كثيرة هي الملفات التي تُغرق الساحة الفلسطينية نفسها بها ، وقد يبدو الأمر طبيعياً لو أننا نعيش أوضاعاً طبيعية ، ولكن وإن كان حالنا ليس سوياً بالمعنى الصحيح ، فهذا يعني أننا نُغرق أنفسنا في بحر الملفات المتلاطمة . وهنا ليس المقصود بتلك الملفات المتصلة بالمفاوضات ، أو ما يتعلق بالخارج الفلسطيني ، بل ما يتصل مباشرة بموضوعات داخلية وطنية بحتة .
ومن يتسنى له استعراض تلك الملفات ولو بشكل سريع ، ليتبين له أنها بحاجة إلى ورش عمل وطنية تعمل ليل نهار من أجل إنجازها ، هذا إذا كانت الساحة الفلسطينية تعيش حالة من الاتفاق والتوافق الوطني وقد تعافت من الانقسام وذيوله وتداعياته وتراكماته على مدى السنوات الماضية . وتلك الملفات التي تحتل ومنذ فترة طويلة المساحات اليومية في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والالكترونية ، ملفات تتعلق بالانقسام والمصالحة ، إلى ملف المنظمة وتطوير مؤسساتها وفي أولوياتها يقف المجلس الوطني واللجنة التنفيذية ، وملف تشكيل حكومة وحدة وطنية من جميع الفصائل ، إلى معبر رفح ومن يشغله ورواتب الموظفين في القطاع ، إلى ملف الانتفاضة وكيف يتم تطؤير آليات عملها ، إلى الأزمة المالية وتفاقم البطالة وملف ترقيات الضباط ، إلى ملف الفساد ومن أين لك هذا . وقد وصلت بورصة الملفات إلى ملف تعيين نائب لرئيس السلطة ، الذي يشغل هذه الأيام بال الكثيرين في الأوساط الفلسطينية ، وتبرع وسائل الإعلام في تسريب من تعتقد أنه سيحظى بهذا المنصب .
ومن بين هذه الملفات يكفي القول أن ملف المصالحة وإنهاء الانقسام وحده لا يزال عالق منذ سنوات من دون حل له ، على الرغم من عشرات اللقاءات والحوارات والاتفاقات ، واليوم يعود الحديث عن تتجدد تلك الحوارات بين فتح بوفديها الرسمي وغير الرسمي ، وحركة حماس على أمل التوصل إلى اتفاق جديد يُنهي الانقسام برعاية قطرية مجددة لنفسها دور الوسيط ، متناسية أنها قد جربت وفشلت كما فشل غيرها ، وهنا وليس من باب التشاؤم بقدر ما نبني على الشيء مقتضاه وفق كل التجارب السابقة والتي انتهت بالفشل وإلى مزيدٍ من تعميق الانقسام والهوة بين الطرفين .
وأختم في القول إذا كان هذا الملف بما حمله من أهوال كارثية على القضية وحده استهلك ما استهلكه من وقت ونزف ، وحتى يومنا يواجه جداراً وسداً منيعاً يحول دون تحقيق المصالحة ، فكم ستستهلك بقية الملفات من سنوات ، ولن تجد لها طريقاً للحل طالما الانقسام سيد المشهد الفلسطيني ، وإلى حينها هل سيبقي الاحتلال أي من عناويننا الوطنية التي يحفر لها عميقاً حتى يدفنها من دون رجعة . وهنا الجميع مُطالب أن يسأل نفسه وأطره التنظيمية والحزبية وقياداته ونخبه ، كيف نكون عوناً وسنداً للاحتلال في حفر قبر قضيتنا بيدنا عن قصد أو من دونه .
- رامز مصطفى -