تأسست حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين على يد المناضل الوطني الفلسطيني فتحي الشقاقي واخوة له ابرزهم الدكتور رمضان شلح في مصر ، ونقطة الارتكاز والبدء الفكري انطلق عند الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي لرؤية اصلاحية لفكر الاخوان المسلمين من حيث الحريات للمراءة كمؤثر هام جدا في حركة المجتمع وقضايا اخرى وطنية تتعلق بمعسكر الاصدقاء والاعداء واهمية تحديد مفاهيمه في الصراع مع البرنامج الصهيوني ، لقد تحددت بوصلة الشهيد والمؤسس فتحي الشقاقي من تلك المفاهيم وعندما ارست الثورة الاسلامية الايرانية سفنها بالنصر على الارض الايرانية بقيادة الامام الخميني مما دفعه لاصدار كتابه الاول عن الثورة الايرانية مبديا اعجابه بها وبقدرات الامام الخميني كقائد للثورة الايرانية .
طريق معقد وشائك واجه الشهيد فتحي الشقاقي في تأسيس حركة الجهاد الاسلامي الى ان اصبحت من اقوى الفصائل العسكرية والمقاومة التي اثبتت فاعليتها في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية على غزة في الحروب الماضية بل كان سلاحها الصاروخي هو اول من ضرب العمق لفلسطين المحتلة .
الفكر الوطني والسياسي لحركة الجهاد الاسلامي فكر مستقر ناضج وطنيا بوضوحه وموقفه من السلطة والمبادرات السياسية الخاصة بالصراع وهو موقف رافض لاطروحات السلطة واسس وجودها وبالتالي لم يشارك في وجودها او الدخول في الانتخابات او الوزارات او التشريعي بل كان له موقف بارز في مبادرات رأب الصدع الفلسطيني الفلسطيني الذي انتجه الانقسام بين فتح السلطة وحماس والذي ما زال اثره ومعاناته على القضية والبرنامج الوطني.
لقد تبنت ايران الدعم الكامل لحركة الجهاد الاسلامي بالتمويل والدعم اللوجستي والعسكري ، ولكن يبدو ان فرضيات الصراع في الجزيرة العربية والخليج قد وضع حركة الجهاد الاسلامي في مأزق سياسي كان لابد ان تحدد فيه موقفها وخاصة في التدخل السعودي الخليجي في اليمن ضد الحوثيين التي تدعمهم ايران ، وسبق ان وقعت حماس في نفس المأزق في الصراع على ارض سوريا عندما انحازت للاخوان مقابل النظام السوري الذي تدعمه ايران ، كما كانت حماس تتلقى الدعم من ايران وعند حدوث التناقض احجبت ايران مساعداتها لحماس ، ولكن هناك فرق بين حركة الجهاد الاسلامي التي تعتمد كليا على التمويل الايراني وحماس التي لها مصادر تمويل اخرى من مشاريع وضرائب وتمويل من حركة الاخوان المسلمين الدولية.
كان البعض يعتقد ان التمويل الايراني لحركة الجهاد الاسلامي يجعل من الحركة حركة مصابة بالثراء والتخمة في حين ان كادر وعنصر هذه الحركة يعيش بالتقشف فهم يتلقون رواتب كاضعف رواتب في الفصائل ، وبرغم ذلك يمتاز العضو القتالي في الجهاد بالعزيمة والارادة والتاثير القوي في اي مواجهة مع اسرائيل .
لم تفلح وساطات حزب الله بان تفرج ايران عن المساعدات لحركة الجهاد الاسلامي بل دعمت تيار في داخله للانشقاق سميت حركة الصابرين تنحاز لايران في مواقفها السياسية والعقائدية واسهمت ايران في اضعاف واحداث انشقاق في صفوف الحركة ودعم فصائل مسلحة صغيرة من كتائب الاقصى عن طريق حزب الله او الاتصال المباشر.
بلا شك ان ايران تسعى دائما لتكريس وجودها بشكل قوي تحت مبرر تحرير القدس وفلسطين ودعم المقاومة ، وهنا نؤكد ان ايران لعبت دورا حيويا في بلورة المقاومة في غزة ولبنان ، ولكن يبدو ان الدعم الايراني يسعى فقط لدعم المعادلة الايرانية في المنطقة وليس لدعم الحركة الوطنية وحركات المقاومة التي تصوب بنادقها نحو الاحتلال ، تلك الفصائل وعلى رأسها حركة الجهاد الاسلامي التي كانت لا تتمنى ان يزج فيها لتحديد موقفها في الصراع في اليمن او سوريا تحت حكم واهمية التمويل لقدراتها ووجودها .
اعتقد لو كانت ايران تهدف في تمويلها دعم المقاومة لتحرير القدس وانهاء الاحتلال لما سعت لاحداث انشقاق في حركة قوية اثبتت بقدراتها تفوقا في الاداء في مواجهة اسرائيل ، ولسعت لعدم احراج قيادة الحركة في المازق اليمني بل كانت ايران قادرة على الضغط لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية بتمويلها التي اصبحت تستخدمه كتمويل سياسي مشروط ، ان حركة الجهاد الاسلامي تدفع الثمن لانتمائها لعمقها العربي الاستراتيجي كما دفعه شرفاء فتح وحملة البندقية في فتح وكما دفعته فصائل اخرى كان للمال السياسي تاثير فاعل لمواقفها .
المطلوب دعم حركة الجهاد الاسلامي وتعزيز الحاضنة الشعبية والعربية لها من حيث المساندة والدعم بكل الامكانيات لتبقى حركة الجهاد الفصيل القوي المحافظ على الثوابت الفلسطينية والمواجه لالة العدوان الصهيوني .
سميح خلف