ثمة ما يقال بالمنظور القانوني لتوقيت اصدار الرئيس لمرسوم رئاسي يقضي بتشكيل محكمة دستورية للسلطة الفلسطينية ، فقد تم تناول هذا من قبل قانونيين ونواب تشريعي وجميعهم فند المخالفات القانونية التي احاطت بهذا القرار وعلى سبيل المثال لا الحصر النائب عن كتلة فتح البرلمانية النائب ماجد ابو شمالة بل طالب النائب باستقالة رئيس المحكمة الدستورية لمخالفاته القانونية المعلنة في الاعلام ، وقد لاقى صدور هذا المرسوم ردود فعل من الفصائل حول التوقيت والاجراء وخاصة وفي حالة الانقسام وعدم تجدد الشرعيات المنهية في الساحة الفلسطينية وكما تنص عليه اللوائح من اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية .
ولكن من المهم ان نحاول ان نستقريء ما وراء قرار الرئيس عباس المفاجيء بزرع روح الحياة لقرار تشكيل تلك المحكمة المجمد منذ عام 2006م
قد يكون من احد الاهداف الرئيسية لانبعاث هذا القرار وفي وقت تشهد فيه الساحة الفلسطينية الاضطراب والانقسام واصوات ترتفع في حركة فتح والفصائل تعارض سياسة ونهج الرئيس والتي توصف بالفشل على الصعيد الداخلي وعلى صعيد اليات مواجهة الاحتلال وما قام به الرئيس من تصريحات حول التنسيق الامني والتوافق مع رغبات الاحتلال في حصار وملاحقة نشطاء صرخة القدس مما اعتبرته القوى الفلسطينية والشعب الفلسطيني معيب ومذل للتجربة النضالية للشعب الفلسطيني ، وعندما عجز الرئيس عن مواجهة مناوئيه ومعارضية بالطرق الاعتيادية ومن مؤسسات تنفيذية ، وعندما خسر الرئيس معاركه ومواجهاته عبر القضاء وما يسمى محكمة الفساد او محكمة النقض بعدم قبول الدعوى المجهة ضد نواب في المجلس التشريعي وتحويلها لمكمة العدل للفصل في قانون الحماية والحصانة البرلمانية ، فكان محل الاستهداف النائب والقائد الفتحاوي والمعارض لسياسة ابو مازن محمد دحلان . والتي فشلت كل الالاعيب عبر القضاء وغير القضاء في تثبيت اي دعوى من دعاوي الرئيس على النائب، ولكن هل محاولة الرئيس الجديدة تاتي في نطاق عدم سيطرته الاكيدة على القضاء وبخطوتين ذات اهمية وتوجهات بتعيين نائب عام جديد ومجكمة دستورية عليا تدين بالولاء له ....؟؟؟
بالتاكيد ان الرئيس عباس يحمل عدة ملفات يريد ان يفجرها من خلال الاخ النائب العام واعضاء المحكمة الدستورية العليا بتعديل بعض البنود في النظام الاساسي والقانون الاساسي للسلطة والتي تخوله تلك التعديلات باستدعاء النواب ورفع الحصانة البرلمانية في تجاوز للنظام الاساسي المعمول به في المجلس التشريعي بل يمكن ان يلجأ الرئيس ومن خلال المحكمة الدستورية العليا لحل المجلس التشريعي في قرار تعجز فيه السلطات التنفيذية والرئيس من تحقيقه سابقا .
اما الملف الاخر ، اعتقد ان تشكيل تلك المحكمة قبل تجديد الشرعيات يعني وضع علامات استفهام كبرى حول مسيرة المصالحة المشكوك في تحقيقها الا اذا كانت بمنظومة الكونفدراليات ، وبالتالي عدم انجاز ملف الانتخابات التشريعية والرئاسية ، ومن هنا قد يلعب الرئيس بعدة اوراق من خلال المحكمة الدستورية العليا كاطروحة نائب الرئيس ومن يخلف الرئيس وما بعد مرحلة الرئيس.
اعتقد ان الرئيس ياخذ الساحة الفلسطينية لمرحلة الانفلاشات والتيه والفوضى ، بل اصبح همه في كيفية ملاحقة مناوئيه ومعارضيه في الساحة الفلسطينية ‘ فالرئيس ماض في نهجه ويدير ظهره لكل المطالبات بعملية الاصلاح والترميم الداخلي على قاعدة التوافق والاتفاق لادارة المرحلة ، بل يمضي للامام في تدمير البيت الوطني والفتحاوي وغير عابيء على ما تعكسه سلوكياته من تدمير معنوي ومادي لكل ادبيات العمل الجمعي الملتزم بادارة الصراع مع الاحتلال ، بل اصبح همه الوحيد كيف يمكن تجيير السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية لرغباته ، وما قامت به حماس بمنع تمكين اثنين من اعضاء الدسستورية من غزة كان اجراء صائبا لوقف احد مهازل السلوك النرجسي الذي يتبعه الرئيس .
سميح خلف