الخطر الاستراتيجي لحزب الله على إسرائيل هل يدفع قادة الكيان الإسرائيلي لخوض غمار حرب جديدة

بقلم: علي ابوحبله

حزب الله اللبناني بوجهة نظر مسئولين إسرائيليين يشكل خطر استراتيجي يتهدد امن إسرائيل ، في حين أن الدول العربية مجتمعه لم تعدد لتهدد امن الكيان الإسرائيلي ، الصراعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تصب في صالح إسرائيل خاصة بعد احتلال العراق وتفكيك الجيش العراقي وان الصراع على سوريا يصب في صالح تعزيز نظرية الأمن الإسرائيلي

إسرائيل تعزز نظرية الأمن الإسرائيلي من خلال استغلالها لتطبيع العلاقات معها من قبل دول عربيه حيث تستغل الصراع المذهبي الطائفي الذي يشمل المنطقة وتسعى لتعزيز تحالفها مع دول عربيه معتدلة لمواجهة التمدد الإيراني ودعم إيران لقوى المقاومة والتي يتم وصفها بمحور الشر وتضم إيران وسوريه وحزب الله وفصائل فلسطينيه تصنف على أنها تشكل خطر امني يتهدد امن إسرائيل

وكان وزير الأمن الإسرائيلي الجنرال في الاحتياط موشيه (بوغي) يعالون قد هدد بأن الدولة اللبنانية ومواطنيها سيدفعون الثمن باهظاً، في حال قيام «حزب الله» بتنفيذ أي هجوم ضد إسرائيل، لافتاً إلى أنه بالنسبة إلى إسرائيل فإن حزب الله والمواطنين والدولة اللبنانية «يتحملون مسؤولية أي اعتداء على إسرائيل من قبل حزب الله، وأن الجيش الإسرائيلي سيجبي منهم الثمن».

وتابع يعالون، في كلمة ألقاها في مدينة هرتسليا شمال تل أبيب، إنه «على رغم أن حزب الله منشغل في هذه الأشهر بالقتال من أجل نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، لكن الحزب مستعد وجاهز للدخول في مواجهة مع إسرائيل بمساعدة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا». وأشار إلى أن كلاً من حزب الله وحركة حماس «مسلحان بعشرات آلاف الصواريخ من أنواع مختلفة، وعندما يصدر الأمر سيطلقانها نحو المدن والمواطنين الإسرائيليين».

وتزامنت هذه التهديدات الإسرائيلية لـ «حزب الله» ولبنان، مع استعادة أميركية للتفجير الذي استهدف سفارة الولايات المتحدة في بيروت قبل 30 عاماً. إذ اتهم وزير الخارجية جون كيري حزب الله بالتورط في التفجير، مؤكداً أن الاعتداء لم يؤثر سلباً في العلاقات بين البلدين.

وكانت السفارة الأميركية تعرضت في 18 نيسان (ابريل) 1983، إلى تفجير انتحاري بشاحنة مفخخة، أدى إلى مقتل 52 دبلوماسياً وعسكرياً وموظفاً لبنانياً، وإصابة نحو 100 آخرين بجروح.

وتبنت الهجوم على السفارة التي كانت واقعة في منطقة عين المريسة، غرب بيروت، منظمة تطلق على نفسها اسم «الجهاد الإسلامي». وكان الهجوم في حينه الأقوى ضد منشأة أميركية.

اليوت أبرامز نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي في إدارة الرئيس جورج بوش والمسئول آنذاك عن سياسات واشنطن في الشرق الأوسط سطر مقال طويل صدر عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، وكشف المقال العديد من الخبايا والخفايا والأسرار عن حرب لبنان الثانية.

وقال إنّ الإدارة الأمريكيّة لم تُشكّك في البداية، بقرار أولمرت، بالمبادرة إلى شنّ حرب على حزب الله، وكما هي الحال مع أغلب الدول الأوروبية ودول عربية، افترضنا في الإدارة الأمريكيّة أنّ الجيش الإسرائيليّ سيُوجه ضربةً سريعةً وقاسيةً إلى حزب الله، والتي كان من شأنها إضعافه في الساحة الداخلية وتعزيز حكومة السنيورة، المدعومة أمريكيًا، وكان المفترض بالحرب الإسرائيليّة على حزب الله، أنْ تُضعف التأثير الإيراني وتعزز قوة إسرائيل ومكانتها إقليميًا، على حدّ تعبيره.

وتابع: كان موقف واشنطن شبه متطابق مع الموقف الإسرائيليّ المُعلن من الحرب، وتحديدًا ما يتعلق بعدم العودة إلى الوضع القائم في لبنان الذي تشكل بعد انسحاب إسرائيل عام 2000، وتبينّ أن دولاً عربية كانت تنتظر هزيمة واضحة وحاسمة لحزب الله، فدبلوماسيون عرب، وبأعدادٍ كثيرةٍ، أيّدوا الجيش الإسرائيليّ في محادثات مغلقة، على حدّ تعبيره. وكشف عن أنّ إدارة بوش عارضت وقفًا لإطلاق النار، لأنّها أرادت ضربة قاصمة لحزب الله عبر الجيش الإسرائيليّ، وأيّ وقف سريع لإطلاق النار، كان يعني تعذر التوصل إلى تغيير فعلي في الوضع.

ولفت إلى أنّ الواقع الجديد بدأ يتضح بعد مرور أسبوعين على بدء الحرب، وعجز الجيش الإسرائيليّ عن إلحاق الهزيمة بحزب الله، بخلاف ما توقع الجميع، مُوضحًا أنّ المعضلة الرئيسية التي حالت دون تحقيق الأهداف الأمريكية، ومن بينها تحقيق وجود دولي موسع، هو رفض السنيورة ذلك، لأنّه كان خائفًا من حزب الله، وهو لم يدرك أنّ قوة كهذه كانت ستُساعده في الحفاظ على سلطته في مواجهة حزب الله. وتابع: الأسبوع الثالث من الحرب، الحل الذي حاولت الولايات المتحدة دفعه قدمًا أخذ بالتلاشي عندما تبينّ أنّه لن يكون هناك نصرٌ إسرائيلي واضح، وأنّه لم يوجَد حلفاء يساعدون في إيجاد تسوية تكون أفضل من العودة إلى الوضع القائم، كذلك فإنّ السنيورة، لخشيته من حزب الله تصرف بنحو يوحي بأنّه يعمل على حماية الحزب.

وقال أيضًا إنّ أحد أسباب فشل المخططات الأمريكيّة للحرب، هو ما اعتبرته رايس فشلاً للسياسة الإسرائيلية وفقدان الثقة بأولمرت، حيث لم يبرز أي دليل، حتى دليل واحد، على أنّه بالفعل قادر على توجيه ضربة قاسية ومهمة إلى حزب الله، حتى لو مُنح مزيداً من الوقت، هذه المسألة، تحديدًا، أكّد، هي النقطة الحاسمة التي قوضت منطق استمرار القتال.

بالمُقابل، خشيت رايس من أنْ تؤدي الحرب بعد فقدان الأمل بهزيمة حزب الله، إلى سقوط حكومة السنيورة، وهذا القلق هو الذي دفعها إلى قبول موقفه بشأن مزارع شبعا. وكشف عن أنّه في الأسبوع الثالث للحرب، بدأنا ندرك أن مقولة “الوضع لن يعود إلى ما كان عليه”، هي مقولة لن تتحقق، والنتيجة التي كانت متوقعة في حينه، أنّه لا قوة دولية كبيرة وقوية تنتشر في لبنان، إذ لا متطوعين لذلك، كما أن إسرائيل، إنْ كانت على الأرجح قد ألحقت ضررًا بحزب الله، لكن لم يكن هذا الضرر قاتلاً للحزب من ناحية عسكرية وسياسية.

وعمليًا، جزم أبرامز، كلّما طالت الحرب ونجح حزب الله في الوقوف أمام الهجمات الإسرائيلية، تعاظمت شعبيته وأسطورته. وضمن هذا الوضع، شدّدّ، بلورت رايس أفكارًا تتعلق بوقف إطلاق النار، بدت أنّها تُلبي أهداف واشنطن وتل أبيب، وقائمة على المبادئ الموجودة في القرار 1559، وهي تنص على السيادة اللبنانية الوطنية وتجريد الميليشيات من سلاحها ونشر الجيش اللبناني في الجنوب. هذه المبادئ كانت ستحظى بتوافق شامل، حتى وإنْ اعتقد كثيرون أنّها مجرد إعلان لا أكثر.

