الحاجز كلمة ذات طابع امني، أصبحت من مفردات الحياة اليومية في الأراضي الفلسطيني ، حيث المعاناة اليومية والتي قد تستمر في كثير من الأحيان ساعات طويلة أمام الحواجز العسكرية الإسرائيلية والتي نصبتها إسرائيل على طول الطرق وعند بوابات المدن والقرى ، مئات من هذه الحواجز العسكرية منها ما يسمى بالحواجز الطيارة أي المؤقتة والمتنقلة ، ومنها الحواجز الثابتة والتي أصبح البعض منها وكأنها بوابات عبور من دولة إلى أخرى كما هو الحال في حاجز قلنديا ، جحيم لا يطاق تحت أشعة الشمس الحارقة صيفا ، وفي لفحات البرد القاصف شتاء يجد المواطن الفلسطيني نفسه مجبرا للوقوف من اجل انتقاله من مكان إلى آخر في بلاد من المفروض أنها بلاده وبلاد اجدادة يتنقل فيها بحرية متى شاء وكيفما أراد ، هذا من الناحية الميدانية .
لم تستمر الحواجز التي يواجهها المواطن الفلسطيني ذات طابع امني ، بل أصبح في مواجهة أنواع جديدة من الحواجز التي تصطدم بكافة مناحي حياته كما نشهده اليوم من حواجز سياسية واقتصادية وفكرية واجتماعية ، وجميعها مع الأسف مغلفة بغلاف امني ، من هذه المفاهيم نجد أنفسنا أمام مصطلح اكبر انه المصالح ، المصالح التي أصبحت ترتبط ارتباطا وثيقا بالأمن فإذا كان هناك مصالح اقتصادية وسياسية واجتماعية وفكرية الخ فهناك أيضا امن اقتصادي وامن سياسي وامن اجتماعي الخ .
إن ارتباط المصالح بالأمن انعكس على ديناميكية العلاقات الرسمية والشعبية بين الشعوب والدول ، وهذا ما نلمسه في عصرنا الحاضر في العلاقات العربية العربية ، والعلاقات الإسلامية الإسلامية ، بل وفي العلاقات الدولية ، وقد رأينا حواجز المصالح كثيرا في علاقات الاتحاد السوفيتي السابق ودول أوروبا الغربية وأمريكا ، ومن لحق بأحد الطرفين من دول العالم الثالث ، وما شهدنا بين دول اليمين العربي إذا صح لنا هذا القول أو كما قيل حينذاك الدول الرجعية ، ودول اليسار العربي او كما سميت بالدول التقدمية التحررية ، أو ما نراه في العلاقات الإسلامية الإسلامية ، كما يحدث في إطار العلاقات الإيرانية مع الدول الإسلامية والعلاقات التركية أيضا ، في خضم هذه العلاقات التي غالبا ما تقوم على المتناقضات ، تغلق السفارات ، وتتوقف الزيارات ، وتكثر حالات المنع للمواطنين من كل البلاد للدخول في هذا البلد او ذاك بحجج وذرائع أمنية ، ومجرد عود العلاقات بين الدول تتحسن حركة تنقل الشعوب بين الدول ، وما نشهده من تأثير للحركة والتنقل بين بلد وآخر ، نجد أيضا هناك تأثرا على العلاقات السياسية في المحافل الدولية ، حيث اتخاذ المواقف السياسية بناء على المصالح المختلفة ، وكذلك الأمر في العلاقات الثقافية والإعلامية إذ كثيرا ما نسمع عن إغلاق الإذاعات ومحطات التلفاز وحجب الصحف ومنع دخولها ومنع الصحفيين بل والاعتداء عليهم ، والحجة أو الذريعة جاهزة الحفاظ على امن وسلامة البلاد ، أو خطرا على الأمن القومي للبلاد .
النتيجة أن العديد من شعوب الأرض وقفت على بوابات المصالح والأمن والبعض منها ما زال ، وأولها شعبنا الفلسطيني المغلوب على أمره ، فمنذ النكبة ولجوء آلاف المواطنين الفلسطينيين إلى الدول العربية المجاورة ، جراء عمليات البطش الصهيوني التي قامت بها تلك العصابات المدججة بالسلاح وما ارتكبته من مجازر ومذابح منها ما عرف ، ومنها لم يكشف النقاب عنها إلى ألان .
