تهديدات إسرائيلية

خطط الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل تواجه تحديات جسيمة

الحفل الأول باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية

تواجه خطط الحكومة الفلسطينية للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل تحديات جسيمة، أبرزها التهديدات الإسرائيلية بفرض عواقب وخيمة على الفلسطينيين.

واتخذت الحكومة الفلسطينية على مدار الأسابيع الأخيرة قرارات في إطار تحقيق انفكاك اقتصادي تدريجي في مجالات الاستيراد والتصدير وأخرى تتعلق بوقف تحويل المرضى إلى المستشفيات الإسرائيلية.

وسبق أن قرر المجلسان الوطني والمركزي الفلسطينيان في عدة مناسبات تعليق الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 ووقف التنسيق الأمني مع إسرائيل والانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية.

وقال وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي، لوكالة أنباء "شينخوا" الصينية إن الخطوات المتخذة ضمن الانفكاك الاقتصادي التدريجي عن إسرائيل "حق فلسطيني ثابت".

وأوضح العسيلي أن الحكومة الفلسطينية تستهدف "تنويع مصادر الاستيراد، وهو أمر نصت عليه اتفاقية أوسلو (للسلام المرحلي الموقعة عام 1993) مع إسرائيل والتي تحكم العلاقات الثنائية".

وأكد العسيلي تلقي السلطة الفلسطينية تهديدات من إسرائيل باتخاذ إجراءات ضدها على خلفية إجراءاتها الأخيرة، خاصة ما يتعلق بوقف استيراد المواشي منها، معتبرا أنها تهديدات "غير مبررة".

وأشار إلى أن الحكومة الفلسطينية تبحث في تحقيق مصلحة المستهلك الفلسطيني وستتخذ أي إجراءات من شأنها تقليل النفقات عند الاستيراد وكسر الاحتكار الإسرائيلي الحاصل في التوريد للأسواق المحلية.

في الوقت ذاته، شدد العسيلي على أن الحكومة لا تستهدف "مقاطعة" إسرائيل بل تنويع مصادر الاستيراد لمصلحة المستهلك الفلسطيني، ومن ذلك البحث عن تعزيز العلاقات التجارية مع دول مجاورة مثل الأردن ومصر والعراق.

وأجرى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، على رأس وفود حكومية رفيعة زيارات متتالية إلى كل من الأردن ومصر والعراق في الأشهر الأربعة الماضية تضمنت توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدة مجالات بهدف "تطبيق بدء الانفكاك التدريجي عن إسرائيل وتعميق العلاقات مع الدول العربية".

وفي مقابل ذلك، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية قبل أيام بأن الحكومة الإسرائيلية تدرس اتخاذ سلسلة من الإجراءات للضغط على الحكومة الفلسطينية للتراجع عن قرارها بمقاطعة استيراد الأبقار والمواشي الإسرائيليّة.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن من بين المقترحات الجاري دراستها إسرائيليا إلغاء المصادقة على إدخال المساعدات التي تقدم على شكل سلع ومنتجات ومعدات للسلطة الفلسطينية ووقف تصدير زيت الزيتون والتمور من فلسطين إلى الدول العربية.

وبحسب وزارة الزراعة الفلسطينية فإنه "يتم استيراد نحو 120 ألف رأس عجل من إسرائيل سنويا"، ما يمثل نحو 60 في المائة من استهلاك السوق الفلسطينية من لحوم البقر.

وأعلنت الحكومة الفلسطينية الشهر الماضي وقف استيراد عدد من السلع من إسرائيل، بينها المواشي بشكل كامل ونهائي، وأرجعت ذلك إلى سياستها للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل.

وعقب ذلك أصدر منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية كميل ابو ركن، بيانا يحذر فيه السلطة الفلسطينية من "عواقب وخيمة" إذا لم تتوقف المقاطعة الاقتصادية فيما يتعلق باستيراد الأبقار والمواشي من السوق الإسرائيلية.

وهدد ابو ركن بوقف إدخال المنتجات الزراعية الفلسطينية للأسواق الإسرائيلية، إن لم تتوقف السلطة الفلسطينية عن مقاطعة استيراد الأبقار والمواشي الإسرائيليّة.

وتعد إسرائيل مستوردا رئيسا للمنتجات الزراعية من الضفة الغربية، إذ يبلغ حجم المنتجات المصدرة نحو 280 إلى 300 طن يوميا، بحسب وسائل إعلام فلسطينية.

من جهته، هدد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، باللجوء إلى التحكيم الدولي في حال منع إسرائيل الجانب الفلسطيني من الاستيراد والتصدير ضمن خطوات الانفكاك الاقتصادي.

