منذ تأسيس دولة الكيان العنصري الاسرائيلي علي انقاض شعبنا .....وضعت الدولة العبرية من قبل قادتها المؤسسين ...وحلفائها الاستراتيجيين ....علي اعتبار انها راس الحربة ....والعامل المسيطر والمتحكم بمداخل ومخارج المنطقة ....المؤمن والمؤتمن علي خيراتها ونفطها الاسود ....باعتبارها القوة الضاربة الأقوى ....والتي تستطيع ان تجبر الجميع علي الاذعان والقبول بالشروط الاسرائيلية الامريكية .
اذا ما تحققنا من الانتصارات ونتائجها .....فإنما يدلل علي نتائج غير قابلة للنقاش .....باعتبارها ثوابت وركائز اصبحت ذات قوة وردود داخل المنطقة ....لا اننا لن نجد ما يشير ويؤكد علي مثل هذه الانتصارات علي اعتبار انها وهم حقيقي ...ترتب علي لحظات ضعف ومتغيرات في معادلة السياسة الدولية غير المتوازنة ....وفي واقع عربي ضعيف و منقسم ومتناحر مع بعض قوي الاقليم .
حتي برغم الظروف المحيطة دوليا واقليميا لمثل هذه الانتصارات الا انه تم التأكد من وهمها للأسباب التالية:
اولا:المنتصر يعيش اوضاع امنة ومستقرة داخليا وخارجيا ...وهذا ما لم يتوفر لدولة الكيان منذ تأسيسها وحتي الان.
ثانيا:الامن والاستقرار لا يتوفر بفعل القوة العسكرية فقط بل يترتب وجوده وفق معادلة التوازن بالحقوق والواجبات ما بين الدول وما يمكن ان يشعر به كل مواطن من عدل وامن داخل بلده وهذا لم يتحقق بالمطلق داخل دولة الكيان .
ثالثا:كافة الحروب التي قامت بها دولة الكيان منذ تأسيسها بالعام 48 وحتي بالعام 56 اثناء العدوان الثلاثي علي مصر وقطاع غزة ...وحتي الخامس من حزيران 67 العدوان علي مصر وسوريا والاردن ...وحتي كافة المعارك التي شنتها اسرائيل علي مدن قناة السويس وما جري من ممارسات داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة وما جري بمعركة الكرامة بالعام 68 ....عملية الليطاني بالعام 78 ....وحرب لبنان عام 82 ....وما تم بعدها من حروب ضد الجنوب اللبناني وعلي قطاع غزة ....انما يدلل علي ان اسرائيل برغم تفوقها العسكري ...وقدراتها الكبيرة الا انها هزمت وبدرجات متفاوتة اذا ما تمت المقارنة بما تمتلك من مقومات القوة ....وما يقف ورائها من حليف استراتيجي ...بدليل انها لم تحقق من خلال كل هذه الحروب أي مكاسب استراتيجية ...بل علي العكس تماما زادت من مساحة العداء لها ....كما زادت من فعل المقاومة لوجودها كما واربكت كافة حساباتها العسكرية ....ووضعت نفسها بحالة غير مستقرة ...وغير قادرة علي استمرار تحديها للحقوق الفلسطينية والعربية والراي العام الدولي اعتمادا علي عنصر قوتها ومقومات قوة حليفها الاميركي الذي اصيب بانتكاسات لا حصر لها وعلي كافة الصعد .
رابعا:المنتصر الحقيقي من يستطيع فرض ارادته ....وشروطه ....والإبقاء علي كيانه مستقرا وامنا ....وهذا لم يتحقق لدولة الكيان منذ تأسيسها وحتي الان لأنها لم تستجيب للشرعية الدولية ....وللحقوق الفلسطينية ....ولم تلبي شروط التسوية حتي بحدها الأدنى .
