منظمة التحرير وحركة فتـح في 2016

بقلم: حسني المشهور

إيجاز لحديث واستفسارات أمسية الخميس 7 / 1 / 2016 م
مقدمة لموضوع الأمسية :
في ظل ما نشاهده من عواصف وسلوك للقوى العظمى في بلادنا ومحيطنا وما يفعله بعضنا فينا لم نجد عنواناً نتحدث فيه عن الذكرى الحادية والخمسين لانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة ... انطلاقة حركة فتح أفضل من هذا العنوان في محاولة للاستذكار والتأكيد على العزيمة والإرادة التي لا ينضب معينها في شعبنا الفلسطيني وعمله الدؤوب على تحقيق أهدافه كما جاءت في بيان الانطلاقة وحدد مبادئها ومنطلقاتها وأدواتها.
منظمة التحرير وحركة فتح في العام 2016 هو استنتاج لما ستقوم به وستراكمه منظمة التحرير الفلسطينية بقواها وفصائلها بقيادة عمودها الفقري حركة فتح ( واللاحقين بهم وإن ادعوا غير ذلك ) من انجازات وتراكمات على طريق النصر ، بكل ما تعنيه كلمة النصر تماماً كما جاءت في الشعار الجامع للمبادئ والمنطلقات والأهداف الذي كان وما زال يختتم به كل بيانات الحركة ... إنه شعار ــ ثورة حتى النصر ــ . وبنيت هذه الاستنتاجات على القراءة السياسية المتأنية لكل التصريحات والقرارات الصادرة عن قيادات وكوادر المنظمة والحركة ، ومن اللقاءات والحوارات الدائرة سواء تلك المتعلقة بالمجلسين الوطني والمركزي للمنظمة ، وبيانات مركزية فتح ومجلسها الثوري ، أو بتلك الخاصة بالتحضير لبرنامج وقرارات المؤتمر السابع لحركة فتـح ولأن تاريخ فلسطين لم تكن منذ بداية التاريخ إلا نتاجاً لصراع القوى العظمى وصراع أهلها ومحيطها بينهم ، ولأننا غالباً ما استخدمنا إنجازاتنا على الصعيد الدولي لتحقيق الانجازات على الصعيد الإقليمي ، واستخدمنا الاثنين لتحقيق الانجازات على الصعيد المحلي فسأبدأ من المنشأ:
على الصعيد الدولي :
• أهم ما ستنجزه منظمة التحرير وحركة فتح على المستوى الدولي في هذا العام هو الخروج وإلى الأبد وبأقل الخسائر من هذا لتفرد الأمريكي لمحاولات البحث عن حلول لقضيتنا تعيد لنا ما اتفقنا عليه على منذ منتصف السبعينات على أنه هدفنا المرحلي ( حـل الدولتين ) والشكر موصول لتصريحات نتنياهو وأوباما التي وفّرت وتوفر علينا الكثير من تكاليف هذا الخروج .
• تعميق الوعي عالمياً بالمؤتمر الدولي ( وإن كان سيستغرق وقتاً ) للحل كبديل موضوعي للدور الأمريكي ، وتعميق الوعي بضرورة توفير نظام حماية دولي للفلسطينيين ( وإن كان سيقاوم بشراسة من إسرائيل والأمريكان) ولكنهما سيبقيان وسيلة للضغط عليهما خصوصاً بعد استقرار القناعة الأمريكية بهذا العصر المتعدد القوى وما يترتب عليه ، وسيستمر العمل بنفس طريقة الإلحاح التي ثبتت القناعة لدى دول وشعوب العالم بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ووجوب قيام دولتهم الفلسطينية المستقلة .
• كسب المزيد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية تمهيداً لتمكينها من ممارسة سيادتها على أرضها وشعبها خصوصاً من الدول الغربية التي تردد ليل نهار قبولها بحل الدولتين ولم تعترف بدولتنا بعد ، وذلك بحصارها بالعبارة المأثورة للرئيس الفلسطيني ( من يقول بحل الدولتين عليه أن يعترف بهما !!! ولا يجوز أن تعترف بواحده وتماطل في الاعتراف بالأخرى ) . هذا إضافة إلى كسب المزيد من التضامن على مستوى الأفراد والجماعات والمنظمات غير الحكومية. والتنامي الملحوظ في حركة المقاطعة بأشكالها المختلفة يعزز هذا الاستنتاج.
• المزيد من العزل عالمياً للسياسات الإسرائيلية والحكومة الإسرائيلية على طريق نزع الشرعية عنها. والتنامي في أصوات الغربيين وحتى اليهود منهم المنتقدة لإسرائيل وسياساتها، وعلينا أن لا نهمل الغصة التي زرعها قادة إسرائيل في نفوس حلفائهم الغربيين بتشويشهم إلى حد التخريب على خطط الأمريكان وحلف الناتو التي بنوها على استراتيجية تغيير الاتجاه التي قضت بنقل المواجهة مع المسلمين كمهددين لحضارتهم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي إلى استخدام المسلمين في المواجهة مع الصين وروسيا والهند كمهددين للحضارة الغربية ، وظهور تيار البعض المؤثر من المخططين الغربيين الداعي إلى شـرق أوسط بدون إسرائيل ( كمحور ارتكاز لسياسات الغرب في منطقتنا ) يعزز هذا الاستنتاج .
• تحقيق المزيد من الوعي الدولي بضرورة تشريك التسويات الفردية لأزمات المنطقة ونقلها باتجاه التسوية الجماعية في الشرق الأوسط (الصراع العربي الإسرائيلي كونه المنبع الأساس لكل الأزمات)
• ولعل الإنجاز الأكبر سيكون إضافة إلى ما سينجز على المستوى الإقليمي والمحلي الذي سنأتي على ذكره هو ما سيحققه الفعل الفلسطيني بطريقة غير مباشرة في أذهان الغربيين من تآكـل للدور وللوظيفة لإسرائيل وهذان هما مبرر الغرب الحقيقي في إقامة هذا الكيان على أرضنا وتقديم كل هذا الدعم له والتغطية على جرائمه بحقنا بغض النظر عن كل خزعبلات شعب الله المختار وأرض الميعاد والأرض التي بلا شعب ... وهذه النقطة تحديداً هي ما تثير الرعب في نفوس قادة هذا الكيان وتدفعه لارتكاب كل هذه الحماقات بحقنا وبحق حلفاءه وداعميه ( تصريح أوباما بعجز بلاده عن الدفاع عن إسرائيل ) .
على الصعيد الإقليمي :
• في هذا الوضع العربي وما نراه من الصراعات الدامية والمدمرة وهشاشة للنظم الباقية فسيكون الإنجاز لمنظمة التحرير وحركة فتح في هذا العام هو سهولة الحصول على القرارات العربية الداعمة لكل تحرك فلسطيني على الساحة الدولية ورغم صعف القوة الداعمة للقرارات العربية إلا أن أهميتها تكمن في حماية الشرعية الفلسطينية في ظل المحاولات المستميتة لتفكيكها سواء من إسرائيل أو من بعضنا للأسف الذين ما زالوا يجهلون قيمة أن يكون لهذا الشعب شرعية العنوان التي اكتسبها بجيوش من الشهداء والأسرى والجرحى وشلالات من الدماء .
• وللسبب أعلاه فستستطيع منظمة التحرير وحركة فتح من توفير الحد الأدنى من مظلة الحماية العربية مالياً واقتصادياً وسياسياً ، وستستمر في الضغط للحصول عليها.
• رغم عناد الثلاثي الإقليمي الداعم للانقسام ( إيران ــ تركيا ــ قطـر ) إلى جانب إسرائيل ، واستخدام هذا الانقسام كورقة للمساومة الرخيصة على بعض المصالح الفردية فستستطيع منظمة التحرير وحركة فتح من زيادة الحصار لهذا الانقسام وإن لن تستطيع عزله وإنهاؤه تماماً خلال هذا العام .
• رغم تفكك الموقف الرسمي العربي وجراحه النازفة في حروبه الداخلية والبينية سنلاحظ العودة التدريجية لصدارة القضية الفلسطينية في نشاطات هذه الدول

على الصعيد الوطني :
• ستنجز منظمة التحرير تجديد الشرعية وضمان الاستمرار للجنتها التنفيذية والنصاب لشرعية اجتماعاتها وقراراتها بعقد المجلس الوطني بأي شكل سواء بدورة جديدة ( وهذا مشكوك فيه نتيجة القرار المأسور لحركة حماس ) أو دورة عادية أو طارئة ولن تعجز عن إيجاد المخرج لذلك ، لأن شعبنا وعقول القيادات والكوادر الواعية فيه لن تقامر بالإبقاء على هذا التهديد للنصاب المنتج لشرعية اجتماعاتها وشرعية العنوان للشعب الفلسطيني هذه الشرعية المهدد بالفقدان في أي لحظة بفعل السن أو المرض أو حتى الاغتيال ، ولن تسمح بأن يبقى رهينة المماطلات لمراهنة البعض على تغييرات لن تحدث .
• ستنجز منظمة التحرير تنفيذ بعض قرارات المجلس المركزي الأخير بانسحابات تدريجية من بعض التعهدات التي ألزمت نفسها بها بفعل اتفاق أوسلو ولكن بدون إعلانات رسمية، وستكون هذه الانسحابات مبنية على تقدير الكلفة الأقل على شعبنا والكلفة الأعلى على دولة الاحتلال.
• سنرى في هذا العام المزيد من التوسع في مساحات الاشتباك الجاري مع قوات الاحتلال ومستوطنيه رغم التضحيات على طريق الانتفاضة الشاملة مع التركيز على التماشي مع القانون الدولي وعدم الانجرار إلى عسكرة هذا الاشتباك التي يحاول البعض جر الشباب إليها بعيداً عن أهدافهم النبيلة في تحرير أنفسهم وشعبهم من الاحتلال.
• ولعل أهم ما سنراه في هذا العام هو ظهور قيادات شبابية أثبتت قدراتها بممارساتها وتجاربها وإبداعاتها الخاصة في النضال دون الاعتماد على تلميع من حزب أو فصيل ، قيادات محصنة وقادرة على حمل استلام الراية ومواصلة المسيرة حتى النصر .
على الصعيد الحركي :
من خلال الحوارات الجارية بين قيادات وكوادر وقواعد الحركة للإعداد لوثائق المؤمر السابع سنرى وثيقة حضارية تاريخية تتجدد فيها الروح والعزيمة والثبات على مبادئ وأهداف وقسم بيانها الأول ، ونؤكد أن القضية كانت وستبقى في يد المناضلين والثوار ولن تكون في أيدي غيرهم من متكسبين وموظفين موسميين في العمل الحركي وسنرى في هذه الوثيقة :
• القدرة على الوقوف أمام الذات وأمام الآخرين ، والجرأة في المراجعة ونقد الذات ، والقدرة على التشخيص والتحليق في فضاء خيارات العلاج والحلول.
• تؤكد رؤية الحركة وروايتها عن مرحلية النضال وحل الدولتين ، وتعالج الشوائب التي علقت بفريقي العمل اللذان نتجا عن الانتفاضة الأولى وحرب الخليج ( فريق مخاطرة أوسلو وفريق أحزمة الأمان ) .
• التأكيد على أن التركيز الأكبر الذي كان وما يزال على إنجاز حق تقرير المصير ( قيام الدولة ) لم يكن على حساب حق العودة وإنما خطوة لإنجاز هذا الحق ، وأن كلاهما طريق للهدف الأسمى الذي انطلقت من أجله الثورة ( الدولة الفلسطينية الديمقراطية الواحدة ).
• دعم لبرامج العمل السياسي والديبلوماسي والقانوني على المستوى الدولي ببرامج الميدان النشطة بمختلف الأشكال وتحفيز المزيد من الجماهير للانخراط في المواجهة الساخنة مع قوات الاحتلال ومستوطنيه
• التأكيد على الموقف الحازم المتمسك بعروبتنا وفضائنا الديني والإنساني المتسامح والمتصالح مع نفسه ومع الآخرين رغم كل ما نراه من محاولات للنيل والتهرب من هذه العروبة ، ومحاولات تشتيتنا لطوائف ومذاهب وأعراق متقاتلة .
نلتقي بإذن الله مع فجر العام 2017 وسنرى أننا أصبحنا أقوى وأقرب إلى أهدافنا، نلتقي لنرى قوة نخبنا وإمساكنا بحلمنا لتحقيقه . نلتقي لنرى دولة الاحتلال ومدى التآكل في نخبها وروايتها وشعاراتها ودورها واكتشاف مستوطنيها لمدى الشك في استمرارهم والوهم في أحلامهم .
• نلتقي وسنرى مدى ثقة العالم بصدق روايتنا وعدالة مطالبنا وإنسانية مواقفنا .
• نلتقى ونأمل أن ينير الله بصائر وأبصار المتنفذين في حماس ليروا أنفسهم في فلسطين الدولة ويخرجوا من غزة الإمـارة المغارة . وأن يروا ما رآه أحمـد يوسف وغازي حمـد !!!
إجابات للأسئلة المطروحة
• س : كيف سيتعامل الفلسطينيون مع أثـار إقدام إسرائيل على حـل السلطة أو تسريع انهيارها ؟؟
جـ : في البداية ليست إسرائيل من يملك قرار حل السلطة ! لآن حجم التعهدات الدولية بهذه السلطة أكبر من قدراتها رغم كل ما تتبجح به وكل ما تستطيع إسرائيل فعله هو خلق العقبات لعمل السطلة والتشويش على أدائها كحجز أموال الضرائب ، وإثارة القتن الداخلية بين الفلسطينيين ومحاولة التشكيك بقدرات ووطنية قياداتها وكوادرها وتلميع بعض العملاء والمستفيدين من الاحتلال ، ويكفي أن نقرأ أقوال المعنيين بالشؤون الأمنية فيها في هذا الموضوع عندما يقولون أن السلطة إذا انهارت فستنهار على رؤوس الإسرائيليين هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى ولأن الفلسطينيين قبلوا بقيام هذه السلطة كطريق لتحقيق تقرير مصيرهم وبناء دولتهم المستقلة ودفعوا مقدماً ثمن ذلك ، وليسوا على استعداد للتفريط بشيء إلا إذا استطاعوا استرداد ما دفعوه ... وبالتالي فإن البديل الوحيد لهذه السلطة هو قيام الدولة .
• س : كيف تستطيع منظمة التحرير تحقيق الوحدة الوطنية وضم حماس والجهاد وبقية معارضيها قبل تصحيح الانحراف الذي أحدثته باتفاق أوسلوا ؟؟
جـ : ( يرحمك الله يا خالد الحسن فكم علمتنا قيمة الكلمة في السياسة ) في القراءة السياسية لمعاني الكلمات المستخدمة ودلالاتها على الواقع أهمية كبيرة لأن وضع الكلمة في الموقع الخطأ سيقود إلى التشخيص وطرح الأسئلة الخطأ فتحصل على الأجوبة و النتائج الخطأ . نحن هنا نتكلم في الشأن الوطني وليس في الفيزياء والرياضيات ، فمعنى الانحراف في الشأن الوطني يعني عكس الوطني تماماً ( ساقط أخلاقياً ــ عميل ــ خائن مثلاً ) ، بينما في الفيزياء والرياضيات فانحراف الخط المستقيم أو الشعاع الضوئي يعني عدم وصوله إلى النقطة التي يجب أن يصل إليها ، ولكن عندما يكون الهدف واضحاً والممر الإجباري إليه متعددة المتاهات والكمائن والألغام يكون للقدرة على تشخيص هذه المتاهات واستحضار كل الاحتمالات لنوع هذه الكمائن والألغام وأماكنها ودور كل منها في إبعادنا عن هدفنا الأساس لا يكون الصواب في الخروج من الممر بل في استكشاف أقل الخسائر لعبوره نحو الهدف !!! كيف تتصور أن يكون حالنا اليوم لو خرجت المنظمة في ذلك الوقت من هذا الممر وقواتها منتشرة في الدول السبع التي تعصف بها الحروب التي نراها الآن ... إن ما تراه انحرافاً نحن في فتـح رأيناه انتقالاً من مرحلة إلى مرحلة في الطريق إلى مرحلة جديدة هي الهدف ، وستقرأ وتسمع ذلك عندما ترى ما سيقوله المؤتمر السابع للحركة .
• س : كيف ستعالج فتح تشتتها ووحدة أجنحتها ؟؟
جـ : منذ أن ظهرت فتح ونحن نسمع ممن لا يعرفون طبيعة فتح مثل هذه الأسئلة سواء بحسن النية أو سوئها ، ولكن الذين يعرفون فتح أو عايشوها يعرفون أن طبيعتها الجامعة لكل مكونات وأطياف شعبنا أنها تتعامل مع هذه المكونات والأطياف كما هي ولا تطلب منهم سوى إبقاء عيونهم على الهدف ، وأن يسير كل واحد منهم إليه وفق قدراته وأن المعيار هو في الحفاظ على السير نحوه ، ولذلك نرى هذا التعدد والتنوع في الآراء وحتى التجنح أحياناً عند النقاش في طريفة التعامل مع أمر ما ... ولكن عندما يتخذ القرار نرى التزام الجميع به ، وقد نرى التمرد والخروج للبعض على هذا القرار إلى درجة ترك الحركة أو الانشقاق عنها ... فلا غضاضة في فتح طالما لم يشهر سلاحه عليها والأمثلة كثيرة على الخروج والعودة لأنها تتعامل بعقل المسؤول عن قضية وشعب يجمع بين البرنجي والكرخنجي وتنظر إلى الكرخنجي بمسؤولية من يبحث له عن علاج ... وسترى أثناء وبعد المؤتمر السابع ما سيثلج صدرك .
• س : لماذا لا تلجأ السلطة إلى وقف التعامل بالشيكل ؟؟ ولماذا لم تُصدر عملة فلسطينية ؟؟
• جـ : سبق أن لجأ الفلسطينيون لوقف التعامل بالشيكل ، والتعامل بالدينار والدولار ولكن بعد بضعة أيام لم يجدوا الدينار ولا الدولار في البنوك ولا في الأسواق . أما إصدار العملة الفلسطينية فمرتبط باعتراف دول العالم وقبول بنوكها بالتداول بهذه العملة ... فهل تستطيع أن تدلني على عدد الدول التي ستقبل بها ؟؟؟
شكراً

حسني المشهور