بعد موافقة حماس على إجراء الانتخابات البلدية وتعهدها وموافقتها على اصول الديموقراطية وصونها واحترام نتائجها كما تطالب به حماس السلطة في الضفة ، يتبادر الى الاذهان تجربة البرايمرز والتي كانت تجربة فاشلة عام 2006 في انتخابات المجلس التشريعي حيث فازت حماس بالاغلبية البرلمانية التي مكنتها من تشكيل الوزارة بعد تكليف من رئيس السلطة .
هناك قوتين متحكمتان في شطري بقايا الوطن في الضفة وغزة وكل منهما يمتلك اجهزة سيادية لفرض سلطتهما وبما تراه كلا القوتين مناسبا لصون وجودها وذاتها وحكمها على الارض ، وسئمنا من الحديث عن الوحدة الوطنية والمصالحة وسئم جمهور الشعب الفلسطيني في التحدث عن ذلك ، وقد اتى قرار مجلس الوزراء متجاوزا عن ما دار في الدوحة وغير الدوحة ، ويعتبر قرار وزارة السلطة هو اثبات وجودها الوهمي والتي سميت حكومة التوافق او حكومة اتفاق الشاطيء "" منزل اسماعيل هنية "" وبرغم موافقة حماس ما زلت ارى من العراقيل التي قد تحول اجراء الانتخابات البلدية مع تساؤل كل من طرفي ازمة الانقسام نهج محمود عباس ونهج حماس والبحث عن ضمانات باحترام كلا من الطرفين نتائج الانتخابات واتاحة المناخات المناسبة والملائمة لممارسة صلاحية الفائزين لمهامهم مع تخوف من اعادة شريط الاحداث عام 2007م في كلا من الضفة او غزة .
القانون رقم 10 والتمثيل النسبي او القوائم او البرايمرز وهذا ما سيواجه فتح ، اعتقد ولأهداف سياسية بحته قررت وزارة السلطة بإجراء الانتخابات المحلية بدون النظر على مدى استعدادات فتح لخوض تلك الانتخابات ، فتح التي تمثل رأس المعادلة الوطنية والبرنامج الوطني ، هل نحن مقبلين على فاجعة اخرى تكرس ترتيبات اقليمية واهمها المشروع التركي القطري وموافقة السلطة من تحت الطاولة على هذا المشروع...؟؟! ام فتح قادرة وواثقة من ان تحرز نتائج مشرفة في تلك الانتخابات ...؟؟؟ للإجابة على هذا التساؤل وبعودة للخلف عدة شهور عندما ادركت مصر واطراف اقليمية اخرى خطورة الانقسام الداخلي لفتح ومؤثراته على الحالة الوطنية والمركب الوطني بكل ايديولوجياته في الساحة امام قدرة حماس التنظيمية والانضباطية الداخلية والصرامة في قيادة جمهورها ومناصريها ، بالإضافة انها في فترة حكمها لقطاع غزة استطاعت تجنيد عدد لا باس فيه من ابناء فتح بحيث لا يخفى عليها شيء مما يدور بين الفتحاويين من توافقات وتفاهمات وتنافرات وخطط وبرامج وهذا يسهل عليها مواجهة فتح بالسلوك الديموقراطي وغير الديموقراطي .
قد يفرض الرئيس عباس القوائم او احداث برايمرز موجه وممنهج وهنا كالعادة يتم استبعاد الكفاءات الحركية والطاقات والواجهات التي يحترمها جمهور الشعب .... وهذا مقتل قد يكون متكررا .... فإذا ما خسرت فتح الانتخابات البلدية يعني خسرت اخر اوراقها في المجتمع المدني والسلطات المحلية .
ويبقى السؤال الملح ما هو موقف التيار الديموقراطي الاصلاحي في فتح الذي يتزعمه النائب وعضو المركزية محمد دحلان ، من توقيت مفاجئ .. وغير محسوب بدقة لدى التيار وقواعده ..... في حين ان التيار سيكون على نقيض مع نهج عباس وممثليه ونهج حماس وممثليه التي طالما نادينا بتجاوز الماضي والبحث عن معادلات جديدة من توافقيات وطنية واسلامية لمواجهة التنازلات والنهج المخيف الذي يتزعمه بل ينفرد فيه محمود عباس .
بل اشك ان ظاهرة التيار الديموقراطي الاصلاحي تتسع ولكن بشكل عشوائي وغير مرتب ومبرمج وكلها يعتمد على حب وقناعة بشخصيتين الاخ محمد دحلان والاخ سمير المشهراوي وبدون التحول من ظاهرة المجموعة او الماضي وصولا الى السعي للخطاب الوطني الذي يجمع كل الطاقات من شباب واكاديميين ومثقفين وواجهات اجتماعية أي ان يلم خطابه الحالة الوطنية بعناصرها المختلفة .
بالتاكيد ان محمود عباس لا يريد لفتح خيرا وبالتاكيد الان الايعاز لرامي الحمد الله باجراء الانتخابات البلدية في ظروف غير مواتية هو خنجر قد يكون الوداع لتسليم نهاية رئاسته للسلطة لمشروع مغاير حرصت فتح على النضال من اجل تحقيقه ولو اراد محمود عباس خيرا لفتح لا ستجاب لدعوة الرئيس السيسي والمخابرات المصرية بضرورة اعادة اللحمة الداخلية لحركة فتح بالتقاء قطبي الحركة محمد دحلان والسيد عباس ولأهمية هذا اللقاء من قوة لفتح تستطيع فيها اعادة المشروع الوطني والريادة لفتح ولكن الرئيس عباس اصر على ان تبقى فتح مجزئة مفتتة ومهمل كادرها ثقافيا وتعبويا بالإضافة الى عدة اجراءات تضرر منها الشعب الفلسطيني في غزة واكثر من تضرر منها ابناء فتح وهذا يصب لصالح حماس .
اما الضفة التي خسرت فيها فتح في اكبر الجامعات والبلديات سابقا تعلم السلطة وقيادة فتح في الضفة انها مكروهة لدى الشارع الضفي واحداث نابلس والخليل وجنين وعسكر وبلاطة هي مؤشرات على ان الشعب الفلسطيني فقد الثقة في السلطة المسؤولة عنها حركة فتح وهذا يصب لصالح حماس .
اما التيار الديموقراطي الاصلاحي فالأماني والطموحات كبيرة ...... فكم سيحقق التيار امام تعنت عباس بعدم اتمام المصالحة الداخلية ... وكم تحقق فتح عباس ...! انها كارثة ومغامرة جديدة للرئيس عباس نأمل ان نكون مخطئين انها تتوافق مع مشروع اقليمي يتناقض مع المشروع الوطني لفتح ....... والاهم الان ماذا يمكن ان يحقق التيار الديموقراطي لفتح ....؟ وكيف هل بقوائم من المستقلين وتحالفات مع قوى فلسطينية وكيف ..؟ وهل ما زال هناك متسعا من الوقت لإنجاز تلك التحالفات ..... وهل التيار قادرا على الدخول في هذه المرحلة ميدانيا .... ام خربشات .... الموقف صعب والظروف صعبة ..... وعلى قواعد التيار وبنيته التحتية ان تعلم ان الظرف غير قابل للمناكفات والصراعات والجغرافيات والحساسيات ، بل ان التيار يمثل حالة وطنية وضميرية فتح فليرتقي الجميع لهذه الاماني والطموحات .
سميح خلف