وأشار إلى أنّه في نهاية تموز، جالت رايس على أولمرت والسنيورة ونيويورك، للدفع قدمًا بالإنجاز أمام مجلس الأمن، حيث من المتوقع أنْ يتبنّى قرارًا بهذا الشأن ويدفع باتجاه إنهاء القتال. ورأى أنّ حادثة قانا، في حينه، ليل 29 ــ 30 تموز، أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين، والتقارير التي كانت ترد من إسرائيل كان مضمونها يتغير كل ساعة تقريبًا، الأمر الذي عمّق عدم ثقة رايس بأولمرت والجيش الإسرائيليّ.

وأكّد على أنّ مجزرة قانا جاءت في توقيت حساس، هو توجه رايس إلى بيروت للحصول على الموافقة على المبادئ التي قبل بها أولمرت، ومن ثم العودة إلى مجلس الأمن لإنهاء الحرب، موضحًا أنّه بالنسبة لإدارة بوش، التي تمرغت في مستنقع الحرب الفاشلة في العراق وعانت من نسب شعبية منخفضة، إنجاز كهذا كان من المفترض أن يكون ذا تأثيرٍ كبير. وخلُص إلى القول إنّ فريق رايس عاد من إسرائيل بعد لقاءٍ صعبٍ مع أولمرت، موضحًا أنّه بالنسبة لرايس، كان الهدف واضحًا: يجب وقف الحرب سريعًا، لكن هذا الهدف لم يكن واضحًا لأولمرت الذي طالب أيضًا بعشرة أيام إضافية، هذه المرّة ردّت رايس بأنّ الأمر غير ممكن، لأنّ واشنطن ستتوجه إلى مجلس الأمن خلال يومين.

لكن في النهاية حصل أولمرت على الأيام العشرة، فقرار مجلس الأمن صدر في 13 آب، على حدّ تعبيره. يُشار إلى أنّ أبرامز، هو أخر قلاع المُحافظين الجدد، ويخشى من تراجع أعداد اليهود الأمريكيين وانصهارهم في المجتمع الأمريكيّ بفعل قوى العلمانية والتزاوج المختلط، ويُطالبهم بمزيدٍ من التركيز على التعليم الديني وزيارة إسرائيل لتقوية الروابط اليهودية ومقاومة قوى الذوبان.

إسرائيل تواجه مخاطر أمنية استراتجيه كونها دولة احتلال، فمنذ قيامها لم تعرف فترة طويلة من الهدوء، ويرجع ذلك لأسباب موضوعية أهمها سعي الشعب الفلسطيني للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي.

ومع مرور الوقت تواجه إسرائيل خطرا متزيدا من التحديات الأمنية والداخلية التي تدفعها في كل عام إلى بلورة إستراتيجية أمنية تلائم التغيرات، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي.

برغم ما حققته إسرائيل في ملفات العلاقة من الدول العربية، وتفتيت دول كالعراق وسوريا، ونجاح إسرائيل في تجنيد دعم عسكري مهول من الولايات المتحدة ودول أوروبية، إلا أن إسرائيل لازالت تتحسب لانهيار أي من جبهات الشمال والجنوب

وتدرك حكومة الكيان الإسرائيلي مكامن الضعف لديها ويمكن تلخيصها .

أولا: ضعف المؤسسة السياسة الإسرائيلية: هذا الضعف يتركز في قدرات القيادة، وتشتت البنية الحزينة لصالح ما يعرف بقيادات الظاهرة.

ثانيا: انحسار قوة القيادات العسكرية الإسرائيلية، لصالح قيادات أمنية متوجسة ومترددة، وهذا ما أظهره بشكل واضح الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

ثالثا: كفاءة المقاتل الإسرائيلي: بات قدرة الجيش أحد المعضلات التي تعيق تحرك إسرائيلي ساخن برغم ما تمتلكه إسرائيل من قدرات مهولة، جنود إسرائيل منذ العام 1983 لم يحصدوا قدرة قادرة على إخضاع المقاومة الفلسطينية واللبنانية .