خامسا:دولة الكيان وحليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة يعيشون ذات الازمة الاستراتيجية في حقيقة انتصاراتهم الوهمية ....فالولايات المتحدة هزمت بيفتنام ....كما هزمت ارادتها بكوبا كما هزمت بأفغانستان ....وحتي بالعراق رغم احتلاله وتقسيمه وتدميره ونهب خيراته كما هزم مخططها الشرق اوسطي الجديد بفعل ثورة 30 يونيو وما ترتب عنها وعليها من نتائج ....وحتي سوريا وصناعة القوي الارهابية بداخلها لم تستطع انهاء الدولة والجيش كما كان مخططا في مفهوم الشرق الاوسط الجديد من اسقاط الدول وانهاء الجيوش .
صورة الولايات المتحدة ....كما صورة اسرائيل ....حالة استعمارية واحدة فقدت الحد الأدنى من القدرات السياسية الخارجية المتوازنة ....اعتمادا وحيدا علي لغة القوة العسكرية التي فقدت اهميتها الاستراتيجية في ظل التغيرات في وسائل مقاومة القوي الاستعمارية .
متابعة لدولة الكيان الاسرائيلي انما يؤكد عقم سياستها ....كما فشل تجربتها ....كما هزائمها المتكررة وعدم قدرتها علي تنفيذ مخططاتها وتثبيت سياساتها ...وفرض شروطها .
اسرائيل لا زالت تعيش ازماتها دون ادني قدرة علي ايجاد الحلول لها لأنها لا زالت تعتمد لغة القوةوالاحتلال والاستيطان ....ولا تعتمد لغة السياسة الواضحة ولا تستند بمواقفها للشرعية الدولية ....ولا تجد حلولا لمعضلاتها من خلال التفاوض بل تري بالعمل العسكري قدرة اكبر علي تنفيذ ارادتها وفرض اجندتها من الجلوس علي طاولة التفاوض ....وهذا ما يتم مع الجانب الفلسطيني ....والتهرب المستمر من الالتزام بالشرعية الدولية وحتي المؤتمرات الدولية وحتي العمل علي تدويل القضية الفلسطينية ....والتمسك الدائم با لمفاوضات الثنائية علي ارضية استمرار الاستيطان وتوسعه ....وزيادة المساحات المسيطرة عليها من الاراضي الفلسطينية .
لذا فان اسرائيل تعيش بدائرة غير مستقرة ....كما وتعيش استراتيجيا مخاوف القنبلة الديمغرافية ....في ظل محيط عربي لن يقبل باستمرار حالة الجمود في ظل ممارسات اسرائيلية لا تتوقف عن المساس بالكرامة والحقوق العربية ....وحتي المساس بالمشاعر الدينية لامة كبيرة لها امكانياتها وقدراتها حتي ولو كانت معطلة وبحالة جمود مؤقت ....الا انها لن تنتظر طويلا في ظل تعنت اسرائيل وعنادها واستكبارها .
لن يسعف اسرائيل استمرار اعتمادها علي لغة القوة كما اعتمادها علي انقسام العرب ....كما اعتمادها اخيرا علي الانقسام داخل الساحة الفلسطينية ....لسبب واحد وليس اكثر... ان الحقوق لا تسقط بالتقادم ...كما ان الحقوق لا تقسم كما ان الاحتلال زائل وان اسرائيل لم تحقق انتصارات حقيقية لتجلب لها الامن والاستقرار .....بل انتصاراتها وهمية ومخادعة ....تم دفع ثمنها من قبل الجميع .
اسرائيل يجب ان تعترف بهزيمتها الاستراتيجية ....وان لا تبقي تكابر علي اوضاعها ....وان ما يجري بداخلها ....وما تتكبده من خسائر ....بفعل سياساتها ومحاولاتها الدائمة لسلب حقوق الاخريين.... كما ويؤكد انها تسير بالاتجاه الخاطئ ولم تتعلم الدروس منذ تأسيسها وقيامها علي انقاض حقوقنا وارضنا ...وانها لا زالت علي غيها ووهمها بتلقيها للهزائم الحقيقية ....والابقاء علي انتصاراتها الوهمية ....وترك احتمالات تحقيق التسوية في مهب الريح.
بقلم/ وفيق زنداح