ثمة ارتكازات لا بد ان يفهما من يسمون انفسهم دعاة الديموقراطية ومن يروجون لها في واقع متحرك ومليء بالرمال المتحركة واستهدافات لمنطقة الشرق الاوسط وخاصة الوطن العربي وفي مشروع جديد يسمى الشرق الاوسط الجديد ومحاولة التعديل على المقسم ومنتجات الحرب العالمية الاولى وسايكس بيكو ، وما انتجته الحرب العالمية الثانية من قوى دولية وتوازنات أ فرزت واقعا جديدا في الوطن العربي وظهور الدولة الوطنية وبداية في بؤرة ومركزية الوجود والخريطة العربية ثورة 23 يوليو بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ... والتي كانت من اهم اطروحاتها الفضاء العربي الموحد من خلال فكر القومية العربية وبناء على ركائز تاريخية وحضارية ووحدة المصير العربي .
تحمل الجيش المصري والقوات المسلحة المصرية اعباء التغيير والمواجهة والاهتمام في البناء الداخلي كدعامة اساسية لتجسيد هذا الفضاء العربي وفي ظل هيمنة قوتين اساسيتين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي ، فكان الخيار للدولة الوطنية في مصر تحرير مياهها واجوائها وفضائها واقتصادها من هيمنة الراسمالية العالمية والرجعية والاقطاع ، والتعامل مع الصراع العربي الصهيوني بفرضياته ووجوده في المنطقة الذي يتنافى مع صياغة هذا الفضاء العربي وباعتبار ان وجود اسرائيل واستيلائها على فلسطين ومن خلال مفرزات الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية هو خطر داهم وملح مواجهته وتهديدا للوجود العربي ووحدته بل لوجود الدولة الوطنية .
تحمل الجيش المصري والقوات المسلحة المصرية بمسؤلية تاريخية قرار الحرب والسلام وقرار البناء الداخلي بالاشراف المباشر على الصناعات العملاقة مثل الحديد والصلب والاسمدة الكيماوية والسد العالي والاستصلاح والري والمنسوجات والصناعات الحربية والمجمعات التجارية العملاقة ، وفي نفس الوقت لم ينسى ولم يتغافل عن دوره في حماية الوطن من خلال التجهيزات المستمرة لمواجهات مع اسرائيل واوروبا العجوز التي كانت قد تبحث عن مصالحها المفقودة في المنطقة ومن خلال عدوان 1956م وعدوان 1967م ومعركة اكتوبر التي حررت القناة وشرق سيناء ، معركة وصفها العسكريون والمراكز الاستراتيجية بانها معركة المعجزة التي تحققت بنصر القوات المسلحة المصرية التي اعادت لمصر قوتها ووجودها العميق وهي الدولة الوطنية التي لا يمكن تجاوزها في المنطقة .
كان لابد من تلك المقدمة والتجربة المصرية للدولة الوطنية التي ما زالت راسخة وصامدة امام استهدافات لوجودها والتي بدأت تلك الاستهدافات بشكل صريح وواضح باستهداف الاجنحة الاقليمية للعمق التي تمثله مصر كدولة في تونس وليبيا وسوريا واليمن واحداث انهيارات في تلك الدول وبالمناسبة هي تلك الدول التي تفجرت فيها الثورات بعد ثورة يوليو في مصر وبما اطلق عليه الربيع العربي حيث لا نستطيع ان نقول ان تلك الدول ستكون هي نفس الدول ما قبل غزو العراق وما قبل 2011م حيث قسمت تلك الدول الى فبائل ومذاهب ومناطق تحكمها العرقية ومن ثم تحولت لدول فاشلة تتنازعها نزعات الانفصال الداخلي عن مكونها الاصلي ......
كان الاستهداف الاستراتيجي لمصر هو عمق التامر على الدولة الوطنية ... ومن خلال لغة الاصلاح والتغيير والعدالة وما شابه ذلك ليتبين ان النزعات الحزبية هي اكثر تدميرا للمكون المجتمعي وللسلم الاجتماعي ، فلا نعتقد ان الديموقراطية لا يمكن ممارستها بالشكل الصحيح في شعوب تتعرض لتحديات ومؤامرات خارجية تستهدف عمق المكون المجتمعي والاقتصادي للشعوب ، وربما هذه الديموقراطية والممارسات الحزبية ومصالحها واهوائها تتعارض بالشكل المطلق مع وحدة الشعب وقواه في مواجهة التحديات بل تزيد المجتمع تشرذما ونفصالا ذاتيا عن الكل الوطني ومستوجباته .
اذا على مدار تاريخ الدولة الوطنية في مصر تتحمل فيها القوات المسلحة المصرية عبء المرحلة وصعوبتها للحفاظ على الدولة الوطنية من الانهيار امام مؤامرات شتى خارجية وداخلية وفي مقدمتها قوى الارهاب واعوانهم هذه الظاهرة التي تزايدت مع ظهور ما يسمى الربيع العربي والديموقراطية التي تريد ان تفرضها الدول الكبرى والمتنفذين في العالم على مصر ودول المنطقة لتجزئة المجزء .
هم هؤلاء المنتقدون للجيش المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تدفعهم اهواؤهم الحزبية والتي لا تعبر الا عن مصالحهم ومصالح مكوناتهم الحزبية وفي تناقض مع مصلحة الكل الوطني ..... ودور مصر ووجودها وتاريخها ومركزيتها وفي كل الاحوال هم في خندق منافي للجمع الوطني ..... نعم فل تتحمل القوات المسلحة المصرية المسؤلية عن استقرار مصر ووحدة اراضيها وسيادتها والحفاظ عليها فالتهديد ما زال قائما والاستهداف ما زال قائما ...... ولذلك مسؤلية القوات المسلحة من المسمار لرغيف الخبز واجب وطني في هذه المرحلة ... فالمنطقة ترسم فيها خرائط جديدة وكيانيات جديدة ...... ولا ننسى ان من اهم اهداف ما يسمى الربيع العربي تدمير الجيوش الوطنية وخلق عصابات مسلحة هنا وهناك ..... فواجب القوات المسلحة المصرية وهي الامل والجيش القوي الذي تحدى مارب انهياره .....فمصر باقية بجيشها ووطنيتها وهذه المسؤلية التاريخية التي تحملها الرئيس السيسي والقوات المسلحة ... ولتحيا مصر بجيشها وشعبها وارضها وسمائها
بقلم/ سميح خلف