السعودية والعرب ومواجهة التحديات الخارجية والداخلية ...!!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

إن الفراغ الإستراتيجي الذي أحدثه غياب النظام العربي، ترك الباب مفتوحاً لتدخلات إقليمية ودولية في الشأن العربي لتملأ هذا الفراغ، أولها التحدي التاريخي الصهيوني الذي أوصد الباب أمام جهود عملية السلام التي كان من المفترض لها أن تنهي الإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية التي أحتلت عام 1967م سواء منها اللبنانية أو السورية أو الفلسطينية، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.

لقد أتاح هذا الفراغ الطريق أمام الإنهيارات والتصدعات التي شهدتها في السنوات الأخيرة أكثر من دولة عربية مثل الصومال، وليبيا، وسوريا، والعراق، وآخرها اليمن، وأن تنفذ إليها ومن خلالها القوى الدولية وتعبث بمقدراتها وتوجه أحداثها وفق مصالحها وأجنداتها، وأدى ذلك أيضاً إلى بروز أحلام بعض القوى الإقليمية لإستعادة أمجادها وأحلامها التاريخية، على حساب المصالح الموحدة والمشتركة للدول والشعوب العربية وفي مقدمة هذه القوى برز الدور والطموح الإيراني، المدعوم بالشعوبية والطائفية، التي نخرت الوحدة الوطنية في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين، كما ظهر جليا الطموح والدور التركي الذي يسعى هو الآخر لإستعادة أحلامه الإمبراطورية العثمانية، ومد نفوذه وهيمنته على الدول العربية، إن هذا التمدد والنفوذ لهذه القوى الإقليمية والدولية، في الجسم العربي، وإدارة الظهر من قبل الكيان الصهيوني لكل الجهود الدولية التي بذلت خلال الربع القرن المنصرم من أجل إقرار تسوية مقبولة عربياً ودولياً للنزاع العربي الإسرائيلي، بل التمادي أكثر في سياسته التوسعية والعنصرية على حساب الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، سببه الفراغ الإستراتيجي القائم في بعض الدول العربية وتفسخ نسيجها الإجتماعي والثقافي والسياسي، وتداعي النظام العربي وعدم قدرته على القيام بمهامه الإستراتيجية ووضع حد للتدخلات الخارجية في الشأن العربي.

يضاف إلى ذلك التحديات الداخلية التي تواجه الدول والمجتمعات العربية في كيفية الحفاظ على الوحدة الوطنية أو إستعادتها على أساس من إحترام المواطن والمواطنة، والمساواة أمام القانون لجميع المواطنين على إختلاف مساحة الوطن، وبناء دولة القانون والمؤسسات بدلاً من دولة الفرد أو الأقلية المتنفذة، ومواكبة تحديث الدولة وأجهزتها ومؤسساتها بما يستجيب لإحتياجات مواطنيها في الأمن والرخاء والإستقرار والإستمرار والتقدم، هذه التحديات الخطيرة هي التي مهدت الطريق أمام تلك التدخلات الخارجية التي يعاني منها الكثير من الدول العربية، وأعطى المبررات لظهور القوى الداخلية الطامعة بالسلطة، ومنها قوى الإرهاب لتضرب الدولة ومؤسساتها وتشق وحدة المجتمع لتحقيق أهدافها وغاياتها، وتعطي المبرر للتدخلات الإقليمية والدولية.

إن العرب اليوم يتطلعون للدور الهام والإستراتيجي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في إعادة الإعتبار للنظام العربي، لما للمملكة من دور ووزن معنوي وسياسي وإقتصادي وعسكري، والذي جعل من الرياض محجاً للكثير من رؤساء الدول ووزراء خارجيتها وممثليها من الشرق والغرب، والمملكة تتحمل اليوم هذه المسؤولية العربية بإقتدار، مدافعةً عن أمنها ومصالحها وكذلك عن أمن ومصالح العرب أجمعين، في سياق إستراتيجية تؤدي إلى وضع حدٍ لكل هذه التدخلات الخارجية السافرة في الشأن العربي سواء من إيران أو غيرها، كما تبذل الجهود لإحياء مبادرة السلام العربية ودعم الموقف العربي والفلسطيني في مواجهة الصلف والعنت الإسرائيلي، وبلورة جهد عربي ودولي يؤدي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام ينهي الإحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية ويمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة، فالقيادة السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين رغم تعدد القضايا والمشاكل العربية التي تعنى بها، إلا أن القضية الفلسطينية حاضرة لديها دائماً وتتصدر سلم الأولويات، وهي تدرك تمام الإدراك، أن السلام والإستقرار والأمن والعدل في المنطقة العربية لن يتأتى دون حلٍ مشرف للقضية الفلسطينية يحقق أماني وتطلعات الشعب الفلسطيني والأمة العربية.

بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس