السعودية 2030 ستكون غير ...!!!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

أتذكر في منتصف ثمانينات القرن الماضي زيارات سفير ماليزيا بالرياض الدكتور مختار لنا في مكتب حركة "فتح" بالرياض، وحديثه عن نهضة ماليزيا القادمة، رغم قلة الموارد الخام المتوفرة لديها، وتعدد وتنوع التركيب السكاني لمكونات المجتمع الماليزي من المالاوي والصينيين والهنود وغيرهم، وذلك وفق رؤية رئيس الوزراء مهاتير محمد، الذي كان قد أعلن عن تصوره ورؤيته لماليزيا آنذاك ولما يجب أن تكون عليه خلال العشرين سنة القادمة من مستوى نهضوي يصل بها إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى مثل اليابان، والرقي بمستوى معيشة مواطنيها على إختلاف أصولهم، وتحقيق الرفاه الإجتماعي، والدكتور السفير مختار كان صديقاً وزميل دراسة لدولة رئيس الوزراء مهاتير محمد الذي فاز حزبه بالإنتخابات حينها وتمكن من أن يضع رؤيته لماليزيا خلال العشرين عاماً القادمة موضع التنفيذ، وبالفعل شهدت ماليزيا نقلتها النوعية في البناء والتطور والصناعة، وتحقيق الرفاه الإجتماعي لكافة مكوناتها السكانية، وتمكنت من بناء إقتصاد قوي ومتقدم، إعتماده الأول كان على الإنسان وتطوير طاقاته وإمكانياته المادية والثقافية وبناء ماليزيا الحديثة كدولة باتت تصنف من بين الدول الناهضة والمصنعة، وتحقق فائضاً مهماً في ميزانها التجاري في علاقاتها التجارية مع مختلف الدول، وبات إقتصادها جاذباً للإستثمارات الخارجية من خلال البيئة الإستثمارية الملائمة والناجحة التي وفرتها تلك الرؤية التي وضع أسسها دولة الرئيس الدكتور مهاتير محمد.

وعندما جرى الحديث في وسائل الإعلام على لسان الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي عن رؤية السعودية 2030، كان النموذج الماليزي حاضراً في ذهني، وقد ترقبت مع كل من ترقب يوم الخامس والعشرين من إبريل المنصرم موعد الإعلان عن محاور الرؤية الوطنية للسعودية، واستمعت بشوق وإهتمام لبيان مجلس الوزراء، ثم للحديث التلفزيوني الرائع لسمو الأمير الشاب والواعد لأقف على مفاصل هذه الرؤية الوطنية التي سترسم خارطة طريق لنقلة نوعية ستشهدها المملكة العربية السعودية على المستويات كافة، ما يؤدي إلى بناء إقتصادي يقوم على أساس إنتاجي متنوع متخلياً عن أحادية ((إدمان النفط)) والإقتصاد الريعي، القائم على إنتاج وتصدير المواد الخام وإنما إقتحام مجالات التنمية المختلفة، وتوظيف كافة عناصر الإنتاج من أرض ورأس مال وإنسان في عملية تحول تاريخية نحو إقتصاد عصري متطور يتجاوب وطموحات القيادة والشعب السعودي لما يجب أن تكون عليه المملكة العربية السعودية، وبما يستحقه المواطن السعودي وكذلك الوافد والمقيم في المملكة العربية السعودية من مكانة لائقة ومستوى من الرفاه.

والمملكة العربية السعودية تمتلك كافة مقومات النهوض والتحول والبناء كي تصل إلى مصاف الدول المنتجة والمصنعة في فترة وجيزة، لإمتلاكها هذه الإرادة القوية التي جاءت الرؤية معبرة عنها وعن تصميم القيادة على تحقيقها وإنجاحها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده وولي ولي العهد، وتتوفر المملكة على الإمكانيات الهائلة والعناصر والمزايا الهامة التي تختص بها والتي سيجري توظيفها وإستثمارها في إنجاز وتحقيق هذه الرؤية الوطنية للسعودية 2030، وإنني في هذه المقالة لست بصدد كيل المديح للمملكة وقيادتها التي ليست بحاجة إليه، وإنما أود التأكيد على أنه بقدر ما تتوفر العناصر المؤهلة لإنجاح هذه الرؤية وتنفيذها كما بينته تفاصيلها المعلنة، بقدر ما أود أن أؤكد على أن العملية يجب أن لا ينظر إليها بمنظار السلاسة والسهولة فقط، وإنما بمنظار العمل الجاد والتضحيات الواجبة من أجل إنجازها، ومواجهة التحديات، التي قد تعترض مسارها، سواء كانت تحديات داخلية أو خارجية، مادية أو معنوية، فلابد من الإستعداد اللازم على المستوى النفسي والثقافي والتوعوي، وعلى المستوى الإجتماعي للمواطنين والمقيمين على السواء، من أجل الإنخراط في عملية التحول والإنجاز لهذه الرؤية ولهذا الإستحقاق التاريخي الذي سيكون الكل شريك في تحقيقه وإنجازه، والتغلب على كافة العقبات التي قد تعترضه، والدولة السعودية بالتأكيد ستأخذ بالحسبان جميع هذه العقبات، وستعمل على تذليلها، وتوفير البيئة المناسبة والملائمة إقتصادياً، وثقافياً وتنظيمياً وقانونياً ما من شأنه تسهيل كافة المسارات والمسالك المؤدية إلى تحقيقها وإنجازها بأقل التضحيات، وأكبر الفوائد، للوطن وللمواطنين والمقيمين والوافدين على السواء، وبناء عليه فإن المملكة العربية السعودية 2030 سوف تكون غير ما هي عليه اليوم، وستكون قد حققت نقلتها النوعية التاريخية وأنجزت مرحلة النهوض بما يليق بها وأصبحت في مصاف الدول الصناعية المنتجة والمتقدمة، وذات إقتصاد متنوع يحقق التقدم والرفاه للدولة والمجتمع على السواء.

بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس