منذ ما يقارب الثلاث شهور و وسائل الاعلام العبري المختلفة تعمل على خطين متوازيين للتحريض ضد الرئيس ابو مازن والسلطة الفلسطينية وتحرض على حركة حماس في رسالة واضحة المعالم ان كليهما مستهدف, فهل فلسطينيا نفهم تلك الرسالة...؟, ويبدوا من خلال ذلك ان اسرائيل تجهز لشيء ما تعده عبر خطة كبيرة مخرجاتها احداث تغيير كبير على تركيبة السلطة الفلسطينية وهيكلها السياسي وقياداتها ,وبشكل متزامن تحدث تغيرا على حدود قطاع غزة و داخل القطاع نفسه , المدقق في كافة التصريحات التي تعرضها وسائل الاعلام العبرية المختلفة يستخلص ان اسرائيل قد بدأت تعد لسيناريو مزدوج للتخلص من ابو مازن وتكسير اجنحة حماس في نفس الوقت وعلى طريقتها ,ويستخلص الى ان اسرائيل قد تعمل مع بعض الدول العربية لتحقيق ذلك , هذا ليس تنجيما ولا تنبؤا وانما من خلال وضع تلك التصريحات على مربع تقاطع المعلومات والذي يبين بالفعل ان اسرائيل مقبلة على تنفيذ خطة خبيثة تحقق من خلالها عنصريتها ويحقق لها توسيع كيانها وتحويله الى كيان ذات قومية واحدة.
تستمر اسرائيل في الاستهداف الممنهج لرأس السلطة الفلسطينية وقيادتها الشرعية الرئيس ابو مازن , فالإعلام الاسرائيلي اخذ يتحدث منذ فترة الثلاث شهور أي مع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الشعبية الحالية عن عدم قدرة ابو مازن على العمل بسبب المرض وانه اصبح اضعف بكثير وبالتالي تتحدث التقارير عن وراثته ,واخذت تلك التقارير بطرح اسماء تسعي لذلك ,وكان قد سبق هذا اتهام ابو مازن بانه المحرض الرئيس على كل اعمال الانتفاضة و بالتالي هدد كل من المستوي السياسي والامني الاسرائيلي بعملية كبيرة على غرار السور الواقي فيما سماها بعض اعضاء الحكومة الاسرائيلية مثل (يسرائيل كاتس) بعملية اسوار القدس , الجديد ان عضو الكابينت الاسرائيلي المصغر (زئيف الكين) قال الاسبوع الماضي ان ابو مازن سوف ينزل قريبا عن المنصة وستحل مكانه الفوضى وعلينا ان نكون يقظين واستطرد قائلا في اخطر تصريح "بان قطار انهيار السلطة قد غادر المحطة" , وهذا يعنى ان اسرائيل تعد شيئا ما قد يكون بديلا عن السلطة ورئاستها , واعتقد ان هذا السيناريو الخطير جدا قد تبدأ اسرائيل في تطبيقه الشهور القادمة او تحليلا لتصريحات الكين فان التعليمات لتطبيق هذا السيناريو قد اعطيت .
على الخط الموازي تتوالى الصحف الاسرائيلية بنشر تقارير تظهر استعدادات حركة حماس في غزة للمعركة القادمة وهرولة حماس للتجهيز لهذه المعركة بل تمادت بعض الصحف كمعاريف وهآرتس الى الحديث اكثر تفصيلا عن استعدادات حركة حماس في غزة للحرب القادمة من خلال بناء قوتها العسكرية وتحديث منظومات الصواريخ لديها وحفر الانفاق لدرجة ان بعض الاخبار تحدثت ان إسرائيل باتت تخشي ان تكون انفاق حماس قد وصلت الى عمق الاراضي الاسرائيلية ,وذكرت الصحيف ان كبار قادة حماس العسكريين يقودوا مشروع اعادة بناء البنية التحتية لما سموه (الارهاب) من خلال اعادة ملء مستودعاتهم بالصواريخ وحفر الانفاق بما فيها التي تشق طريقها الى اسرائيل , وتتحدث القنوات الاخبارية ايضا ان حماس لا تمنع التنظيمات الأخرى من زرع العبوات الناسفة على طول الحدود مع غزة مبيننا ان الجيش الاسرائيلي يستعد للسيناريو الاسوأ وهو تسلل مقاتلين فلسطينيين الى داخل اسرائيل لتنفيذ عمليات خطف إسرائيليين والعودة بهم الى القطاع لمبادلتهم باسري فلسطينيين.
مع ارتفاع وتيرة التصعيد الاعلامي العبري وخطاب التحريض اتجاه السلطة وقيادتها وحماس في غزة بات مهما ان نعي ان اسرائيل تخطط لضرب ثلاث عصافير بحجر الاول اسقاط سلطة الرئيس ابو مازن والثاني ضم مناطق من واسعة من الضفة تساعدها على جعل مستوطناتها متواصلة جغرافيا حتى القدس وبالتالي تجعل مشروع حل الدولتين مستحيل التطبيق ,والثالث تحول غزة الى كيان منفصل تماما لكن بأجنحة منكسرة , ومقابل هذا بات مهما ان نفكر في تنفيذ مخطط فلسطيني وحدوي مقابل يعيد الوحدة الوطنية ويوحد التمثيل السياسي ويبقيه قويا في وجه كل التيارات التي قد تعصف بالحقوق الفلسطينية ويسقط كل خطط اسرائيل الهادفة الى تحقيق استدامة الانقسام وتحقيق انفصال كامل بين فصائل العمل الاسلامي وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وبين اسرائيل وقطاع غزة وما يتبقى من محافظات الضفة الغربية, و الاسراع في اعتماد استراتيجية نضالية واحدة لمقاومة الاحتلال بما يحقق الالتفاف الدولي و يوفر الدعم الدولي المطلوب لإسقاط الاحتلال وافشال مخططاته , كما ويسارع الكل الفلسطيني الى تحقيق حكومة وحدة وطنية تتحمل مسؤوليات تلك الازمات التي تولدت وتناسلت بفعل استمرار الانقسام السياسي سنوات طويلة.
بقلم/ د.هاني العقاد