نظرية التوازن الاستراتيجي بين اسرائيل وحزب الله جعلت من اسرائيل تدرك ان هناك خطر استراتيجي يتهددها وان أي حرب قادمه مع حزب الله لن تكون نزهة وان هناك مخاطر تتهدد امن الجبهة الداخليه وعليه فان حكومة نتنياهو تدرك المخاطر الامنيه والارتدادات لاي حرب قادمه مع اسرائيل ،

تلويح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرا لله باستهداف حاويات غاز الأمونيا،غيرت من معادلة الردع المتبادل بين حزب الله وجيش الاحتلال الى الواجهة من جديد. وعزّز التفوّق النوعي والكمّي الذي تتمتع به إسرائيل وجيشها في مقابل لبنان وحزب الله، التساؤل عن كيفية نجاح حزب الله في تحقيق هذا المنسوب من الردع الذي وفّر مظلة حماية للبنان وهامشاً أوسع لحركة محور المقاومة على مستوى المنطقة؟

صحيح أن امتلاك القدرات المناسبة يشكل شرطاً لازماً لتحقيق الردع في مواجهة اسرائيل ، لكن أصل امتلاك هذه القدرات لا يكفي وحده لتحقيق المؤمل منها، بل لا بد من حضورها بالإجمال في وعي قادة الاحتلال وحساباتهم. كذلك ينبغي أن يدرك الاحتلال أن الطرف المقابل يملك إرادة تفعيل هذه القدرات.

وأهمية العامل الأخير أن هناك فرقاً بين امتلاك القدرات، وإرادة تفعيلها التي قد يدخل في بلورتها العديد من العوامل، منها ما يتصل بالنظرة إلى طبيعة ردّ فعل العدو وحجمه، وأولويات أخرى تستوجب معالجتها، كما هي الحال في معركة الدفاع التي يخوضها حزب الله ضد الجماعات التكفيرية والإرهابية.

وبالتالي، فإن توجيه الرسائل ضد الكيان الإسرائيلي مسألة تتطلبها حركة المتغيرات التي قد تنعكس في قراءاته وحساباته، وتدفعه إلى تقديرات خاطئة تتصل بنظرته إلى إرادة تفعيل القدرة لدى الطرف المقاوم الذي يملك القدرات. في هذا الإطار، من الصعب الفصل بين المواقف التي أطلقها السيد نصرالله، والسياقات الإقليمية التي دفعت أطرافاً عربية وإقليمية إلى التلويح بالتدخل العسكري البري في سوريا، لاحتواء تقدم الجيش السوري وحلفائه، وهي نفسها التي قد تدفع سلطات الاحتلال لدرس خياراته، لكن لمواجهة مفاعيل تعزيز محور المقاومة الذي سوف يؤدي بالضرورة إلى تعزيز موقع حزب الله في المعادلة الإقليمية إزاء إسرائيل.

من شروط الفعالية الردعية للقدرات التي يمتلكها حزب الله، أيضاً، أن يسلم الإسرائيلي بحقيقة عدم قدرته على سلب حزب الله هذه القدرات وتدميرها، أو على الأقل إدراكه أنه سيدفع أثماناً أكبر من قدرته على التحمّل وبالقياس إلى الجدوى المؤملة، خاصة أن جيش الاحتلال يتمتع بتفوّق نوعي وكمّي كبير جداً في مقابل حزب الله ولبنان.

رغم أن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي غادي أيزنكوت لم يسهب كثيراً في كلمته، في مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي، لكنه تناول الإستراتيجية التي تحدّى من خلالها حزب الله التفوّق ألاستخباري والجوي والبري للجيش الإسرائيلي.

نقطة الارتكاز في خطة حزب الله العملاتية، كما قدمها أيزنكوت، تقوم على توسيع نطاق انتشار قدراته الإستراتيجية والتكتيكية في أوسع نطاق ممكن. وهو أمر له بعدان، الأول استخباري بحيث يصعب على الاستخبارات الإحاطة بهذا الكمّ من القدرات، والثاني أنه وفّر لحزب الله الأرضية التي تسمح له بسلب قوات الاحتلال القدرة على تدمير قدراته العسكرية. وهو ما أشار إليه أيزنكوت بأن الحزب «بنى في كل قرية منظومة دفاعية ومنظومة صواريخ قوسيه وصواريخ مضادة للدروع وقيادة. والمساعي الآن لتطوير دقة هذه الصواريخ التي تطورت من 10 آلاف صاروخ إلى نحو 100 ألف صاروخ».

