الفكر العربي بين الواقع ....والمأمول.

بقلم: وفيق زنداح

برغم عظمة الحضارة والثقافة العربية عبر العصور الماضية ...الا أن التاريخ الحديث لم يسلم من التراجع وحملات التشويهات والمزايدات وثقافة الهدم التي استبدلت عن ثقافة البناء ....والتي لا تأتي في اطار صراع الحضارات والثقافات.....بل تأتي في اطار صراع المصالح حتي داخل الاوطان وشعوبها .
ما يجري في تاريخنا الحديث أكثر من مفهوم الصراع القائم على أسس حضارية تاريخية ثقافية علمية فكرية .....لكنه يأتي في اطار صراع المصالح والذاتية العالية والافراط اللامتناهي لغلبة المصالح الضيقة على مصالح الوطن والاوطان .....مصالح الاقلية على مصالح الاغلبية المتعقلة والمتوازنة..... والتي لا تقبل بقانون الصراعات واحتدامه في ظل جهل وتجاهل الاقلية لقانون المصالح العامة .
التاريخ البشري والانساني والذي لا يستطيع أن يتجاهل التاريخ العربي ومجمل مساهماته الحضارية ....الفكرية ...الثقافية ....والعلمية على واقع النهضة الانسانية وحضارتها عبر عصور وتواريخ متتابعة ......فالأصل في الاختراعات والاكتشافات والابتكارات بمعظمها والتي تخدم البشرية حتي يومنا هذا أساسها الفكر العربي ....والانسان العربي ....لكننا نحن العرب اليوم نفتقد الي مخرجات تحفظ لنا مكانتنا .....من خلال مدخلات تسئ لنا وتعزز النظرة التشاؤمية حولنا ...وتقلل من أهمية محطات تاريخية كانت محل فخر واعتزاز بأمتنا لأسباب عديدة ....ومنطلقات متعددة ....أقلها قلة قليلة تسمم أجوائنا ....وتثير المخاوف بداخلنا ...وتزيد من احباطاتنا ....وقتل الآمال لدينا.... في ظل أجواء مسمومة ...وتشويهات مدروسة ....ومزايدات وتصيدات طالت كبارنا قبل صغارنا ....كما طالت من أمتنا قبل أقطارنا ....كما طالت الرئيس قبل المرؤوس .
استهدافات متتالية ....ونوايا خبيثة ....لا طائل منها ولا هدف ....الا المزيد من التفتيت والتشتيت ....وزرع الهوان والضعف في نفوس ابناء الامة .....وقطع الطريق أمامهم صوب مستقبل أفضل .
العالم الذي حولنا لا يلعب معنا ....وبالتأكيد لا يحب أن يري أننا نتقدم ....لأننا اذا ما تقدمنا زدنا من ثقافة انتاجنا ...وقللنا من ثقافة استهلاكنا ....زدنا من ارادتنا وصلابتها ...وقللنا من عيوبنا ...وثقافة هدمنا لأنفسنا ....العالم لا يلعب معنا من خلال الالعاب المسلية التي صنعها لنا لإضاعة المزيد من الوقت لدينا..... وملئ الفراغ من خلال المزيد من الضياع والتوهان واطلاق الشائعات والتشويهات واطلاق الاكاذيب والافتراءات ....ونشر الاحباطات واضاعة وهدم العزائم وتفتيتها .....وتراجع النخوة والشهامة ....واحلال المصالح والانانية والذاتية المفرطة التي تبدو مسيطرة على فكر وثقافة وسلوك الكثيرين .
محصلة الانتاج العربي ...وعلى كافة الصعد والمستويات تضعف والي حد كبير وبكافة مجالات الحياة ليس لقصور مادي ....وانما لقصور ذاتي ...ثقافي ...فكري ....اداري ....تم استبداله واحلاله بمصالح ذاتية أنانية ....وكراهية مقيتة ...وأحقاد مصنعة فرضت نفسها بفعل عوامل الاحباط واليأس .....وجعلت من مكانها المصنع محل تقييم انساني .....اجتماعي ....سياسي ...ثقافي لهذا البلد أو ذاك وحتي لهذا الشخص أو ذاك .
لقد اختلط موروثنا الثقافي والاخلاقي والانساني بما تم توارثه من غيرنا من عيوب وأخطاء وسلبيات جعلت من العيب فضيلة ....ومن الاكاذيب نصيحة ....ومن السرقة شطارة ....ومن التزوير فهلوه...... ومن الحقد والكراهية ذكاء ودهاء ...بل حتي خطف ما بأيديك وكأنها الذكاء المفرط الذي لا يمتلكه الكثيرين .
الاصالة والاصول ...والتربية وحسن الخلق أصبحوا في ظلمة الليل ....وفي جنبات الطرق ...وعبر الالسنة ...وليس داخل القلوب والافعال .
نحن ابناء فلسطين من أكثر شعوب الارض استهدافا وتشويها ...ابتزازا وتصيدا ومزايدة ....من عدونا المحتل لأرضنا .....وحتي من أبناء جلدتنا ....أبناء أمتنا وثقافتنا وديننا الذين يمارسون علينا بقسوة قلوبهم .....ما لا يجب ممارسته حيث اصبح ما يمارس علينا يؤذي صورتنا ....ويشوه سمعتنا .....ويمس بكرامتنا ....تشويهات وشائعات طالتنا منذ نكبتنا ....وفي ابان ثورتنا ....وحتي في ظل انتفاضتنا ...وحتي في ظل سلطتنا الوطنية حملات دعائية مبرمجة ...منظمة تستهدف قاماتنا .....وحتي رئيس دولتنا ....في محاولة يائسة بائسة لزعزعة الثقة بيننا ......وزرع خيبات الامل بنفوسنا ....واحداث التراجعات على صورتنا ...وارباك خطواتنا صوب تحقيق أهدافنا .
حملات مؤسفة لا يدرك خطورتها ومخاطرها على أجيالنا عندما نفشل بعضنا ....ونضعف من أنفسنا.... ونشتت من جهودنا وطاقاتنا ....ونفشل كل تجربة لنا ....كلما حاولنا أن نجمل من صورتنا ....وأن نعيد صياغة خطابنا .....الي كل من حولنا أننا الاحق بهذه الحرية الغائبة ....كما أننا أحق بهذه الارض المسلوبة ....كما اننا الأحق بهذه القدس المختطفة .
لا نجيد القراءة ...ولا نجيد الحساب ...ولا نجيد معرفة النتائج والكوارث المترتبة على ما تصنعه أيادينا ....حتي اصبحنا مادة للتسلية.... والضحك المبكي ....ليس من المتابعين لنا بل منا نحن أهل النكبة..... التي لا تريد أن تفارقنا .
الكاتب : وفيق زنداح