وقال المالكي لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية، إن اتفاقية باريس الاقتصادية (الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1994 لتحكم العلاقات الاقتصادية) تسمح لنا بالاستيراد وهو حق حصلنا عليه من تلك الاتفاقية.

وأضاف أنه "في حال قيام إسرائيل بمنعنا من الاستيراد والتصدير سنلجأ إلى التحكيم الدولي بعد أن أصبحنا أعضاء في المحكمة في لاهاي ودول أخرى مثل فرنسا باعتبارها راعية لاتفاقية باريس".

وأشار إلى أن الجانب الفلسطيني "سيطرق أبواب كافة المحافل الدولية من بينها الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع لها، ولن نتردد على الإطلاق في التوجه إلى كل العناوين ذات العلاقة بشكل مباشر أو غير مباشر".

واعتبر المالكي أن التهديدات الإسرائيلية واهية بهدف التراجع الفلسطيني عن خطوات الانفكاك، مؤكدا قوة الموقف الفلسطيني حيال الأمر بعدم التنازل والتراجع عنه، ورأى أنها قضية خاسرة لإسرائيل في حال إقدامها على مثل هذه التهديدات.

وفي أغسطس الماضي توصلت السلطة الفلسطينية إلى اتفاق مع إسرائيل يحرر ضرائب الوقود لتجبيتها بشكل مباشر، وهو ما يعتبره مراقبون تطورا هاما للمساعي الفلسطينية للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل.

وبحسب المختص الاقتصادي جعفر صدقة، فإن الاتفاق المذكور مكن الحكومة الفلسطينية من تحرير حوالي ملياري شيقل (الدولار الأمريكي يساوي 3.5 شيقل) من أموال الضرائب الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل.

وقال صدقة في مقال تحليلي له، إن اتفاق المحروقات "حرر أكبر مورد من موارد الخزينة الفلسطينية المتمثل بالضرائب على المحروقات، من تحكم إسرائيل بسلخه عن أموال الضرائب معها".

وأضاف أنه "إجراء في غاية الأهمية لجهة سيطرة الحكومة الفلسطينية على مواردها، وبالتالي قرارها المالي، وهو هدف سعت إليه الحكومات الفلسطينية المتعاقبة منذ قيام السلطة الفلسطينية، وهو سابقة في غاية الأهمية يمكن البناء عليها".

وأشار إلى سعي الحكومة الفلسطينية لاستيراد مشتقات النفط من الخارج "بما ينطوي عليه ذلك من قدرة على التسعير وفقا لمصلحة الاقتصاد الفلسطيني حصرا، وليس كما هو الحال الآن تبعا لمصالح الاقتصاد الإسرائيلي دون أي اعتبار للمصلحة الفلسطينية".

وشدد على أن "تحرير الضرائب على المحروقات من آلية المقاصة مع إسرائيل، يمكن أن يشكل بداية لتغيير جوهري في اتفاق باريس بما يحفف من وطأته وإجحافه بالاقتصاد الفلسطيني، وهو يقع في جوهر التوجهات نحو فك التبعية للاقتصاد الإسرائيلي".

في مقابل ذلك، أبرز مختصون أنه من غير المفهوم لماذا لم يتم اتخاذ قرارات فلسطينية أكثر عملية بشأن منع استيراد مئات الأصناف الإسرائيلية التي لها بديل محلي مثل الألبان والقهوة والدقيق والمعلبات وغيرها من المنتجات التي تستوردها من إسرائيل بمئات ملايين الدولارات.

يشار إلى أن سعي الحكومة الفلسطينية للانفكاك عن اقتصاد إسرائيل يأتي في ظل استمرار أزمة عائدات الضرائب الفلسطينية منذ فبراير الماضي والناتجة عن قرار إسرائيل اقتطاع مبالغ من أموال الضرائب تساوي ما تقدمه السلطة من مستحقات مالية إلى أسر القتلى والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وبحسب وزارة المالية الفلسطينية فإن إجراء الاستقطاع الإسرائيلي يستهدف مبلغ 12 مليون دولار شهريا أي 144 مليون دولار سنويا من أموال عائدات الضرائب الفلسطينية.

وتستقطع إسرائيل في الأصل نسبة 3 في المائة من إجمالي قيمة الضرائب التي تحولها إلى السلطة وتقدر بأكثر من مليار دولار سنويا، كما أنها تستقطع منها الديون الفلسطينية مقابل توريد البترول والكهرباء وخدمات أخرى.

ورفضت السلطة الفلسطينية استلام أي مبالغ من أموال عائدات الضرائب منقوصة من إسرائيل، وتمسكت حتى الآن بموقفها بضرورة تحويل الأموال كاملة دون أي استقطاع بذريعة ما تصرفه من رواتب القتلى والأسرى.

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله