إنه عصر الاستعمار الأمريكي الصهيوني يعاد إنتاجه بوسائل وأساليب جديدة، وهو يحاول أن يجد له طريقاً في فرض شروط الاستسلام والذل والمهانة على الأمة العربية، حيت تتم مكافأة دولة الاحتلال الاسرائيلي برئاسة لجنة للامم المتحدة مكلفة القضايا القانونية. والمؤسف حقا ان بعض من يسمون انفسهم دول عربية واسلامية ساهموا باعطاء المجرم شهادة حسن سلوك باعتبارها آخر دولة احتلال في العالم، تتولى المنصب الاكثر اهمية للبت في القضايا القانونية الدولية، وهي، اي اسرائيل، متهمة بإلغاء وجود الشعب الفلسطيني، وسجلها حافل بالمجازر والحروب والاستيلاء على الاراضي وخنق الفلسطينيين في اراضيهم، وصولا الى شن الحروب والاغتيالات، واستمرار احتلال الاراضي العربية المحتلة في الجولان ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا في جنوب لبنان بينما يقف قادة بعض الدول العربية موقف المتفرج عما يرتكب بحق الشعب الفلسطيني واسراه واسيراته في سجون الاحتلال الإسرائيلي، دون أن يحركوا ساكنا.
نقف اليوم لنتأمل، الزلزال الذي هزّ المجتمع الفلسطيني والأمة العربية بتولي كيان اجرامي عنصري صهيوني هيئة قانونية في الامم المتحدة ، لنتذكر صور الآلام في شريط ذاكرة النكبة، مثلما نقف اليوم لنتأمل أكثر حال الأمة العربية، في ظل الهجمة الامبريالية والصهيونية والاستعمارية والارهابية التكفيرية ، وحاجتنا لمثل هذه الوقفة اليوم، إنما تأتي لاستخلاص الدروس والعبر على طريق تجاوز الأزمة الراهنة التي تعصف بالساحة الفلسطينية من اجل انهاء الانقسام الكارثي ، ودعوة للأمة العربية للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الآن أكثر من أي وقت مضى، لما يتهدد القضية الفلسطينية والحقوقة المشروعة وخاصة حق العودة من مخاطر.
ان هذا التهالك من بعض الدول العربية على تقبيل الأعتاب الإسرائيلية ، سعيا وراء الرضا الأمريكي ، دون أن يكون هناك أي اعتبار للحقوق الفلسطينية، يؤشر على عمق الهاوية التي تردى فيها النظام الرسمي العربي ، ويوحي أن هناك نقلة خطيرة في موقف هذا النظام ، فهو لم يعد يكتفي بالحياد ، أو الصمت ، أو التفرج تجاه ما يجري للشعب الفلسطيني وحقوقه ، بل سيعلن عن انحيازه إلى جانب الموقف الإسرائيلي ، ودعمه لسياساته. وهو أمر خطير يجب أن يدفع الشعب الفلسطيني وقواه ومؤسساته السياسية إلى التنبه أكثر فأكثر إلى هذا الخطر الجديد ، وإلى التدقيق في أي موقف أو رأي أو نصيحة تصدر عن أطراف النظام الرسمي العربي، لهذا نحن نتطلع للقوى السياسية والشعبية العربية، أن تبلور موقفا أكثر جدية وفاعلية في مواجهة هذا التطور الخطير ، من حيث فضحه وإدانته ، وحشد القدرات الجماهيرية لدعم صمود الشعب الفلسطيني .
إن النموذج الفلسطيني للمقاومة، مدعومة بعمق شعبي قومي عربي، كفيل في تفعيل روح المقاومة والتصدي للمشروع الإمبريالي الأمريكي الصهيوني، الذي يحاول إعادة رسم خارطة المنطقة والعالم وفق المقاييس الأمريكية، وتغليف هجمته بشعار نشر الديمقراطية ومحاربة الإرهاب والمضيّ قدماً في تشجيع ودعم الجنرالات الصهاينة لاستكمال حرب الإبادة ضد
الشعب الفلسطيني وحصاره وتجويعه ومحاولات كسر الصمود الفلسطيني وفرض الشروط الإسرائيلية الأمريكية .
وفي ظل هذه الاوضاع نؤكد إن بارقة أمل ترافق انتفاضة الشعب الفلسطيني في انتزاع الحرية والاستقلال ، هي العودة الى الحوار الفلسطيني من اجل انهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية والعمل على ايجاد عمق شعبي عربي ، مع ما تجسده حركة التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، وهذا يعني تكثيفاً لهوية النضال الفلسطيني، وخاصة إن الشعب الفلسطيني يؤكد إصراره على تمسكه بالمقاومة المشروعة، وتمسكه بحقوقه الوطنية وفي المقدمة منها حقه في العودة إلى ديارهوأراضيه ومدنه وقراه التي هُجر منها، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
ختاما : لا بد من القول ، علينا أن نتذكر دائماً قوة الصمود الشعبي الفلسطيني، وضرورة العمل الدائم لتعميقها هذه القوة من خلال وحدة وطنية حقيقية واستراتيجية نضالية لمواجهة المشاريع الامريكية والصهيونية والاستعمارية والتي تستهدف تصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، رغم ايماننا بقدرة الشعب العربي في فلسطين على الصمود والتحدي، وحيويته واستعداده للتضحية والعطاء بغير حدود، واستجابته الطوعية للتوحد تحت راية المقاومة، والانتفاضة هذا الخيار الذي يكتب بحروف من الدم فهو أكثر وضوحاً ومعاني أكثر دلالات، وهو يمضي للوصول الى اهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة .
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي