قام رئيس وزراء دولة الاحتلال بزيارة هي الثالثة لروسيا خلال اقل من عام، الأمر الذي دعا إلى الكثير من التساؤلات عن طبيعة هذه الزيارات وما تحمله من أبعاد ومضامين خاصة في ظل العلاقة التحالفية "الحميمة" التي تربط بين روسيا وسوريا.
برغم ما يقال عن علاقات تسير في أحسن أحوالها بين روسيا ودولة الاحتلال، إلا أن ذلك يأتي على خلفية وضع سوري متأزم منذ سنوات، وزج الحليف الروسي بقواته وخاصة الجوية هناك، مما فرض وضعا مختلفا عما سبق بين سوريا وروسيا وكذلك دولة الاحتلال.
من المؤكد ان نتانياهو يدرك انه ومهما فعل فلن يستطيع ثني بوتين عن مساندة بشار أسد خاصة وان سوريا أصبحت "القلعة" الأخيرة لروسيا في المنطقة، وعليه فانه لا بد من أسباب أخرى تدفع بنتانياهو لزيارة موسكو.
ومن هذه الأسباب التأكيد لروسيا تفهم "إسرائيل" للعلاقة بين روسيا وسوريا وانها لا تسعى إلى معاداة روسيا خاصة في ظل تغير الظروف التي كانت سائدة خلال الحرب البادرة.
إضافة إلى ذلك، سعى نتانياهو لتجنب الصدام بأي شكل من الإشكال مع الروس، على غرار ما حدث مع الأتراك في حادثة إسقاط الطائرة الروسية وما تلى ذلك من تبعات.
محاولة إقناع الروس بعدم تزويد إيران بأسلحة متقدمة، أو السعي لإقناع إيران عدم تسريب تلك الأسلحة لسوريا ومن ثم إلى حزب الله الذي تعتبره "إسرائيل" العدو الأكثر خطورة وجدية.
كذلك السعي لإقناع روسيا الابتعاد عن هضبة الجولان خاصة "عسكريا" من اجل الابتعاد عن الصدام في تخومها أو أجوائها.
محاولة إرسال رسالة لبوتين ان "إسرائيل" تتفهم المصالح الروسية في المنطقة والعلاقة مع سوريا،وان ذلك لا يتنافى مع إقامة علاقات "صداقة" بين روسيا ودولة الاحتلال.
قراءة نتانياهو الجيدة للتغيرات الحادثة وتحول الدور الروسي إلى دور مهم في الأحداث على مستوى المنطقة والعالم، وانها تستعيد الدور السابق للاتحاد السوفييتي، ومن غير المصلحة في "إسرائيل" معاداة هذا القطب العالمي الصاعد.
وضع روسيا في صورة العلاقات التي تنسجها "إسرائيل" مع الدول العربية السنية وان المصلحة الروسية تستدعي ألا يكون موقفها أكثر "ملكية من الملك".
لا شك ان العلاقة الروسية "الإسرائيلية" هي في أفضل بكثير مما كانت عليه قبل سنوات خاصة على المستوى الاقتصادي والتجاري والسياحي وربما الأمني، إلا ان ذلك لن يدفع الروس للتخلي عن سوريا كحليف استراتيجي.
ربما تعمل تلك الزيارات على تجنب الصدام بين دولة الاحتلال وروسيا، إلا أنها غير قادرة على منع الروس من استكمال لعب دور رئيس في العلاقات والأحداث الدولية، خاصة في ظل وجود رئيس قوي يؤمن بان على روسيا ان تبقى دوما كقوة عظمى رافضا الدور الهامشي الذي فرضه وجود سابقه يلتسين، الذي جعل من روسيا مجرد دولة على هامش الأحداث.
رشيد شاهين
11-06-2016