يبدو للوهلة الأولى لمن يراقب ما حققته الدبلوماسية الفلسطينية بأنه إنجازات ، وهذا شئ لا خلاف حوله إن جاز التعبير في ظل وجود أوراق كثيرة مبعثرة تعطي إنطباعاً إلى أن هناك نشاطاً كبيراً لرأس الهرم في الدبلوماسية الفلسطينة، حيث أن الرجل جال العالم وخدمته الظروف لكي يبقى في منصبه ثماني سنوات متواصلة كأطول فترة لوزير صاحب قرار في هذه الوزارة قضاها في هذا المنصب السيادي، ولكن لو تعمقنا قليلاً في حال هذه الدبلوماسية سنجدها مركزية في القرار الداخلي للوزارة وتابعة بالمطلق في القرار الخارجي حيث أنها لا تعدو أكثر من أداة تنفيذية مسيرة ضمن أجندة مرسومة بعناية!، لذلك من المفيد أن نتعرف كيف يتم تقاسم الأدوار حول هذه الوزارة السيادية عنوان الدبلوماسية الفلسطينية:
أولاً: لو بدأنا في النظر إلى ضروريات الحدث المرتقب في العاصمة الكوبية هافانا التي ستحتضن في العاشر من فبراير من العام الحالي مؤتمراً للسفراء الفلسطينين العاملين في دول أمريكا اللاتينية ، سنجد أن وزير الخارجية الفلسطيني إعتاد على أن يقدم على خطوات مماثلة في هذه القارة مع كل حديث عن تغيير حكومي مرتقب!، كونه يعرف طبيعة أهلها جيداً حيث أنه أنهى دراسته الجامعية من كولمبيا وله جذور عائلية فيها ، من هنا لابد من التساؤل حول جدوى مثل هذه المؤتمرات ، وهل يعقل أن يكون هناك مؤتمر أخر في دولة اخرى وفي نفس القارة ولنفس السفراء يتبع مؤتمر مماثل وأوسع عقد قبل ثمانية أشهر في شهر مايو 2015 في العاصمة الفنزويلية كاراكاس ؟!، فهل تطور العمل الدبلوماسي في تلك القارة خلال هذه المدة الزمنية القصيرة ؟، أم أن السفراء الفلسطينين هناك خرجوا بتوصيات خارقة تحتاج إلى مؤتمر عاجل لهم ؟!، أم أن الأمر لا يعدو خديعة في سياق بروباجندا أصبحت مفضوحة لن تقدم أو تؤخر شيئاً ؟!، ألم يكن من الأجدر تركيز الجهود حول الواقع الفلسطيني الداخلي بدلاً من إهدار المال العام على مؤتمرات كهذه في ظل أزمة مالية خانقة لم تغير في الواقع الفلسطيني شيئاً ولم تقدم شيئاً ملموساً ولم تؤثر كثيراً في كفاءة الدبلوماسي الفلسطيني الحائر والمغيب تقريباً عن حقيقة توجهات أصحاب القرار؟!.
ثانياً : يجري حديث في وزارة الخارجية حول إقتراب موعد تقاعد وكيل الوزارة د. تيسير جرادات ، وأن هناك محاولات للعمل على الإلتفاف حول هذا الأمر من خلال إبتعاثه إلى البحرين كسفير لفلسطين هناك، وذلك لتمديد مهامه لمدة خمس سنوات أخرى، حيث أن التقاعد في السلك الدبلوماسي هو على سن الخامسة والستين وفي وزارة الخارجية على سن الستين! ، فهل يا ترى فيلا فاخرة مجانية في الحي الدبلوماسي لوزير الخارجية د.رياض المالكي كانت كافية لجعله يعين إبن الوكيل بدرجة دبلوماسية من جهة ومن جهة أخرى لأن يعمل بقوة على إستصدار قرار لإبتعاثه كسفير في البحرين ، أم أن الكيمياء الفاسدة بينهما عالية المنسوب وتتطلب الإستمرار حتى لو تغير المكان؟!.
