أطلق خطاب السيد حسن نصرالله انقلابا استراتيجيا في المنطقة سوف تظهر فصوله المقبلة بعد اسبوع على استشهاد الرمز المقاوم الشهيد القائد سمير القنطار ، ليؤسس وضعا جديدا زالت معه قواعد الاشتباك وتلاشت حدود الساحات والميادين في حركة المقاومة واشتباكها المفتوح مع العدو الصهيوني وقد أسس قائد المقاومة بذلك لمشهد جديد بالرد على جريمة اغتيال الشهيد سمير القنطار حيث ان الرد قادم لا محالة، مؤكدا نحن لا نستطيع ولا يمكن ان نتسامح مع سفك دماء مجاهدينا واخواننا في اي مكان في هذا العالم، و أن قرارنا حاسم وقاطع منذ الايام الاولى والمسألة اصبحت في يد المؤتمنين الحقيقيين على دماء الشهداء ومن نصون بهم الارض والعرض والباقي يأتي، وهذا يؤكد على خيار المعركة المفتوحة مع العدو وهي لم تغلق في يوم من الايام .
وامام مضمون خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي شدد فيه على أن "لا مقاومة بلا تضحية وبلا استعداد للتضحية وبلا عطاء بلا حدود"، مضيفا نحتاج الى هذه الروح المسؤولة والجادة التي عبر عنها سمير القنطار منذ انطلاقته في صفوف المقاومة الفلسطينية حتى شهادته في صفوف المقاومة الاسلامية على ارض سوريا، لافتا أن صمود الفلسطينيين في ارضهم هو مقاومة حقيقية، و أن المعادلات الطبيعية تقول ان الكيان الاسرائيلي الى زوال.
ومن هنا نؤكد على هوية الشهيد القائد سمير القنطار الفلسطينية الأسمى من المذهبية والطائفية والقطرية, ولم يكن الشهيد القنطار ممن "يطلب المستحيل", بل كان كمن سبقه على طريق الشهادة في فلسطين, ومن أجل تحريرها.
أن كل ما تشهده المنطقة من مؤامرات امبريالية وصهيونية واستعمارية ورجعية هدفه الاساسي توفير حماية كيان الاحتلال ولمصلحته قبل أي شيء آخر ، ولذلك فالمقاومة تطلق عهدها القومي بإسقاط الحدود جهارا في الكفاح ضد العدو وتقيم قواعد عملها في فلسطين ولبنان وسورية معا دون اعتبار لأي عائق وهي تستند إلى شركائها في محور المقاومة، بهدف مواجهة العربدة الصهيونية التي صاحبت ما سمي بالربيع العربي والتي انطلقت من وهم إسرائيلي كبير عبر السعي لضرب الدول والمجتمعات وأصلا وأساسا النيل من محور المقاومة عبر استهداف دول المنطقة المحيطة بفلسطين واستمالة بعض الاسلام السياسي خارج هذا المحور ..
من هنا اليوم بعد عملية اغتيال الشهيد القائد سمير القنطار المقاومة تسقط جميع الحسابات الافتراضية الصهيونية ، وتقدم التضحيات بأجيال من الشهداء وتقف اليوم كطليعة قومية مناضلة ضد الهيمنة الاستعمارية والغطرسة الصهيونية والإرهاب التكفيري ليبقى السؤال برسم القوى والنخب الوطنية والقومية التي ترفع شعارات التحرر من الاستعمار والتخلف وتنادي بتحرير فلسطين وبالوحدة القومية وبمقاومة عصابات التكفير الإرهابية والتخلص من تهديدها الوجودي ، ألم يحن أوان النفير إلى خطة قومية للمقاومة ، أليس من يستشهد في فلسطين المحتلة وما يُسفك من دماء مقاوميها ومنتفضيها وشبابها هو الاحتلال ، وان الرد على اغتيال الشهيد سميرالقنطار يجب ان يشمل الانتقام والثأر للدماء الفلسطينية ، هذه الدماء التي اشعلت
الانتفاضة الفلسطينية ، لهذا نقول نعم آن الأوان ليس فقط لأنْ يقلق الإسرائيلي بل ليذرف الدموع كما يذرف اسر شهدائنا ويألم كما ألمنا ، لأن بذلك تكون المعركة المعركة الأساسية، مع هذا العدو الصهيوني العنصري الاستيطاني، الذي يوغل في عدوانه وغطرسته، منتهكاً بالارهاب والاجرام والاغتيال كل القواعد والقوانين، ومستفيداً من أدواته الارهابية المتطرفة، التي تنفذ مشروعه الرامي الى قتل الشعوب وتدمير دولها وتفتيتها .
ان شهادة عميد الاسرى المحررين قائد عملية نهاريا البطولية المناضل سمير القنطار، هذا البطل المقاوم، الذي نشأ على الصراع، حاملاً في قلبه ايماناً راسخاً بخيار المقاومة من أجل فلسطين، وبهذا الايمان المشبع بالصلابة والعنفوان، انخرط في جبهة التحرير الفلسطينية ضد الاحتلال، وواجه الجلاد الصهيوني على مدى ثلاثة عقود بارادة الصمود وعزيمة المناضلين الأحرار، واستشهد على هذه الطريق.
وبذلك لا بد من المقاومة التي يقدر الشعب العربي الفلسطيني على اجتراحها، في ضوء التفاوت الكبير الصارخ في السلاح ، حيث تؤكد الانتفاضة العملاقة ان الشعب الفلسطيني عبر مقاومته، يجترح الى جانب الحجر والسكين عمليات الدهس ، فضلاً عن التظاهرات والاعتصامات، على الأقل، إلى حين امتلاكه السلاح،حيث ترسم الانتفاضة بدماء شاباتها وشبابها موازين القوى داخل الصف والساحة الفلسطينية، وستكون لها تداعياتها على الساحة الإقليمية كما لم يسبق،لأن الصراع ضد هذا الكيان لا ينفصل عن النضال ضد الحلف الاستعماري الرجعي الداعم له والذي يشترك معه اليوم في آلة عدوانية واحدة على أكثر من جبهة وفي اكثر من ساحة ، حيث هذا الحلف بجميع اطرافه مجتمعا وفي قلبه كيان العدو الغاصب يحرك عصابات التكفير الإرهابي .
نعم الشعب الفلسطيني كله احتضن سمير القنطار في مسيرته النضالية مقاوم عنيد صمم على مقاتلة العدو الصهيوني وانتقل فور ظفره بالحرية إلى مواقع جديدة في حركة المقاومة منذ اللحظة الأولى ، معاهدا على العودة إلى فلسطين بالسلاح وساهم في إطلاق حركة المقاومة في الجولان المحتل مدشنا طريق التحول الاستراتيجي الذي يقض مضاجع الغزاة الصهاينة فجاهروا بسعيهم لقتله ورفاقه وحاولوا ست مرات متتالية ،وباستشهاده، نفتقد قامة وطنية وقومية مقاومة، فهو حمل قضية فلسطين، لانها بلوغ النصر أو الشهادة، وقد ظفر المناضل سمير القنطار بالشهادة، وهو الذي عاش الانتصار على سجّانيه بحريته.
هذا القائد الشهيد رسم بمسيرته نهجا يختصر تاريخ طويل من النضال ويقدم لجميع المناضلين العرب وصفة تثبت الأحداث صوابها وهي ان أي تحرر او تقدم في الوطن العربي والمنطقة كلها هو رهن التخلص من الكيان الصهيوني قاعدة الاستعمار المتقدمة وان أي مشروع للتطور والتقدم في البلاد العربية يفترض اعتناق المقاومة سبيلا لمجابهة الكيان الصهيوني وان الصراع ضد هذا الكيان لا ينفصل عن النضال ضد الحلف الاستعماري الرجعي الداعم له والذي يشترك معه اليوم في آلة عدوانية واحدة على أكثر من جبهة وفي اكثر من ساحة ولاسيما في سورية حيث هذا الحلف بجميع اطرافه مجتمعا وفي قلبه كيان العدو الغاصب يحرك عصابات التكفير الإرهابي التي تستهدف دول المنطقة والمقاومة ، وميدان كفاح القائد القنطار على جبهة الجولان هو الشاهد على تلك الحقيقة التي عاين وقائعها بالتفاصيل وهي كامنة بالضرورة في جريمة
اغتياله بعيدا عن كل النقاش في مضمون رسائل العدو خلف الاغتيال فهو تعبير دقيق عن حقيقة الصراع ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية في المنطقة.
ختاما : أن ما جسده الشهيد القائد سمير القنطار في مسيرته من بطولات وتضحيات وثبات وصمود في مواجهة الأسر، وعلى جبهات الصراع في فلسطين ولبنان والجولان، هو دليل على ان خيار الصمود والمقاومة، خيار صائب وهو السبيل لتحرير الأرض الانسان.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي