العملاء باعوا كرامتهم ودينهم والوطن

بقلم: جمال ايوب

أن العملاء لصالح العدو الصهيوني موجودون في كل مكان. ومن ينكر ذلك أو يعتقد أنه غير صحيح فهو إما لا يعرف حقاً أو أنه يتستر عليهم. الصهيونية أحوج ما تكون إلى العملاء في كافة المجالات ، على مستوى الدول والمؤسسات والأفراد ، ولولا العملاء لما كان وجود الكيان الصهيوني ؛ يسعى العدو الى التجسس في العالم ، والاستفراد بتجارة العملاء ، وبيع المعلومات الأمنية إلى معظم دول العالم بمقابل سياسي واقتصادي ، لذلك فإن لكل عميل لدى الصهيونية قيمة ، ولكل عميل ثمن يتكافأ مع قيمته ، فالعميل السياسي أغلى وأثمن من العميل الميداني ، والعميل الأمني أكثر أهمية من العميل التجاري ، وهكذا ، فالعملاء لدى العدو مستويات ودرجات وظيفية تتسلسل من رئيس دولة وحتى بائع فجل .
تجسست الصهيونية على أصدقائها قبل أعدائها ، وتجسست على عملائها أنفسهم والعاملين ضدها ، و على العمال العرب في المصانع ، وتجسست على القيادة الفلسطينية في خارج الوطن قبل داخل الوطن ، وشغل العدو الشاغل هو توظيف كم المعلومات التي تصلها عن طريق عملائها في شتى المجالات ، ولا تكتفي بجمع المعلومة الأمنية التي تؤثر على استقرار الكيان الصهيوني ، وإنما تحرص على جمع المعلومة الجنسية الموثقة أو العلاقات الغرامية للمسئولين في منطقة الشرق ، بهدف استغلالها كورقة ضغط على المسئول الذي يمسي ذليلاً متوسلاً متعاوناً مقابل التستر على فضائحه ودائماً يوجد ما تتجسس عليه الصهيونية ..
يعتبر العملاء هم العيون الميدانية للاحتلال في المناطق الفلسطينية او الدول الأخرى فالموساد يقوم بتجنيد العملاء للمهمات الخارجية , في الدول المتعددة بينما يقوم الشين بيت بتجنيد العملاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل عام ،والعملاء هم الذين باعوا كرامتهم ودينهم وأخلاقهم مقابل حفنة من الدولارات أو مقابل رضوخهم لإبتزازات الأجهزة الإستخبارية الصهيونية في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة ، و يصنف الأفراد المرتبطون مع الاحتلال إلى فئات تختلف فيما بنها على حسب وظيفة العميل ..
الفئة الأولى تصنف بأنها ذات ارتباط منخفض ويكون هدف الاستخبارات من خلال هذا الفرد المرتبط أن يصف الحالة العامة في البلد مثل الحالة السياسية او الحالة الاجتماعية أو الاقتصادية للناس وقد يكون هذا الفرد لا يعلم انه مصدر أولي للمعلومات وربما يكون هذا الفرد يتواصل مع رجل المخابرات العدو عبر الانترنت او الهواتف النقالة ، او في الحالات الكثيرة يكون هذا الفرد مصدرا للمعلومات لعميل مرتبط فعلا مع مخابرات العدو فقد يخالط او يجالس هذا العميل فيتكلم الفرد معه عن جميع الأمور وهو لا يدري أن الشخص الذي يجالسه مرتبط مع الاحتلال ، كما ويمكن ان تجمع المخابرات المعلومات المجانية عن المقاومة وأحوال الناس من جلالة ..
هذه الفئة تشكل خطرا كبيرا على المجتمع أو المقاومة ويمكن القضاء عليها بواسطة نشر الوعي وتثقيف العامة والمقاومين بخطر الكلمة ووسائل الاتصال والحذر من التعامل مع الجميع خاصة اذا كان الفرد المقاوم مطلوبا أو يقوم بأعمال مقاومة أو يتولى مهمة أمنية أو ذو مكانة حساسة في المجتمع ..
أن الفئة الثانية والمرتبطة بشكل مباشر مع الاحتلال وأجهزته الإستخبارية هي التي تقوم بالعميل الميداني وتعتبر من الفئات الدنيا في السلسلة الهرمية للجسم الإستخباراتي والأمني في المنظومة الإستخبارية للعدو ، وتقوم المخابرات بتجنيد وتوريط هذه الفئة من خلال الابتزاز الأخلاقي والمتمثل في الإسقاط الجنسي أو الابتزاز المالي وحاجة الفرد للمال ، او ابتزاز المرضى والمسافرين للخارج بالسماح لهم بالسفر للخارج او العمل او حتى التهديد بالاعتقال لسنوات طويلة وهذه الحالات تكون للعملاء الميدانين في المناطق الفلسطينية ..
الفئة الثالثة وهي الأخطر وذات التعقيدات الفنية والاستخبارية هم كبار العملاء والذين يقومون بجمع المعلومات الدقيقة والحساسة ويقوموا بتجنيد العملاء الميدانيين بالإضافة إلى أنهم يكونوا حلقة الوصل بين ضابط المخابرات وعملاء الفئة الثانية العملاء الميدانيين ،ولعملاء يزرعوا في أماكن قيادية وحساسة ومناصب ويتم إسقاطهم جنسيا او ماليا ، وربما يستغرق زرع هذا العميل في المكان المحدد كمنصب عدة سنوات ، وعادة يكونوا من الطبقات الراقية أو حتى العائلات ذات الحسب أو حتى يغطى بغطاء أكاديمي وعلمي وديني وأخلاقي ، ويعتبر هؤلاء العملاء هم الأخطر في الفئات الثلاث وذلك بسبب أنهم قد يعملوا في نظام شبكاتي معقد وقد يؤدي انكشاف أمرهم لخلل في الهرم الإستخبارتي بسبب الخدمات اللوجستية التي يقدموها للعملاء الميدانين وأيضا الفترة التي يتطلب إعداد مثل هؤلاء العملاء وإغراقهم في وحل العمالة ، إن محاربة العمالة والارتباط من أصعب واعقد المهام الاستخبارية التي قد تمس بأمن الداخلي للدول وحتى الدول العظمى تعجز أحيانا عن إيقاف هؤلاء العملاء بسبب التطور التكنولوجي ونظم الاتصالات ، وفي مجتمعنا الفلسطيني يمكن محاربة هذه الظاهرة بنشر الوعي السياسي والديني وعدم قبول إبتزازات مهما كانت وإيجاد بيئة تواصلية بين الجهات المسئولة والمواطن وتوفير خط ساخن للتائبين والمحاول إغراقهم في وحل العمالة .
وللخيانة أساليب شتى ، منها الخيانة السياسية والخيانة الأمنية الاقتصادية والخيانة الثقافية والفكرية ، من هنا كان حرص الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها على تصفية العملاء ، ومحاربة كل أشكال اللقاء والتواصل مع العدو تحصيناً للمجتمع من الوقوع في شرك الخيانة ، لذلك لجأت الثورة الفلسطينية إلى منع العمال الفلسطينيين من العمل في داخل الكيان الصهيوني ، حباً بأرض فلسطين ، وتحصيناً للمجتمع ، واعتبرت تعمير المدن الصهيونية خيانة ، وقام الفدائيون الفلسطينيون بإحراق الاتوبيسات التي كانت تقل العمال للعمل في الداخل ، وقد تم الاعتداء الجسدي على بعض العمال , وحتى من يشتري المنتجات الصهيونية خيانة . خائناً من يقيم شراكة مع الصهاينة . .
قبل سنين ، اتهم بالعمالة كل فلسطيني يلتقي مع العدو ، وقدم له أي معلومة صغيرة عن تحركات المناضلين ، وقد أطلقت النار على رأس الكثير من المشبوهين بالتعاون مع الأجهزة الأمنية للعدو ، وماتوا عملاء ، لأنهم قدموا معلومات عن تحركات المقاومة . فما الذي تغير في السنوات الأخيرة ، وماذا نسمي تقديم المعلومات عن تحركات المناضلين والمقاومين الفلسطينيين الذي إطلاق النار على رأس بعضهم حتى الموت ؟
فهل تغير مفهوم الوطن ؟؟؟
جمال ايوب