هكذا باتت إسرائيل تدرك بالكليات حجم قدرات حزب الله، لكن على قاعدة «إدراك الغابة من دون أن تعثر على الأشجار». ونتيجة ذلك، لم تكن هذه المعرفة كافية لتحويلها إلى حسم وانتصار يتطلبان العثور على كل منصة صاروخية وتدميرها. ويبدو من كلام أيزنكوت أن حزب الله تحدى تفوّق سلاح الجو الإسرائيلي، عبر تكتيك توسيع نطاق الانتشار والإخفاء والتضليل والتمويه... أي بما يسلب قوات الاحتلال العثور على كل أو معظم الأشجار، الأمر الذي يحد من مفاعيل التفوّق النوعي الإسرائيلي.

أيضاً، يساهم تكتيك حزب الله في الحدّ من مفاعيل التفوّق البري الإسرائيلي، الذي قد يلجأ إليه ــ نظرياً ــ في حال فشل سلاح الجو، بهدف الوصول إلى مناطق إطلاق الصواريخ. لكن الحزب بني ــ بحسب أيزنكوت أيضاً ــ منظومة دفاعية وصواريخ مضادة للدروع، مقرّاً بأن «هناك تعقيداً كبيراً جداً في البعد البري»، وموضحاً أن لدى الجيش الإسرائيلي تفوّقاً عالياً جداً في المجال البري مقابل الجيوش المعادية، لكن «هذه القدرة تتقلص في مواجهة تنظيمات تتموضع في المناطق المبنية». يضاف إلى ذلك أن امتلاك حزب الله قدرات واسعة تحت الأرض أوجد، بحسب أيزنكوت، «تعقيداً كبيراً لنا ولجيوش أخرى تواجه الإرهاب».

وبالاستناد الى ما ورد، أقرّ رئيس أركان جيش الاحتلال بأن حزب الله يشكل تحدياً لمفاهيم الجيش الأساسية التي خدمت دولة إسرائيل بشكل جيد، «الإنذار، الردع والحسم والانتصار». ومنشأ هذا التحدي يعود إلى أن حزب الله اعتمد إستراتيجية نجحت في «الحدّ من مفاعيل عناصر تفوّق الجيش الإسرائيلي، وبما يمنح مقاتلي الحزب القدرة على المناورة والبقاء».

في ضوء ذلك، لم يكن حديث أيزنكوت عن أن «القرى الشيعية تشكل مركز ثقل حزب الله» مجرد تعبير يهدف إلى القول إنها تشكل العمق الديمغرافي للحزب، بل إن مفهوم «مركز الثقل» يعبّر عن تشخيص دقيق لنقاط قوة المنظومة المعادية وضعفها، وبالتالي استهدافها عبر ضربات مباشرة. ففي النظرية الكلاسيكية، يتمثل مركز الثقل بكتلة جيش الاحتلال أو نقاط ضعف مادية أو أدائية في منظومته العملانية، يفترض أن تؤدي مهاجمتها الى إفقاده حريته في العمل الاستراتيجي وقدرته على مواصلة القتال، أو على الأقل ».

وفي ما يتعلق بحزب الله، يرى جيش الاحتلال أن نموذجه القتالي يستند إلى إخفاء مراكز الثقل العملاني، وتوزيعها عبر التحول إلى خلايا مستقلة تضيع معها معالم عموده الفقري العسكري، وهو ما يفقد العدو القدرة على توجيه ضربات قاصمة وحاسمة.

هكذا يكون حزب الله قد سلب العدو القدرة على الحسم، والأهم من ذلك، أن هذا المفهوم حاضر لدى قيادة جيش الاحتلال ، الأمر الذي ساهم في تقليص هامش الخطأ في التقدير والمغامرة بعمليات عسكرية واسعة منذ ما بعد حرب عام 2006.

