منذ فترة والاعلام الإسرائيلي ينقل تحريض ضباط الجيش الاسرائيلي والاستخبارات والقادة السياسيين على غزة ويطالبوا بشن عملية عسكرية جديدة بهدف اضعاف المقاومة الفلسطينية بشكل عام وحماس بشكل خاص وبالتالي ابتزاز هدنة طويلة الامد تفرض فيها إسرائيل شروطها, لم يبقي احد في اليمن الحاكم ولا حتى المعارضة ولا اليمين الغير حاكم ليبرمان الذي يناكف حكومة نتنياهو الا واوصي بتوجيه ضربة قاسمة لغزة , تعززت تلك المطالبات بعد ان اعلن الجيش الاسرائيلي اكتشاف نفق قديم على حدود غزة , وبعد العملية الاخيرة التي اعتبرها الكثيرون بداية مرحلة جديدة من الصراع واعتبرها صقور اليمن انها جاءت لتقوي وجهة نظر المحرضين على الحرب وتبطل اصوات من يطلبوا بغير ذلك , نعم العملية قد تشكل عامل ارتكاز لدعاة الهرولة للحرب في الكابينت الاسرائيلي المصغر وقد تكون وضعت اسرائيل في تصور واحد لا اكثر ولا اقل وهو مدي نجاح كل عمليات الردع الاسرائيلية للمقاومة الفلسطينية في غزة والضفة على السواء ,لذا فان السؤال التالي لهذا هل حالة الاشتباك الحالية تنذر بحرب جديدة على غزة تحاول فيها اسرائيل تحقيق جملة من الاهداف اولها ابقاء حالة الردع الاسرائيلية في احسن حال وخاصة ان حالة الاشتباك الحالي في مرحلة تعقيد الان والمشهد متدهور الى الدرجة التي قد تفضي في القريب العاجل الى تلاشي حالة الهدوء الغير مرغوب فلسطينيا في ظل الحصار الخانق والمستمر منذ تسع سنوات حتى الان .
شعبة الاستخبارات الاسرائيلية " آمان " تحدثت مؤخرا تحدث عن ثلاث سيناريوهات للوضع في غزة وامكانية نشوب مواجه جديدة اولها ان حماس يمكن ان تسعي لتغير الواقع بعملية خطف جنود خاصة وهذا اعتبرته خيار ضعيف ,والسيناريو الثاني تنفيذ القسام لهجمات عبر الاتفاق اذا ما ايقن ان كشفها بات قريبا وهذا اعتبرته الشعبة ايضا خيار ضعيف , اما الخيار القوي والمرجح هو تدحرج للأمور بشكل غير مقصود ليصل الى نقطة الا عودة على غرار ما حدث في العام 2014, اذا ما قرأنا تلك السيناريوهات جيدا نعرف ان اسرائيل بالفعل ترجح الخيار الثالث وهو الاقرب لإمكانية ان تقوم اسرائيل بتنفيذ عملية مباغتة لاغتيال احد القادة العسكرين للمقاومة في غزة بغض النظر عن تداعيات ما قد يفضي اليه الامور على الارض و خاصة انها تخشي قيام حماس بعمل ما يهدف للتغير الواقع وتحريك الاوضاع لصالحها , (اساف غيبور) مراسل الشؤن العربية لموقع "أن آر جي" العبري تساءل عن ما يمنع إسرائيل من اتخاذ القرارات المناسبة اللازمة لمواجهة مخاطر الأنفاق في غزة، ولماذا لا تذهب للحرب مع حماس بحيث تكون قادمة للقضاء عليها وليس لإضعافها فقط الا انه قال ان هناك قرار سياسي اتخذ خلال الحرب الاخيرة بعدم القضاء على حماس وابقائها حية لكن ضعيفة في غزة وهذا قد يمثل نوعا من اقرار اسرائيل بأهمية توجيه ضربة للمقاومة في غزة دون ان تفضي لحرب استنزاف طويلة او احتلال كامل للقطاع , اما المراسل العسكري لموقع "ويلا" (أمير بوغبوط) نقل عن (عاموس كوهين) قائد كتيبه الناحل المسؤولة عن الامن في حدود غزة إلى أن التهديد الحقيقي في غزة يتمثل في استعادة أي جندي إسرائيلي يتعرض للاختطاف من قبل مسلحي حماس، حيث سيقوم الجنود بملاحقة الخاطفين حتى داخل الأنفاق , وهذا قد يؤدي الى تدحرج الامور الى مواجهة كبيرة لا تريدها اسرائيل في الوقت الحالي .
قد تؤجل اسرائيل أي حرب قادمة على غزة حسب متطلبات المرحلة وحسب متطلبات اختيار التوقيت المناسب على المستوي الداخلي الإسرائيلي والمستوي الدولي ومدي تجهيز الرأي العام الدولي لذلك , لكن هناك عدة امور تحكم مدي هرولة اسرائيل لتنفيذ الضربة العسكرية لغزة ,اولها مدي نجاح الفلسطينيين في توحيد جبهتهم السياسية وقدرتهم على انهاء الانقسام ,وهناك عامل اخر وهو مدي التقدم السياسي الذي ستحرزه فرنسا في موضوع المؤتمر الدولي للسلام ومستوي الضغط الذي يمكن ان تمارسه لجنة الضغط الدولي التي سوف تشكلها فرنسا في هذا الاتجاه, واذا شعرت اسرائيل ان كافة مخططاتها فيما يتعلق في استدامة الانقسام لإخراج غزة في اللحظة المناسبة من الصراع وتجزئته قد فشلت وايضاً نجاح أي حل دولي مستقبلي قائم على اساس دولة فلسطينية مستقلة , فأنها لن تبقي على قوة المقاومة العسكرية في غزة على حالها خوفا من ان تصبح هذه القوة يوما من الايام حامية ظهر الدولة الفلسطينية القادمة, ولان اسرائيل غالبا ما تعتقد ان الحلول التي تأتي بعد الحروب افضل من تلك التي تفرضها الارادة الدولية هنا قد تهرول اسرائيل لضربة سريعة ومكثفة لغزة تختلف كليا عن سابقاتها لتقود في النهاية لهدنة طويلة الامد تكون المدخل لحل سياسي تريده اسرائيل تتوسط فيه اطراف دولية وعربية وبالتالي تسقط كل المساعي الدولية لحل الصراع على اساس حل الدولتين.
د. هاني العقاد
[email protected]