لا يمكن فصل زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لإسرائيل بمعزل عن مستجدات صراع المحاور والتحالفات الاقليميه ، وعن طبيعة الملفات التي سيناقشها وزير الخارجية في الزيارة وهل من بينها ملفات أخرى غير القضية الفلسطينية قال مساعد وزير الخارجية السابق من المؤكد أن يبحث الجانبان العلاقات الثنائية وبعض القضايا الإقليمية الأخرى في الشرق الأوسط، لكن القضية الفلسطينية هي لب وقلب الملفات التي سيناقشها شكري خلال الزيارة.
وتطرق رئيس الحكومة الإسرائيلي، ، في مستهل الجلسة الحكومية إلى الزيارة قائلا "اليوم يصل إلى إسرائيل وزير الخارجية المصري- وسنعقد لقاء في الظهر والمساء. الزيارة هامة وتدل على تغيير في العلاقات، كذلك تصريحات الرئيس المصري، السيسي، لعقد مؤتمر سلام إقليمي
وجاء في البيان الرسمي الإسرائيلي الذي نشر على صفحات التواصل الاجتماعي أن زيارة وزير الخارجية المصري لإسرائيل تكتسب أهميتها من فحوى المحادثات التي تشمل بحث العديد من الملفات المرتبطة بالجوانب السياسية في العلاقات بين البلدين والأوضاع الاقليميه مع التركيز على القضية الفلسطينية
ولا يمكن فصل الزياره عن الاتفاق التركي الاسرائيلي وشمول قطاع غزه بالاتفاق الذي تبلور بين الجانبين وكذلك جولة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في إفريقيا التي تأتي تتويجًا لمرحلة بدأت في الثمانينات، قامت الدولة العبرية خلالها باختراق الحصار الذي كان يمنعها من النفاذ إلى القارة السمراء، والمسار الإسرائيلي كان بطيئًا ولكنه متواصل.
وهنا يجب الانتباه إلى أن منظمة الوحدة الإفريقية في ذلك الوقت هي الاتحاد الإفريقي، الذي طالب نتانياهو بانضمام إسرائيل إليه كعضو مراقب، ووعده قادة الدول التي يزورها، أوغندا، كينيا، رواندا وإثيوبيا، في بيان رسمي، بالاستجابة إلى طلبه.
الملاحظ أن نتانياهو اختار عددًا من دول حوض النيل للقيام بهذه الجولة، في وقت تشهد فيه المفاوضات بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة أزمة متصاعدة، ومن المعروف، أن شركة كهرباء إسرائيل ستتولى إدارة كهرباء سد النهضة وإقامة محطات توليد الكهرباء الخاصة به، من جانب آخر يرى بعض المراقبين أن الجولة التي وصفتها إسرائيل بالتاريخية تهدف إلى حصولها على دعم البلدان الإفريقية في المحافل الدولية وخصوصًا في الأمم المتحدة.
ومن المؤكد أن هذه الأسباب وغيرها، تقف وراء جهود إسرائيل في القارة السمراء ووراء هذه الجولة، ولكن الصورة المتكاملة تبدو أكبر من ذلك بكثير، وتتعلق بالمصالح الإستراتيجية للطرفين.
إسرائيل تسعى لفتح أسواق جديدة في ظل أزمة اقتصادية عالمية وإقليمية، وتعمل من عدة عقود على فتح منطقة نفوذ سياسي واقتصادي جديدة، خصوصًا وأننا نتحدث عن قارة صاعدة، تم تصنيف سبع دول فيها في قائمة أعلى عشر دول في العالم من حيث معدلات النمو، قبل بضعة أعوام. نمو اقتصادي بحاجة ماسة اليوم لاستثمارات وتمويلات إضافية، وفي ظل الأزمة الاقتصادية، وفي هذا الشأن يرى الأفارقة في إسرائيل البوابة الرئيسية نحو أسواق المال العالمية، إلا أن ما يثير اهتمامهم الرئيسي هو الخبرات والتكنولوجيا الإسرائيلية في مجال الأمن، وتشير الأرقام إلى ارتفاع مطرد في مبيعات الأسلحة الإسرائيلية في إفريقيا والتي بلغت أكثر من مائتين وعشرين مليار دولار قبل ثلاث سنوات.
الأمر لا يقتصر بالتالي على رغبة إسرائيلية بفرض حصار سياسي أو اقتصادي على دول شمال القارة، العربية وانتزاع مناطق نفوذها السابقة أو الحصول على دعم دبلوماسي على الساحة الدولية، ولكن يبدو أن القضية أكثر عمقًا بكثير ويمكن أن تعيد رسم خريطة التوازنات في القارة.
من هنا تاتي اهمية زيارة سامح شكري وزير الخارجيه المصري لاسرائيل حيث باتت اسرائيل لاعبا اقليمي على عدة محاور اسيويه وافريقيه وان مصر باتت تشعر انها محاصره وان تطبيع العلاقات مع اسرائيل بات يحقق مصالح مصريه على حساب قضايا اخرى بفعل الوضع الداخلي المصري وضعف الاقتصاد المصري وان خروج مصر من تلك المعادله جعلها ترى في اسرائيل الاقرب لها لتحقيق مصالحها التي باتت مرتبطه باسرائيل أكثر من غيرها وفق منظور ومفهوم دول الاعتدال العربي حيث باتت إسرائيل الأقرب للمحور السعودي في صراعه مع إيران وصراعها على سوريا وحربها على اليمن .
زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى إسرائيل جاءت لتتوافق مع تصريحات تركي الفيصل مسئول المخابرات السعودي السابق وتصريحاته في اجتماع للمعارضة الايرانيه " مجاهدي خلق " في باريس وتوجيه اتهامات لحركة حماس والجهاد الإسلامي بأنهما يعملان مع إيران لنشر الفوضى في المنطقة
وان زيارة سامح شكري تأتي بعد زيارة ناجحة لرئيس حكومة الاحتلال إلى إفريقيا وخاصة دول حوض النيل والمطالبة الاثيوبيه بقبول إسرائيل عضو مراقب في منظمة الوحدة الافريقيه وما رشح عن قيام إسرائيل ببناء قاعدة في اريتريا على البحر الأحمر لمراقبه باب المندب ومضائق تيران
التمدد الإسرائيلي في إفريقيا والمصالحة مع تركيا مهدت لإسرائيل لان تكون لاعب إقليمي في المنطقة وهي شريك استراتيجي لدول إقليميه في الصراع على سوريا
إن إعطاء الزيارة زخما بالتمهيد لعودة المفاوضات وتحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين أمر يكاد مشكوك فيه في ظل إمعان حكومة المستوطنين للاستمرار بمخططها الاستيطاني ، خاصة وان اسرائيل رفضت الاعتراف بمؤتمر باريس حول القضية الفلسطينية .
وقد اكد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو على أهمية زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري واعترها دليل على تحسن العلاقات بين القاهرة وتل أبيب .
ووفقا للإذاعة الاسرائيليه ، فقد رجحت محافل سياسية أن تكون زيارة شكري للبلاد تمهيدا لزيارة يقوم بها نتنياهو للقاهرة قريبا.
وبحسب ما يرشح من معلومات حول أهمية الزيارة وتوقيتها من قبل وزير الخارجية المصري سامح شكري لإسرائيل ،فان ذلك ينبئ عن بناء علاقة استراتجيه مع إسرائيل بعد المصالحة الاسرائيليه التركية خاصة وان العلاقات بين مصر وتركيا تسير من سيء لأسوأ وان مصر تسرع الخطى للتطبيع مع إسرائيل وتمهد في ذلك للتطبيع بين إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي والذي يخشى منه أن تصبح مصر عرا ب التطبيع مع إسرائيل وهذا التحرك المصري يحمل في طياته الكثير من الغموض والتساؤلات خاصة وان مبادرة السيسي لم تحقق بعد أهدافها في جمع الفلسطينيين لإنهاء الانقسام وتوحيد الموقف الفلسطيني إذا ما كانت مصر معنية بإنجاح مبادرتها لتحريك العملية السلمية
لكن في حقيقة الواقع أن التحرك المصري له أبعاد أكثر من بحث موضوع تحريك عملية السلام وفق المتغيرات في المنطقة والحسم العسكري في سوريا وتغير موازين القوى على الأرض لصالح سوريا وحلفائها وتعثر المحادثات بين السعودية والحوثيين في الكويت والذي بات يشكل خطر على محور السعودية ومصر مما دفع مصر لهذا التحرك بحيث بتنا نخشى أن الزيارة في أهدافها ودوافعها هي ضمن تحالفات إقليميه لا تخدم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ولا حتى الأمن القومي العربي وان إسرائيل هي المستفيد الأول وفق النجاح الذي تحقق لإسرائيل في زيارة نتنياهو لإفريقيا ووفق صراع المصالح بين تركيا ومصر حيث تجني إسرائيل ثمن اتفاقها وتطبيع علاقاتها مع تركيا هذا النجاح الذي تحقق لها بزيارة سامح شكري وزير الخارجية المصري .
إن غياب ألاستراتجيه العربية لبناء موقف عربي داعم للحقوق العربية والقضية الفلسطينية وان حرف بوصلة الصراع مع إسرائيل ضمن أولوية الصراع مع إيران وحلفائها في المنطقة وان غياب استراتجيه مصريه تقود لإجماع عربي إسلامي وتفرق العرب وخلافاتهم في الصراع على سوريا وحرب اليمن وقيادة السعودية لمحور الاعتدال العربي واعتبار إسرائيل جزء من هذا التحالف يضعف الموقف العربي وتجعل من اسرائيل بوصلة العرب والسعي للتطبيع مع إسرائيل والتي تؤكدها زيارة وزير الخارجية المصري لإسرائيل التي تأتي في سياق صراع المحاور الاقليميه
بقلم/ علي ابوحبله