مقدمة :-
لم تخلوا حياة الشعب الفلسطيني يوما ً من التراجيديا وبأقل تقدير زمني منذ عام 1948 عندما أقيمت ما يسمى " دولة إسرائيل "
على أثر برمجي لما يسمى تراجيديا الهلوكست وبصرف النظر عن موقفي من هذه التراجيديا وقصصها ومقدماتها ونتائجها التي تستغل إلى يومنا هذا في تكريس كيان عنصري إستيطاني على الأرض الفلسطينية .
الدراما التراجيدية للخطاب السياسي الدولي الذي صنع المأساة التراجيدية للشعب الفلسطيني إلى يومنا هذا أيضا ً بدء من اللجوء إلى ضياع الأرض إلى المذابح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني يوميا ً إلى عملية التمييز التي يتعرض لها أيضا ً أينما وجد وكأن النهاية المأساوية لصناعة المسرح الدولي بإعتبار أن الكرة الأرضية هي عبارة عن مسرح تتحدد عناصر الرواية فيه بشكل متجدد ولكن بنتائج ثابتة لمفهوم الدراما التراجيدية للشعوب .
ولن أخوض هنا عن ملامح ووقائع التراجيديا التي تتعرض لها الشعوب في اماكن مختلفة من العالم وسأحدد هنا التراجيديا التراكمية والمتوالية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بدء من مذابح كفر قاسم ودير ياسين وأيلول الأسود وصبرا وشاتيلا والعراق والشجاعية ودير البلح وبيت حانون ونهر البارد وجنين كل تلك الأحداث تعرض لها الشعب الفلسطيني بنهايات وسلوك اتراجيديا الموت المسلطة نتائجها على الشعب الفلسطيني فقط .
ولكن هل يحق لنا أن نقول أن التراجيديا أو المأساة والعلاقة بينهما قد لحقت بالشعب الفلسطيني نتيجة تراجيديا السياسة العربية اولا منذ البداية وحتى النهاية وأضيف اكثر من ذلك ما هو متوقع من تراجيديا سيتعرض لها الشعب الفلسطيني مستقبلا ً .
صياغة الأحداث والنتائج على الأرض الفلسطينية لا تعني الفلسطينيين فقط في وضع النتائج لها أو وضع المقدمات أو الأليات التي تأتي بالنتائج ولكن بإعتبار فلسطين جزء من الأمة العربية وبإعتبارها جزء من الأمة الإسلامية وما لها من مواصفات دينية وجغرافية نستطيع أن نقول أن كل الأطراف ذات العمق العربي والإسلامي متهمين في الحبكة ونهاية الدراما التراجيدية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في كل مراحل صراعه مع كيانية أقيمت على تراجيديا الهلكوست وملحقاتها .
حركة فتح والمساهمة في التراجيديا الفلسطينية بنوعيها :-
ربما يسوق فن صناعة التراجيديا مفهوم صياغة الأمل والمأساة وربما الملهاة أيضا ُ إذا انحرف الخيار عن وقائع الحبكة الواقعية للصراع ومفاهيمها وسلوكها .
حركة فتح التي انطلقت لتضيف الأمل لعناصر الصراع مع الاحتلال بما تحتويه من مفاهيم متعددة للتراجيديا فإنطلقت حركة فتح بشكل أساسي في عام 1959 لتصنع في عام 1965 عنصر من عناصر الدراما في الصراع بين الحق والباطل وقد تم التعبير عن ذلك من خلال وسيلة الكفاح المسلح لصناعة الأمل للشعب الفلسطيني واظهار عوامل الفشل والاحباط لعنصر الاحتلال أو عناصره على الأرض الفلسطينية ولكن سريعا ً ما تعرضت حركة فتح وبرنامجها من صناعة الأمل إلى الإنجراف في عناصر فن دراما تراجيدية جديدة مارستها القيادة الفتحاوية بدعوى المؤثر الدولي والإقليمي بصرف النظر عن نتائج تلك الممارسة التي تصنع يوميا ً دراما التراجيديا للشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه ولعل من أبطال التراجيديا البطولية التي قاومت عوامل التراجيديا الاحتلالية استشهاد قائد الثورة الفلسطينية في مشهد اتراجيدي أيضا ً يضاف إلى تراجيديا صناعة رواية الصمود التاريخية للشعب الفلسطيني ولتكرر التراجيديا يوميا ً فيسقط الابطال الفلسطينيين على مسرح الأحدث والصراع بدء من كمال عدوان وكمال ناصر والنجار مرورا ً بأبو اياد وابو جهاد وابو الهول والشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي والشقاقي وابو علي مصطفى وأبو العباس وكثير من عناصر دراما الثورة الفلسطينية بالإضافة إلى عناصر أخرى من المعتقلين والأسرى في سجون الاحتلال .
وتزداد يوما ً بعد يوم الحكة التراجيدية على الشعب الفلسطيني بحصار غزة وملهاة رام الله والضفة عناصر مختلفة في الأداء والآليات لعناصر المشكلة الواحدة ، وأصبحت واجهات العمل الفلسطيني مقسمة إلى فصول نعتقد أنها تصنع الدراما التراجيدية في كل من الضفة و غزة تحت مسمى عقاب الذات أو صناعة الموت للذات عنصر جديد أضيف إلى عنصر الدراما في الساحة الفلسطينية .
ولكن ماذا فعلت حركة فتح وهل هي مشهد من مشاهد القتل والاقصاء السياسي والتنظيمي المأساوي لحركة انتقلت من موقع صناعة الأمل من عمق المأساة إلى حركة تمثل ستار لمسامحة والعفو عن المجرم المسبب لتراجيديا الموت للشعب الفلسطيني بل أكثر من ذلك عندما يتحول الحق بكل عناصره إلى عناصر إقرار لشرعية المحتل ومن هنا يأتي مفهوم الإنصهار تحت قائمة عناصر صياغة النتيجة النهائية للتراجيديا للشعب الفلسطيني وتحت ما يسمى " سلطة رام الله أو سلطة أوسلو" وكلاهما تعبير واحد . او سلطة الملهاة
سلطة رام الله واللطمات المتكررة في المشهد المسرحي للصراع :-
لم يبقى لدى سلطة رام الله ما تضيفه من عناصر للتراجيديا غير السير " في الملهاة" ويعبر عن ذلك بالتبويب الاتقصادي لحكومة رام الله المستندة لشعارات مادية تبتعد كل البعد عن المفهوم القومي والإسلامي للصراع فهذا كل ما لديها مما تقدمه الرباعية من أموال في حين أن اللطمات مقابل تلك الأموال تزايدت على تلك السلطة بعد مؤتمر أنابوليس ومؤتمر باريس .
اللطمة الأولى حينما أعلنت إسرائيل مقابل المنهجية السياسية الفلسطينية بمبدأ ( الحوار الجاد ) أعلنت إسرائيل عن المطالبة بوجودها كدولة يهودية .
اللطمة الثانية : عندما أعلنت إسرائيل برنامج توسيع المستوطنات وانشاء مستوطنات جديدة في جبل أبو غنيم والغور الشمالي بمقابل ان الخطاب السياسي الفلسطيني يدعو لوقف النشاط وليس لإزالة النشاط ولكلى المفهومين دلائل سياسية ووطنية مختلفة.
اللطمة الثالثة : عندما صرح وزير الحرب الإسرائيلي يعالون بعدم إزالة الحواجز في الضفة ووقف الاجتياحات وعمليات التهويد للقدس وتوسع الاستيطان والسيطرة الديموغرافية على الارض ولذلك أبعاد أخرى أيضا لمفاهيم الحوار الجاد الذي تتبناه السلطة بمقابل مفاهيم سياسية مغايرة لسلطة الاحتلال من جعل سلطة رام الله مجرد وسيط مالي لتغذية مؤسسات أمنية واقتصادية موجهة في الضفة الغربية فقط ولأن المستوطنات والحواجز لا يمكن أن يتفقان مع مفهوم الحوار الجاد للوصول إلى نتائج غير درامية تراجيدية للشعب الفلسطيني وللسطلة ذاتها .