في ضوء هذه الخلاصات، لم يجد قادة جيش الاحتلال أمامه سوى تبنّي وإعلان ما سمّاه «عقيدة الضاحية». وهو ما طبقته إسرائيل بصيغته القصوى في اعتداءاتها على قطاع غزة، وتحديداً خلال العدوان الأخير الذي حمل اسم «الجرف الصامد». وهدفت قيادة العدو من التلويح بعقيدة الضاحية إلى ردع حزب الله، ليس فقط عن المبادرة الابتدائية، بل أيضاً عن الرد إزاء أي اعتداءات إسرائيلية محددة. لكن مشكلة الإسرائيلي أن المقاومة راكمت قدرات صاروخية على المستويين النوعي والكمي، تطورت بموجبها قدراتها التدميرية ودقتها في الإصابة وقدرتها على الوصول إلى أي نقطة في إسرائيل. وبلغ تطور معادلة الردع المتبادل مرحلة معادلة «الامونيا ــ عقيدة الضاحية».

مع ذلك، ينبغي التأكيد على أن تلويح الأمين العام لحزب الله باستهداف منشآت الامونيا، وأي منشآت أخرى في العمق الاستراتيجي، لم يكن سوى بهدف تعزيز قدرة الردع ضد أي مغامرة إسرائيلية تستند إلى وهم إمكانية إتباع سياسة التدمير الشامل، مقابل أضرار يمكن تحملها، أي بهدف تعزيز الردع الاستراتيجي الذي يوفر مظلة حماية للبنان. وهكذا يكون حزب الله قد أنتج وعزّز قدرة ردع استراتيجي، تقوم على سلب العدو القدرة على الحسم الذي يملكه في مقابل الجيوش النظامية، وعلى صلابة وحزم القرار القيادي والالتفاف الجماهيري حولها، وعلى القدرة على إلحاق أكبر خسائر مؤلمة ممكنة بالعدو.

وتقوم هذه المعادلة على حقيقة أنه مهما تطورت القدرات العسكرية والصاروخية، إن لم تكن ضمن إستراتيجية تسلب العدو القدرة على الحسم، يمكن للعدو أن يراهن على توجيه ضربات عسكرية مفصلية تساهم في تحييدها أو الحد من مفاعيلها، كما حصل في تاريخ الصراع العربي ــ الإسرائيلي مع الجيوش النظامية

أمام هذا الواقع وفي ظل التغيرات الاقليميه والدولية والصراع الذي تشهده المنطقه وتحالفات اسرائيل مع دول عربيه ومشاركتها في الصراع على سوريا وتخوف دول عربيه من قوة وتاثير حزب الله واتهام مسؤولين سعوديين لحركة حماس والجهاد الاسلامي بانها ادوات ايران في المنطقه ، ذروة الصراع في ظل غياب أي افق للحل السياسي في سوريا ، فهل هذه التحالفات في ظل الرغبه لتغيير موازين القوى تدفع اسرائيل لشن حربها على حزب الله

قد نكون أمام متغيرات تقود المنطقة لتأجيج الصراعات والذروة في هذا المسار هي امتلاك المقاومة القدرة على إلحاق أكبر خسائر ممكنة في العمق الإسرائيلي، وامتلاك إرادة تفعيل هذه القدرة. في هذه الحالة، ستجد إسرائيل نفسها أمام جدوى محدودة، ورهان فاشل على تطويع خيارات المقاومة، وأثمان مؤلمة يمكن أن تتصاعد، وصولاً إلى أثمان لا تُطاق

فهل تتحدى إسرائيل المعادلات وتشن حربها على لبنان ظنا منها انها قد اخذت العبر من حرب تموز 2006 وان حربها هي ضمن محاولاتها لاستعادة قوة الردع والمبادره حيث فشلت في غزه 2014 ، قد نكون على موعد مع صيف وخريف ساخن يشعل نيران الصراع في المنطقة ضمن محاولات إعادة تقسيم مناطق النفوذ والتي بالفعل أن الحروب القادمة ستغير الكثير من المعادلات وتغيرات موازين القوى والتي تسبق الحلول السياسية للمنطقة حيث الاستعدادات تسير نحو الحسم العسكري.

بقلم/ علي ابوحبله