الانتخابات ...والسيناريوهات !!!

بقلم: وفيق زنداح

تجديد الشرعيات حق طبيعي ...ديمقراطي ...ووطني ....ولا يجوز الاستئثار بمواقع أبدية تحت مبررات وذرائع قد يكون لها ما يبررها بمرحلة محددة ....وغير مبررة بمراحل عديدة .
تغمرنا الفرحة بقرب قدوم الانتخابات وتجديد الشرعيات ....الا أن هذا لا يخفي المزيد من التخوفات التي تنتابنا بحكم تجربتنا الوطنية .....وما يحكم علاقاتنا الداخلية ...وعدم قدرتنا حتي الان على الوصول الي نقطة النضوج الوطني ...والوعي بروح المسئولية ....وما تتطلبه المرحلة الحساسة التي نعيشها بكل مصاعبها وتحدياتها من ضرورة تجمع القلوب.... ووحدة الارادات.... والنوايا ....وصحوة الضمير الوطني .
وحتي أكون صريحا ومباشرا فان قبول الفصائل بإجراء الانتخابات ليس نهاية المطاف ...ولا يعبر بالمجمل عن كل ما نطمح اليه ....ولا يعبر بصورة كاملة عن حسن النوايا ...وصدق التوجهات ....بل ربما في تلك الموافقات ما يعتبر في اطار التكتيك المسبق لما يمكن قوله في حالة الفشل بإجراء تلك الانتخابات ....أو حتي بحالة اجراءها وفوز قائمة أخري بنتائجها .
ما اثار لدينا بعض الشكوك في اطار التكتيكات ومحاولات التذاكي وكأننا نتكتك على بعضنا....وربما في راي البعض خسارة النتيجة ....دون أن يخسر هذا الفصيل معركته ...وكأننا ندخل معركة طاحنة عنوانها تجديد الشرعيات وممارسة الديمقراطية ....ولكن من قاعدة الخوف من نتائجها ....وما يترتب عليها من مسؤوليات ربما يفشل البعض في تحملها ...وربما بالمقابل سيتم افشال البعض الاخر من تحملها .
أقولها وبصراحة حتي وان تمت الانتخابات في زمانها المقرر .....فالخوف في قتل نتائجها وتجربتها من خلال الممارسة العملية لسبب واحد ذات علاقة بالانتخاب وضرورة وأهمية انهائها ما قبل اجراء الانتخابات ....حتي تجري تلك الانتخابات بأجواء صحيحة ...وعلى قاعدة سليمة وفي ظل سلطة واحدة ....لا ان تجري الانتخابات في ظل انقسام وتعدد للسلطات ....والا فكيف سيكون حال من سيتم انتخابهم واليات عملهم ...ومصادر تمويلهم ...ومرجعياتهم القانونية والادارية والمالية ؟؟!! .....وكيف سيكون حالهم بإمعان القانون وتنفيذه ؟؟!!....لا يعقل ان تكون نتائج الانتخابات بعكس القوة المتحكمة على الارض ....ولا يعقل أن تكون القوة المتحكمة على الارض ليست هي المتصدرة لنتائج تلك الانتخابات ....فالعلاقة جدلية ومترابطة بين من يحكم ويسيطر ...وبين من سيفوز وينفذ مصالح الناس ويقدم لهم الخدمات ...ويسهل عليهم أمور حياتهم .
فلنكن صرحاء مع أنفسنا وأن لا نحاول ان نجمل القبيح ....وأن نسير الامور بكلمات فضفاضة ....وبأوهام التمنيات التي لا تجد طريقها على أرض الواقع .
فنحن لسنا أمام قضية تجربة المشاركة .....وأن يذهب الناس للتصويت ....هذا اذا ما ذهبوا وايقنوا صدق التوجهات وما يمكن أن يتحقق لهم من نتائج وانجازات لا زالوا بانتظارها ما بعد معاناة طويلة لا زالت تشتد بأسا وضراوة بكافة تفاصيل حياتهم .
مشكلة الفصائل أنها تعتقد امتلاكها الوعي الكامل ....والقدرة على قراءة أفاق المستقبل ....واستبيان الواقع ....والتأثير الشمولي .....مع أن تجربتنا وعبر مسيرتنا تظهر من الابداعات الفردية ...الفكرية ...والثقافية ...الادارية والعلمية غير الفصائلية ما يمكن الاعتماد عليها وتصدرها للمسئولية بعيدا عن كافة الفصائل وشعاراتها ...وخيبة الامل منها .
