف الحوافز المقدمة لها.
-ضعف الممارسة الديمقراطية من قبل الجمعيات التعاونية، مما يؤدي إلى ضعف الوعي التعاوني لدى أعضاء تلك الجمعيات، وتراجع مقدرة التعاونيات على تلبية الاحتياجات الحقيقية لأعضائها وبالتالي القيام بدور فاعل في التنمية المجتمعية.
– تفشى ظاهرة العضوية الوهمية والشكلية غير المبنية على قناعة في التعاونيات غير الفاعلة، وطغيان الدافعية من منطلق المصلحة الفردية، بدلا من الروح الجماعية والحماسة الداخلية لمصلحة المجموع.
-ظهور المشاريع الوهمية في بعض الأحيان، الهادفة فقط لاستقطاب التمويل، مما يؤدي إلى تحويل التعاونيات إلى تعاونيات اصطناعية وليست حقيقية.
-تدني مستوى التشبيك والترابط والتكامل بين التعاونيات العاملة في نفس الميدان.
مسؤولية الحكومه لدعم الحركة التعاونيه في فلسطين :-
-ضرورة خلق الحوافز للتعاونيات: معالجة الضرائب مثلا وتأثيرها السلبي على العائد من التعاونيات والتسريع في إعادة الرديات الضريبية للقطاع الزراعي والتعاونيات على وجه الخصوص. وتنفيذ مقترح إنشاء صندوق للتوفير العام لدعم الحركة التعاونية.
-أهمية الإسراع في استكمال البيئة القانونية والإدارية: الملائمة لقوننة ومأسسة الحركة التعاونية.
-أهمية التركيز على برامج التربية والثقافة التعاونية ومكافحة روح الأنانية والفردية؛ وتعزيز ثقافة العمل التطوعي واحترام النظام.
-ترسيخ الوعي بالممارسة السليمة من خلال الرقابة والمتابعة وتقويم الأخطاء للحركة التعاونية القائمة.
ضرورة العمل على إنشاء بنك تعاوني لتمويل المشاريع التعاونية
العمل وبسرعة لإخراج قانون تعاوني عصري يتماشى مع التطور للحركة التعاونية
المحامي علي ابوحبله