هل ينتصر الحوار على التهديد والوعيد بالحرب لإطفاء نيران الفتنه المذهبية

بقلم: علي ابوحبله

قرار السعودية قطع جميع علاقاتها الديبلوماسيه مع إيران والذي جاء ردا على الاحتجاجات الايرانيه والخطاب الحاد النبرة غير المسبوقة من قبل الأمين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله بالهجوم على السعودية وذلك ردا على إعدام الشيخ نمر النمر ،فان التخوف من الانفجار القادم الذي يتهدد شعوب ودول المنطقة اصبح هو الذي يحكم ألصوره القاتمة لمستقبل المنطقة برمتها ،

القرار الذي اتخذته السعودية في تنفيذ الإعدام بحق الشيخ نمر النمر والسني فارس آل شويل، هو بمثابة توجيه رسالة “استفزازية” للداخل السعودي والإقليمي والدولي ، وهو بمثابة قرار استراتيجي سعودي لتصعيد التوتر الطائفي المتفاقم في المنطقة،

السعودية تسعى لترسيخ وجودها كقوة إقليميه وتسعى لفرض شروطها ضمن أية تسويه للملفات الاقليميه والدولية وخاصة الملف السوري واليمني ، وهي في سبيل ذلك لا تدخر جهدا في السعي عن إعلان تحالفات إقليميه وإسلاميه ضمن ما تسعى السعودية لتحقيقه ، فقد سبق وان أعلنت عن التحالف السعودي في حربها على اليمن ، ثم أعلنت عن التحالف الإسلامي ضمن سياسة أصبحت تقود للفرز الطائفي المدمر للمنطقة .

إن عمليات الإعدام الجماعية هذه جاءت بعد إعلان الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، وصاحب القرار الأول في الأسرة الحاكمة السعودية ، عن تأسيس تحالف إسلامي سني عسكري وامني وسياسي من 34 دولة، وبعد أيام معدودة من تشكيل مجلس تعاون استراتيجي مع تركيا، الدولة السنية الحليفة الأخرى، أثناء زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للرياض،

إن الإعدامات الجماعية ستنعكس على الأوضاع الداخلية في المملكة السعودية والتي تشهد حالة من الغليان بسبب الاخفاقات السعوديه بحربها على اليمن وفي صراعها على سوريا

وهي بلا شك ستنعكس على حالة الصراع الداخلي في العائلة المالكة بحسب ما تناقلته العديد من التقارير الدولية .

الاعدامات والاخفاقات ستترك انعكاساتها على المنطقه برمتها وان السياسات السعوديه في كثير من الاحيان تفتقد للمنطق والحكمه المعهوده في السياسات السعوديه خاصة وان العديد من الدول الاسلاميه التي سبق وان اعلنت عنها السعوديه انضمامها للتحالف السعودي قد تحللت من ذلك خشية على اوضاعها الداخليه وتخوفها من فتنه مذهبيه شيعيه في بلدانها ، فالعديد من البلدان الاسلاميه تعيش حاله من التنوع المذهبي .

سياسة ابراز القوه والعضلات لها ما لها وعليها ما عليها من مخاطر بفعل الانعكاسات الخطيرة التي قد تتهدد امن المنطقه برمتها وتجلب الويلات على امن الخليج .

إن ايران وقعت في فخاخ جرها لمربع الفتنه المذهبية وان حدة الخطاب الايراني والمحافل الشيعيه تنذر بخطر تفاقم الصراع المذهبي التي هدف السعوديه لتحقيقه بهذه الاعدامات مما يتطلب ضرورة تغليب الحكمه على السيف

فالخشية من استمرار الحرب على اليمن والصراع على سوريا وإغراق لبنان بالفوضى وإشعال الفتنه المذهبية لتعم إرجاء العالم الإسلامي بفعل السياسة الرعناء التي تقود للفوضى التي تسعى أمريكا وإسرائيل للوصول إليها وتحققها ، هذه الصراعات جميعها لا تصب في صالح ألامه الاسلاميه والعربية ولن تساهم في وحدة السعودية ودول الخليج العربي والعراق

تأتي عملية إعدام الشيخ نمر النمر بفعل عدة عوامل أهمها محاربة النفوذ السعودي في سوريا من خلال استهداف المجموعات التابعة للسعودية وتمثلت آخرها في اغتيال زهران علوش وكذلك فشل مبادرة الحريري في تمرير انتخاب المرشح سليمان فرنجية وآخرها فشل المحادثات اليمنية وتهديد على عبد الله صالح بتغير استراتيجي قادم ، كذلك فان تسوية الملفات في المنطقة لا تجري وفق أهواء ومصالح النظام في السعودية وان كل الدلائل تشير إلى سحب البساط من تحت أقدام السعودية وحلفائها بفعل التغير الاستراتيجي في موازين القوى في العراق وسوريا لصالح محور سوريا إيران روسيا

هذه عوامل وغيرها التي دفعت السعودية لقطع شعرة معاوية بينها وبين إيران وحتى مع روسيا ،

الاصطفاف والتحالفات في المنطقة لا تقود إلى الأمن والسلام وان المستفيد الأكبر من كل تلك التغيرات هو إسرائيل التي تكرس احتلالها لفلسطين وتهويد القدس وتستغل الأحداث والصراعات لبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية والتنكيل في الشعب الفلسطيني ، ويخشى أن تكون القضية الفلسطينية ضمن المقايضة على صراع المصالح التي تشهدها المنطقة والتحالف مع إسرائيل ضمن عملية اصطفاف القوى التي تشهدها المنطقة

أمريكا دفعت إلى هذا التوتر ودفعت بحلفائها للإقدام على هذه الخطوة من التصعيد حين طالب الرئيس الأمريكي اوباما الدول السنية بالتدخل بجيوشها على الأرض ودعا الدول السنية لمحاربة ما سماه بالإرهاب ، وان الرئيس الأمريكي يدفع بالحشد الإسلامي السني ضمن خطه استراتجيه امريكيه تدفع لتأجيج الصراع المذهبي الشيعي السني هذه المواقف الامريكيه ترافقت مع ما أقدمت عليه السعودية من إعدامات إذ سبق وان اتخذت أمريكا عدة إجراءات وتهديدات لإيران بفرض عقوبات عليها لبرنامجها الصاروخي وان ردات فعل إيران على تلك التهديدات ليست بأقل من بيانات التهديد الامريكيه

إن التصعيد بين السعودية وإيران لا يمكن فصلهما عن التدخل الروسي في سوريا والذي أدى إلى قلب موازين القوى العسكري والحق هزيمة معنوية في الوجود الأمريكي في المنطقة

أين روسيا من هذا الصراع المتبلور في المنطقة والذي يستهدفها وكيف سيكون عليه الموقف الصيني وكذلك منظمة شنغهاي حيث أن إيران عضو في المنظمة

الصراع المتمحور لن يقتصر على السعودية وإيران كتلك التي حدثت في ثمانيات القرن الماضي الحرب بين العراق وإيران

هو صراع دولي إقليمي له امتداداته ومخاطره على المنطقة برمتها ولن يقتصر على منطقة الخليج وإيران ضمن الحدود الاقليميه لأنه سيطال المنطقة برمتها وقد تشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة

الخطوة السعودية الذي يقابلها استعداد وتهديد إيراني خطر مدمر يتهدد امن ألامه الاسلاميه والعربية وينبئ بمخاطر تجسيد للانقسام المذهبي الشيعي والسني ويؤدي إلى تقسيم المنطقة من جديد بين ألسنه والشيعة وهو إضعاف لقوة المسلمين ووحدتهم وتماسكم

إن المطلوب من قادة السعودية وإيران التمعن والتمهل بمخاطر الإجراءات التي قد تقدم عليها أيا من البلدين لان هذا الصراع في حقيقته وجوهره مدمر وأصبح من الضروري التمسك بالعقل والحكمة لضرورة حل الخلافات بالعقل والمنطق وبعيدا عن التهديدات

كما أن المطلوب من قادة ألامه الاسلاميه وعلماء ألامه الاسلاميه ضرورة المبادرة للتحرك ضمن لجنة حكماء تقود لحوار بناء وناجح يطفئ نيران هذا الصراع المدمر

فهل تنجح الديبلوماسيه على لغة التطرف وهل للعقلانية أن تسود دون اتخاذ قرارات في عجالة تؤدي للندم على ما سيحدث

نسال الله الأمن والسلام للجميع وان تعم وتسود روح التفاهم والحوار البناء وتجنب الحرب المدمرة التي لن ولن تكون سوى لصالح تأجيج الحروب والإرهاب الذي سيضرب العالم اجمع ولن تقتصر حدوده المنطقة العربية ومحصلته خسران العرب والمسلمين لأنفسهم وخسرانهم لأولى أولويات قضاياهم فلسطين وتحكم إسرائيل في مقدرات وامن المنطقة.

بقلم/ علي ابوحبله