يعتبر الشباب الفلسطيني من أهم العناصر التي يتوجب على كافة مؤسسات المجتمع (الحكومية, الخاصة والأهلية) الاستثمار به من أجل إحداث تنمية حقيقية ومستدامة, حيث أن عدم الاستثمار في هذا العنصر المنتج وتركه دون الرعاية المطلوبة سوف ينعكس سلباً على المجتمع وعلى هدف تحقيق التنمية, خاصة وأن تهميش طاقات الشباب وتركهم دون تمكين يحولهم إلى عناصر هدامة للتنمية في الحاضر والمستقبل, ليس ذلك فحسب فقد يلجأ الشباب للبحث عن ذاتهم وتوظيف طاقاتهم وإبداعاتهم من خلال الهجرة.
ولم يكن التهميش لطاقات الشباب هو السبب الوحيد لهجرة الشباب, فهناك أسباب أخرى أجبرت الشباب الفلسطيني على الهجرة أو التفكير في الهجرة وهي سنوات طويلة من الحصار والانقسام والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والتداعيات المترتبة على هذا الوضع وتأثيرها الاقتصادي والاجتماعي ومنها ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة, حيث تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن عدد العاطلين عن العمل في الأراضي الفلسطينية وصل إلى 336 ألف شخص في عام 2015 بواقع 143 ألف في الضفة الغربية و193 ألف شخص في قطاع غزة.
ولعل عدد العاطلين عن العمل يُظهر التفاوت الكبير في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة, إذ بلغ معدل البطالة في قطاع غزة 41% في عام 2015, مقابل 17.3% في الضفة الغربية.
واللافت للانتباه أن معدلات البطالة في صفوف الشباب للفئة العمرية 20-24 سنة سجلت أعلى معدل لها بنسبة 36.5%.
في ظل هذا الارتفاع في معدلات البطالة وخاصة في صفوف الشباب يجد الشباب أنفسهم أمام واقع صعب ومرير ابرز سمات هذا الواقع عدم وجود أي فرصة للعمل لتوفير مستلزمات الحياة الكريمة وعدم وضوح الرؤية بشأن المستقبل, لذلك يتخذ الشباب من الهجرة وسيلة للهروب من هذا الوضع الصعب والمرير, وطريقاً للوصول إلى تحقيق ذاته و هدفاً يسعى من خلاله توظيف طاقاته وإمكانياته لتأمين مستقبله الذي عجز عن تحقيقه في وطنه.
وعليه يمكن القول أن الهجرة ما هي إلا هدر للطاقات والكفاءات, وهذا الهدر له آثاره على بناء المجتمع ونمائه وعلى صحة إنسانه وعافيته النفسية, وعلى الأمن الاجتماعي.
لذلك لابد من صناع القرار الاهتمام بالشباب وإعطائهم مساحة في صناعة القرار وتمكينهم وتوفير فرص عمل لهم والاستفادة من طاقاتهم وإمكانياتهم, وإيجاد الوسائل التي تحمي شبابنا من الهجرة وتداعياتها باعتبارهم أحد أهم مقومات التنمية في المدى القصير والبعيد, فالشباب هم صانعي التنمية والتنمية أعدت من أجلهم.
بقلم/ رائد حلس