يجب ان يدرك الجميع أن رسالة اجراء الانتخابات اذا لم تكن رسالة كاملة ....وبإجابات واضحة لكافة التساؤلات فان صناديق الاقتراع لن تكون كما يتوهم الكثيرين ...فالمسألة غير مرتبطة باختبار ارادة الناس ومشاركتهم ...ومدي حسهم الوطني ...لكنها الامل والرجاء..... أن يحدث ما بعد الانتخابات ما يمكن أن يحقق للناس الظروف الافضل .....والخدمات المنتظمة ....والجودة العالية ....والسعر الاقل ....ان تكون هناك نتائج انتخابية تشعر الناس ان من جاءت بهم صناديق الاقتراع تعبر عن طموحاتهم وارادتهم ....ولا تعبر عن حالة انتخابية محكومة بظروف موضوعية وذاتية لا علاقة لها بالإرادة الحقيقية للمواطن .
مهام البلديات والمجالس القروية مهام متعددة لها علاقة بالبيئة والصحة والنظافة كما لها علاقة بتعبيد الشوراع والطرقات ....وفتح الأسواق وتجديدها ....كما لها علاقة بتقديم الخدمات ذات الجودة العالية بمياه صالحة للشرب والاستخدام الادمي الي غيرها من الخدمات ....كما أن للبلديات والمجالس القروية عليها مسؤلية اضاعة الروائح الكريهة والحشرات ...وأن لا نبقي بهذا الاجواء التي نشتم فيها روائح كريهة ...ونلدغ طوال الليل من حشرات ربما تصل الي قتل الأطفال ....البلديات والمجالس القروية ليست مظهرا للاستبداد والاستعباد وملاحقة الساعين لرزقهم من أصحاب البسطات والعربات وغيرها دون ايجاد البدائل العملية ....يجب أن نشعر أن البلدية فيها من يستمعون للناس وشكواهم ويحققوا مطالبهم ....يجب ان يشعر المواطن أن مبني البلدية مجلس لعائلته ...ومتنفس لهمومه ...وحل مشاكله .
هناك الشي الكثير مما افتقدناه ...ولا زالنا ننتظر ونعيش الامل ....لكن الانتظار ولقد طال ...والتجربة القادمة في ظل أجواء غير مريحة مما يزيد من مساحة التخوفات باحتمالية الفشل الذريع سواء تمت الانتخابات أو لم تتم .
البلديات مرجعيتها الادارية والقانونية وزارة الحكم المحلي ....ومصادر تمويلها من الايرادات الخاصة بالخدمات المقدمة.... وبما يتقرر لها من ميزانيات وزارة الحكم المحلي ...وبما يتوفر من منح الاتحاد الاوروبي ...وقروض البنك الدولي ...وغيرها من الهيئات والمؤسسات التمويلية.
ما قبل الانقسام كان التمويل للمشاريع بصورة منتظمة ...وتم تنفيذ العشرات بل المئات من المشاريع من مدارس ومستوصفات ومباني الجامعات والطرق والشوارع وتجميل المدن ....وتشييد البنية التحتية كان هناك عملا دؤوبا وكانت كافة البلديات والمجالس تنفذ لها المشاريع حسب الاولويات من خلال المجلس الاقتصادي للتنمية والاعمار (بكدار ) والممثل عن السلطة الوطنية في تسلم المنح والقروض والمعونات والقائم على الاشراف على تنفيذ المشاريع ...وابرام التعاقدات ...والاعلان عن المناقصات .....ورسو العطاء على أحد المقاولين بشفافية عالية.... كانت تمارس داخل المجلس الاقتصادي بكدار ومشاركة فاعلة من وزارة الحكم المحلي والبلديات والمجالس القروية...وحتي الجهات المانحة أو المقرضة ..... كما كان يتم متابعة تنفيذ المشروعات حسب المراحل المخصصة ...وبحسب المواصفات المطلوبة .
مما سبق حول الية تنفيذ المشروعات التي يجب أن يعرف الجميع أن لها نظام معين ومحدد ....كما لها تحضير مسبق من خلال تخطيط علمي تشارك فيه العديد من الاطراف وبحسب الاولويات حتي يتم ادراج المشاريع بأولوياتها وأهميتها .
تجمع كل هذه الاطراف على جدول المشاريع يحتاج الي دراسة مستفيضة ...وجهد كبير ....ولا يحتاج الي تداخلات ....والي سلطات متعددة والي ممنوعات .
المسألة الأخرى أن البلديات والمجالس القروية يجب ان تحكم مناطقها ...وترسم خرائطها ...وتنفذ مشروعاتها بكل سهولة ويسر ....فهل هذا ممكن ومتاح في ظل ما هو قائم ؟؟!! .
الموافقة على اجراء الانتخابات يعتبر الخطوة الاولي على طريق الالف ميل ....ولا يعتبر نهاية المطاف ...وتوفر كافة متطلبات النجاح لأن الخوف لا زال قائما ....والامور لا زال يعتريها الغموض والالتباس ....حتي لا يسجل على أحد أنه السبب الرئيسي في افشال تلك التجربة .
الكاتب : وفيق زنداح