أولويات متضاربة ...لأهداف متناقضة لخيارات متباعدة !!

بقلم: وفيق زنداح

اذا كنت كاتبا ....أو محللا سياسيا ...أو صحفيا ....وترغب بالكتابة.... بما يخص الشأن الفلسطيني الداخلي ستصاب بالغثيان ..وستدخل بحالة توهان ....وستجد نفسك بحالة تضارب واضح..... لا تعرف من أين تمسك .....بما هو متوافق عليه ....ولن تستطيع أن تصل لنتيجة واضحة لما هو مختلف عليه .
كل طرف من الاطراف ...سواء كانت المنقسمة ...او كل حزب من الاحزاب والتي تبدو للعيان انها متوافقة ....وحتي كل حركة من الحركات التي يبدو للبعض انها متحالفة ....ستجد بنهاية المطاف انها بحالة متشرذمة ...متناكفة ...متجاذبة ...كل يحاول ان يقرب الاخرين الي موقفه ....والي صواب قراراته ...والي حسن خياراته .
يصعب علينا أن نصدق ما جاء بعنوان مقالتنا ...كما يصعب علينا أن نستمع لمثل هكذا حديث ...ونحن في ظل احتلال جاثم ...وحصار قاتل ...وعدوان مستمر.... لا زال يدمر ويقتل ويحرق ....عدوان لا زال يقتلنا ويعدمنا ...يعتقلنا.... وحتي أنه لا زال يمارس اغتيالاته ...وارهابه ....ونحن لا زلنا على حالنا ...ولا زلنا على عادتنا باعتماد سياسة الطبطبة ...كما اعتدنا على ملامسة قشور الحقيقة ....وليس التعمق بمضمونها ...اعتدنا على أن نتحدث بما نعتقد انه سيجمل صورتنا ....وسيجعل منا اسطورة عصرنا ...وسيوفر لنا مقومات قوتنا .....وسيعزز من ارادة وحدتنا ...ووحدة عنواننا ....ولا زلنا نسير بعكس الحقيقة..... بل ونؤكد عليها من خلال تصريحاتنا ....ولقائتنا ....ومصالحنا الخاصة ....وأجندات كل منا.. التي لا زالت تتحكم بمصالح كل منا.... حتي أصبحنا وأضحينا بحالة يرثي لها ....ولم يعد بمقدور أحد منا.... أن يحقق أهدافه او حتي يرتب أولوياته .....او حتي يحدد خياراته .
وكأن عنوان المقالة التي تحزنني ....قبل أن تحزن غيري من القراء الاعزاء ....تعتبر صادمة وظالمة.... لمسيرة نضال طويل ...وتضحيات جسام ....وصبر وتحدي على مدار عقود ....دفعنا فيها أثمان غالية ...ولا زلنا ندفع الاثمان من دمائنا وأبنائنا وممتلكاتنا ...لا زلنا على صبرنا وايماننا وحلمنا الكبير.... أن نحقق أهدافنا ....وأن نعيش حريتنا ....وأن نقيم دولتنا ...أحلام كبيرة ...وأمنيات عظيمة.... ضحينا من اجلها بالكثير ....ولا زلنا نضحي ونقدم التضحيات تلو التضحيات ....من أجل أن نري بارقة الامل وقد تحققت .....برغم كل ما يتحقق من خطوات لا يستطيع احد التنكر لها .....الا أننا أمام معضلات وازمات في علاقاتنا السياسية ....والوطنية ....لا زلنا أمام أزمات فكرية ومصلحية ....تتعدي حدود المنافسة السياسية ...المشروعة ...وصلنا لمرحلة زرع اليأس بأيدينا ...وحصاد الالم .
لمصلحة من ....عنوان هذه المقالة ؟؟!!
ولمصلحة من أن نعيش بمضمون هذا العنوان ؟؟!!
ولمصلحة من أن نستمر بهذه المفردات ... وعلى هذه السياسات ؟؟!!
ما يعيب أحوالنا ومواقفنا .....أننا لا نجيب على تساؤلاتنا ...ولا نستجيب لمتطلباتنا .....ولا نتعلم من دروس ماضينا ....ولا من استخلاصات واقعنا ....كل منا ما زال محكوم بمواقفه وأرائه .....وكأنها الحقيقة المطلقة.....لا نجيب على اسئلة جوهرية ...خوفا من اجاباتها الصادمة ...ولا نستجيب لما يجب علينا عمله ....خوفا على مصالح كل منا .
الاصل والاساس...والثابت بحركة الشعوب ونضالاتها ....وحركاتها التحررية ....أن نكون بحالة توافق كامل ....على اولوياتنا الوطنية .....وأن نكون مجمعين على أهدافنا ....وأن نتوحد حول خياراتنا ووسائل نضالنا .....الثابت بحركات التحرر التي سبقتنا عبر التاريخ ....أنها كانت على قلب رجل واحد ...وتحت اطار قيادة واحدة .....وتتحرك بسياسة ثابتة ..... من أجل تحقيق أهداف واضحة ....وليس كما حالنا ...وكل منا يسعي بما يستطيع ...ويقدم بما يلزم ...كل منا يسعي لمصالحه ...والوطن لا زال مسلوبا..... ومنهكا ...ونازفا ...لا زال الوطن محتلا .....ولا زال الاستيطان ينخر بجبالنا وسهولنا ...ويقطع اوصال مدننا ..وقرانا ومخيماتنا ....أي عقل سياسي ...واي فكر وطني ...واي حركة تحرر وطني.... يمكن ان تكون على هذا الحال ....من التشرذم والانقسام والمناكفة ؟؟!!.
واقعنا وللأسف الشديد ... لا يعكس ما يجب أن نكون عليه ....بمعني أن القوي والاحزاب السياسية تختلف .....ولها حق الاختلاف ...وتتفق..... ولها حق الاتفاق ....لكن هذه الحقوق تحدد بتوقيتات وطنية ...وبحسب مرحلة التحرر ....ونحن في ظل الاحتلال الجاثم على صدورنا ...والمحتل لأرضنا ...والناهب لخيراتنا ...والمحاصر لشعبنا ..... وما يمارسه من ارهاب منظم ضدنا ....فهل يعقل أن نختلف بيننا ...وأن نتصارع بيننا ...وأن نتنافس بيننا ...وأن نضعف بعضنا البعض ....وكأن كل منا لا يريد أن يري الاحتلال الجاثم على صدورنا ...وبنادقه المسلطة على رؤوسنا ...وحصاره المانع لتحركنا ....أليس هذا شيء مستغرب ومستهجن ومستنكر ؟؟!!.
لماذا الاستعجال ....على ابراز المنافسة ...وصراع السلطة ....وكأن الحرية وقد امتلكناها ...وكأن الارض وقد استعدناها ....وكأن الدولة وقد أقمناها ؟؟!!..... لماذا الاستعجال على ابراز اختلافاتنا وانقسامنا ....ونحن في ظل احتلال ....ولسنا في ظل دولة.....أليس هذا قصور فكري ...سياسي .... أم تغليب للمصالح والاجندات الخاصة .....ام زيادة كبيرة بالديموقراطية الفلسطينية .....التي نتغنى بها ...والتي خربت علينا علاقاتنا ....كما وأنها قد خربت علينا أدبياتنا ...ومصطلحاتنا ...وحدود كل منا .
الاختلاف ....والتنافس ...وحتي الانقسام ...لا معني له ....ولا مبرر له..... ونحن لا زلنا في ظل وطن مسلوب .....وفي واقع احتلال ....لا زال يمارس ارهابه ضد شعبنا.... وفصائلنا ....وقيادتنا الشرعية .
نحن بحاجة دائمة للمزيد من المراجعات الوطنية ......بحاجة للوقفات الحاسمة ....التي نراجع فيها تجربة ماضية وحاضرة .....فيها الكثير من الثغرات والعيوب ....كما فيها الكثير من الايجابيات .
فالوقت ليس لصالحنا ...واستمرار العبث به يضر بحقوقنا ...وحرية ارضنا ...والمتغيرات الاقليمية والدولية..... لن ترحم الضعفاء والمنقسمين ....وستتجاوز كل من لا زال يجهل حقوقه ....وأولوياته .....وأهدافه ..وخياراته .
الكاتب : وفيق زنداح