ولكن هل قررت إسرائيل انهاء واضعاف سلطة رام الله بالتأكيد نعم لأن سلطة رام الله لا تعدوا أن تكون لها دور مثل دور سلطان عكا وكثير مما تناولته المسرحيات والروايات عن مثل تلك الأدوار التي تفقد عناصرها قيمتها أمام استراتيجية صناعة الموت للدراما الصهيونية والتي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني وتمارس تلك الأدوار الفظيعة الشنيعة تحت غطاء شرعية منظمة التحرير وشرعية القيادة التي تتحكم في قرار حركة فتح .
ومن المؤسف أن تلك القيادة التي افلست في صنع محاورجدية وايجابية للصراع مع الصهيونية أن تضع مبررات واسقاطات لسلوكها ويتحدثوا عن انزلاقات ومسارات غير صحيحية يمارسها أخرون في الساحة الفلسطينية في حين أنهم منغمسون وليس لهم أي خيار أخر فلقد قضوا على كل الخيارات التي لديهم ووضعوها في سطلة أولمرت ..
هل يمكن أن يكون هؤلاء قد أقروا بذنبهم بحق القضية الفلسطينية وصياغة روايتها التاريخية ويريدون أن يكفروا عن ذنوبهم أعتقد لا هل هم امتنعوا وجمدوا أنشطتهم التحريضية وبدؤا في تصحيح حركة فتح لتأخذ مكانها كفصيل أساسي في عناصر المواجهة مع الاحتلال أشك في ذلك إذا لماذا ينعتوا في اعلامهم وحديثهم ويمارسون الاسقاط ضد الآخرين بنفس صفاتهم أليس هذا تضليل في المشهد يضاف غلى عناصر الركوع لمقدرات كاتب التراجيديا الاحتلالية للشعب الفلسطيني. تحدثوا عن استنهاض لحركة فتح وتحدثوا عن مؤتمر قادم في الربيع لحركة فتح فهل أمام اللطمات التي تحققت لسطلة أوسلو والقيادة المتنفذة في منظمة التحرير يمكن أن تقدم تلك القيادة استقالتها وتترك للشعب الفلسطيني ليصيغ خياراته بنفسه أعتقد لا أيضا ً ولكن الموضوعية أن يترك هؤلاء حلبة الصراع ولأن إسرائيل لن تجعل منهم صقور في وجهة نظر الشعب الفلسطيني وإذا كان هناك مؤتمر وأشك في ذلك أيضا فهل المؤتمر ينعقد بعشوائية أم بمقدمات وبرنامج أعتقد أيضا ً أن الواقع الحركي خارج الوطن لا حراك له أما داخل الوطن فالحشد كل الحشد يتم لمواجهة الاصلاحيين في فتح وليس مع الاحتلال هذا من جانب والجانب الاخر ان كثير من هؤلاء قد ركزوا مصالحهم بتوجهات أمريكا وإملاءاتها في صناعة وصياغة المؤسسة الفلسطينية كحكومة رامي الحمد الله هذا الرجل ووزرائه الذين لم يكن لهم أي دور نضالي أو وجود نضالي في الساحة الفلسطينية سابقا ً .
ومن هنا نستطيع القول أن مشاهد ادرامية كثيرة سيشهدها عام 2016 في الضفة وغزة والأقرب للإستدلال أن هناك تراجيديا ستحدث في الضفة الغربية ولكن كيف ومتى عناصر تحددها الظروف الذاتية والموضوعية ومقدار صناع الذاتية الفلسطينية من مقدرتهم على تقييم ذاتهم ووجودهم في عناصر المشكلة .
بقلم/ سميح خلف