إن مشكلة الفلسطيني انه يقع تحت تأثير التغير في العلاقات بين الدول خاصة الدول العربية ، فإذا مال هذا الفلسطيني إلى دولة تبنت مواقفه ورغبت في تقديم بعض العون ، غضبت من الدولة التي على نقيض الأخرى وبالتالي تصب حام غضبها على المواطن الفلسطيني الذي هو أصلا ليس له علاقة بما يدور من علاقات فما هو إلا إنسان يريد الحياة كباقي البشر .
إذا تم ضبط فلسطيني ارتكب خطأ ما أو حتى جريمة ما ، فتنطلق صواريخ وقاذفات الإعلام لتهاجم الفلسطينيين وكأنهم جميعهم من ارتكب الخطأ أو الجريمة ، لننظر إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة تضم أعدادا كبير من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية ، فإذا اكتشف عنصر فلسطيني منها تقوم الدنيا ولا تقعد على هذا الفلسطيني الذي يكون خارج سيطرة أسرته وبلاده ، وتترك العناصر من الجنسيات الأخرى التي تفوقه عددا .
اعتبرت حركة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية في كثير بعض البلاد العربية ، وبما أن حركة حماس هي جزء من حركة الإخوان وبما أن حركة حماس تسيطر على قطاع غزة فسكان قطاع غزة جميعهم أصبحوا إرهابيين في نظر بعض الحكومات العربية لماذا ؟ ولمصلحة من إلقاء صفة الإرهاب في حجر سكان قطاع غزة
اعتقد أن ما يجري من معاملة الفلسطينيين والوقوف في وجه تحركهم من والى بلادهم لا ينطوي على قضايا أمنية، وهذا مبالغ فيه كثيرا ، أنما هي لغة المصالح كما ذكرنا المصالح المغلفة بغلاف امني ، مصالح لا تعرف حدودا ، فسيدة العالم ومعها مجموعة الدول الأوروبية الصناعية والغنية ،ترعى وتطعم وتقوم بتسليح ابن مدلل تريد له أن يكون سيد المنطقة ، ولا بد له من توفير الأمن له ، وبما أن الدول العربية تربطها مصالح كثيرة مع سيدة العالم والدول الأوروبية ، فلا بد أن تفعل شيئا لإرضائهم ، ومن هو العدو الأول لهذا الابن . انه الفلسطيني ، فلا بد من الضغط على هذا الفلسطيني حتى يرضخ لما يمليه هذا الابن ، فيمنع الفلسطيني من أبناء هذا البلد من الانتقال بعد سد المنافذ والطرق ، والحجة هو الأمن . وسوف يظل سيف الأمن مسلط على رقابنا ما حيينا معبر رفح البري مغلق أمامنا لأسباب أمنية ، ولأسباب سياسية ، الأردن أوقفت تقريبا إصدار تصاريح المرور للأردن لأبناء غزة أينما كانوا ، علما بان ابن غزة لا يمكنه الوصول إلى معبر الكرامة مع الأردن إلا بعد اجتياز معبر بيت حانون "إيرز "، وهذا لا يأتي إلا بعد فحص امني إسرائيلي دقيق قد يستمر أسابيع قبل صدور الإذن وفي كثير من الأحيان يكون الرفض ، إن مواجهو هذه الظروف المأساوية إنما تقع على عاتقي حركة حماس من جهة والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى ، فحركة حماس لم تستطع إيجاد حل لهذه المعضلة طوال ثماني سنوات ، أن الأوان أن تبحث لإيجاد حلول وسريعة ، والسلطة هناك عشرات السفارات في الخارج ومن بينها سفارت في مصر والأردن ،بالإضافة إلى وزارة الخارجية ، لا بد من العمل على إيجاد مخرج وحلول ، يكفي إلى أن الفرج من الله ما علينا إلا الصبر .
أكرم أبو عمرو
3/4/2016