ثالثاً : يبدو أن السيد رئيس الوزراء د. رامي الحمدالله أدرك بأن المصلحة الذاتية أولى من المصلحة العامة، حيث يجري هناك حديث بأنه عين إبن عمه في وزارة الخارجية كدبلوماسي فلسطيني، أخشى أن يكون ذلك تحت بند حكلي بأحكلك ولربما أغمض عيني عن همجيتك !.
رابعاً : خمس موظفين منهم الموظف الشاب (خ.ف) الذي يحمل درجة دبلوماسية أكبر من قدراته عاد من إحدى سفارات فلسطين للعمل في وزارة الخارجية الفلسطينية في رام الله والحديث في الوزارة يؤكد بأنه لا زال بعد مرور عشرة أشهر من عودته يتقاضى راتبه وبدلاته من سكن وغيرها كأنه موظف في تلك السفارة ، وهذا ينطبق بالمثل على الموظف (ع . ز) الذي عاد من سفارة أخرى لفلسطين ولا زال يتقاضى نفس الراتب ونفس البدلات، كما الموظف (ح . ز) الذي عاد أيضاً من سفارة أخرى لفلسطين لمدة تزيد عن العام ويعمل على كادر أخر ولكنه لا زال يتقاضى راتبه وبدلاته كأنه في تلك السفارة ، كما موظف أخر عاد من مكتب بعثة فلسطين في أحد المؤسسات الدولية منذ عدة أشهر ولازال يحتفظ بنفس المزايا ونفس الراتب!، كل ذلك على حساب مقدرات أبناء الشعب الفلسطيني في حالة فاسدة ومجنونة وبدون رقابة وبتغول على القانون بدون حسيب ولا رقيب!.
خامساً : يقول المطلعين بأن رئيس الدبلوماسية الفلسطينية د. رياض المالكي قام خلال الأشهر الماضية بزيارة إلى بلدة كفر مالك فلم يستقبله أهلها فخرج مهرولاً عائداً خائباً من حيث أتى !، في دلالة على أن الشارع الفلسطيني لم يعد يتقبل وجوده ، فهل سيفلح في هذه المرة من خلال مؤتمر هنا أو هناك أو شراء ذمم وتحييد مواقف هنا أو هناك أو تظليل هنا أو هناك أوخداع هنا أو هناك لأن يحافظ على مكانه في وجود حكومة وحدة وطنية منشودة؟ !، ومتى سيدرك الرئيس محمود عباس بأن الدبلوماسية الفلسطينية لا تكمن في إفتتاح سفارة هنا أو هناك أو تجميع سفراء هنا أو هناك يستطيع أي شخص يكلف بهذه المهمة أن يقوم بها!، بل هي قيم ومبادئ وطنية تحتاج إلى مواقف راسخة وأخلاقيات مهنية مبنية على أسس وطنية تأخذ بعين الإعتبار كرامة القيادة لأنها جزء أساسي من كرامة الوطن!.
في تقديري أنه مما سبق ذكره يشير إلى أن مسيرة هذه الوزارة ليست عفوية بل هي تسير من خلال منفعة ذاتية تعتمد منطق التبادلية في الأدوار والمصالح الداخلية والخارجية والعمل على ترسيخ ذلك، بغض النظر عن ما يترتب على ذلك من فساد من خلال التظليل !، لذلك من المنطق والحكمة أن المسؤول الذي تعود على تظليل قيادته لابد له أن يعود إلى بيته ، إلا إذا كانت القيادة شريكة بهذا المضمون وتجد في ذلك ما يرضيها، فهل هذا هو واقع الحال في هذه الحالة القائمة أم أننا سنرى تغييراً فعيلاً وحقيقياً يؤكد كلام الرئيس عباس قولاً وفعلا عندما تحدث أن رئيس الدبلوماسية الفلسطينية لا يمثل أكثر من حالة طارئة؟!.
تنويه : من المعيب أن يتم إبتعاث إمرأة خلال عام واحد لنفس المكان الذي خرجت منه قبل عدة أشهر ولكن بدرجة جديدة لأنها بنت فلانة التي تعمل في ديار صاحب القرار !، في الوقت الذي يتكالب فيه رجال صاحب القرار أنفسهم الذين يظنون أنهم رجال دولة وذلك على مستقبل أطفال هم في الحقيقة عنوان دولة!.
م. زهير الشاعر